العرض في الرئيسةفضاء حر

مواجهة الاحتجاجات بالقمع يرفع سقف المطالب

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

الاحتجاجات تبدأ مطلبية و حقوقية و عندما تواجهها السلطات بالقمع و الغطرسة كما يحدث الآن مع النقابيين في صنعاء لا تحل المشكلة رغم توهم السلطة أنها أخمدت الصوت المطالب و أرغمته على ما تريد..

تظل تلك المطالب تظهر و تخبو، حتى تأتي اللحظة و يرتفع سقف المطالب حتى تغدو مطالبة بإسقاط منظومة الفساد، ثم تصير سياسية، و تصير المطالبة باسقاط منظومة الحكم من الرأس إلى الساس لحوحة و ملجئه .. و ما كانت المطالب لتبلغ هذا المبلغ لولا غرور السلطة و القمع و نفاق و مزايدة الأجهزة الأمنية التي تحاول أن تتقرب و تتزلف للصف القيادي الأول في هرم السلطة بالكذب و المبالغة بالقمع..

(2)

كانت مطالب الجنوبيين في بداية الأمر حقوقية و مطلبية، غير أن السلطة كانت مغرورة بالقوة و القمع و الثقة الخادعة .. فتحولت المطالب الحقوقية إلى مطالب و احتجاجات سياسية، و ترافق ذلك مع قمع و نهب و فساد و إقصاء للجنوب، ليقابله حراك انفصالي ظل يكبر و يشتد، و يتحول بفعل القمع و التضييق و التسلط، و هشاشة قياداته و خواءها، إلى حراك في جله عدمي و عنصري و مشبع بالكراهية، و وجد القادم المحتل ضالته فيه، و وظفه كحامل سياسي لصالح أطماعه و أجنداته .. و ما كان هذا ليحدث لو كانت السلطة آنذاك قد تعاطت أمام تلك المطالب بمسؤولية و حكمة و عدالة..

و ينطبق هذا أيضا على الحركة الحوثية التي بدأت بمطالب حقوقية، تم مواجهتها دون حكمة بستة حروب، لتنتهي بجائحة تنتقم من كل شيء و أوله من سلبية المجتمع حال ما كانت تعيشه من مظلومية، ثم قامرت بالوطن هي و غيرها من قيادات القوى و الأحزاب التي حاولت الاستقواء بالخارج، و ساهمت في خلق مبررات التدخل الأجنبي السافر و المعلن، و الكارثة أنها تحاول اليوم ابتلاع المجتمع بأيدولوجيتها، و فرض تفاصيلها على كينونته و تفاصيل حياته، بالغلبة و القوة و السطوة، و أوغلت في الفساد و القمع، و تحاول أن تلغي بالغلبة كل مظاهر و معالم الدولة و المدنية و الإدارة و المواطنة في المحافظات الخاضعة لها..

و اليوم صارت كل الأطراف تنتج وعيا مشوها و اقصائيا يمزق المجتمع، و يفتته، و يشعل الكراهية بكل وجوهها الدميمة، و يسترخص الدماء، و يزهق الأرواح، و يعيث في الأرض فسادا و توحشا و دمارا .. و صارت تلك الأطراف تدعي أنها أقل قبحا و قمعا و دمامة من بعض، فيما نحن صرنا نرى أن الفرق بينهن يضيق و يتشابه..

ثم تدرك قيادة السلطة الخطر المحدق عليها، و تقدم التنازلات و التوسلات، و يكون الوقت قد نفذ، و موعد استحقاق اسقاط السلطة قد بدأ أو حان موعده، و تكون الاحتقانات قد بلغت أشدها هنا و هناك، و لم تعد تفيد أو تجدي صاحبها تلك التنازلات و التوسلات، فيسقط ما كان يظن أنه عصي عن الاسقاط أو يعتقد أن سقوطه مستحيل..

(3)

اليوم صارت الاحتجاجات و الفعاليات و العمل المدني في المجمل ممنوعا و محرما إن تعارض مع مصالح و فساد سلطات الأمر الواقع في صنعاء أو عدن أو تعز أو مأرب أو غيرها .. و بعضها صارت تقمع النقابات و المواطنين على نحو غير مسبوق، بل بعض السلطات مثل صنعاء باتت تتطلع إلى أن تمنع عنهم حتى حق اصدار بيان نقابي أو حقوقي أو بيان مطالبة، و هو ما يعني ردة صادمة و كبيرة، نحو الاستبداد و الاستفراد و الإقصاء و الفوضى..

توحش النهب و الفساد ليطول كل شيء .. نهب النفط و الثروة و الرواتب و الموارد و الأرضي، و انتشرت العصابات و المافيات من كل نوع, و طال الفساد حتى المنظمات الدولية التي يفترض أنها جاءت لتساعد أو تخفف عن الشعب اليمني الجوع و الفقر و المرض و مآسي الحرب..

أما الانتهاكات فقد بلغت حد غير مسبوق .. القتل خارج القانون، و التعذيب المريع، و قيد الحرية الطويل للأبرياء بتهم كاذبة، و مبررات واهية كالاشتباه، و أيضا نسف المنازل، و مصادرة الأموال و الحقوق دون قانون أو قضاء، بل جرى تسيس و تحزيب كل شيء له علاقة بالقانون أو الدستور أو المؤسسات، من قبل سلطات الأمر الواقع هنا أو هناك..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى