العرض في الرئيسةفضاء حر

اليمن .. للحرب صورها المُوحشة

يمنات

صلاح السقلدي

الحربُ العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية باليمن والمستمرة منذ قرابة خمسة أعوام بدأتْ تلقي بظلالها الكئيبة على كل الصُـعُــد والمجالات، وتنال بشكل مباشر وكارثي من حياة المواطن العادي في الشمال والجنوب على السواء.

الحياة المعيشية والصحية والخدمية كان وما زال لها النصيب الأوفر من المعناة والبؤس، بعد أن أضحت البلاد أشبه بخرابة وأطلال موحشة تتخطفها أنياب الفوضى الداخلية والأطماع الخارجية وتنهش جثمانها المسجّــى مخالب الفساد المالي والاداري المسنود والمدعوم خليجيا. ففي مدينة عدن الجنوبية التي يُــقال أنها عاصمة اليمن المؤقتة شهدت هطول أمطار ليست بغزيرة ولكنها كشفت عن حجم  هشاشة الوضع الخدمي، وماطت اللثام بشكل سافر عن مدى اتساع قُــطر دائرة الفساد والتسيب الذين يضربان بقوة صميم المؤسسات الرسمية، وفضحت أكذوبة وجودة الدولة اليمنية المزعومة سلطة وحكومة الرئيس هادي وشرعيته الهلامية الفاسدة التي يتحدث هذا التحالف عن انجازاتها، ويقول أنه يدعمها بالمليارات ويمدها بالخدمات والمعونات.

فمجرد زخة مطر خفيفة اضحت المدينة في ظلامٍ دامس, والطرقات مستنقعات آسنة, ومياه الشرب مقطوعة عن كل أحياء المدينة، وأعمدة الكهرباء تتساقط تباعا وعلى كل ناصية وشارع، ومحطات المحروقات خالية على عروشها والأمراض تتفتك بكل البسطاء والمسحوقين من عوام الناس. فيما المسئولون إما نياما منذ شهر رمضان أو خارج البلاد في عواصم الخليج والشرق الأوسط وأوروبا يطمئنون على حساباتهم البنكية التي تغدق عليهم بها السعودية وتشتري بها ذممهم ومواقفهم ووطنيتهم فيما تكتفي السعودية بتوزيع سلال الصدقات والحسنات من عُـلبة الفاصوليا وكليو تمر أمام كاميرات التصوير وعلى شاشات قناتّــي: الحدث والعربية، في واحدة من ابشع أنواع المنّ، وأقبح صور الإذلال، في وقت تكدس اسلحتها بكميات مهولة في محافظة المهرة الساحلية وتشرع منذ عامين بإنشاء موانئ لنفطها الذي تخطط لتمريره عبر الارضي اليمنية صوب اسواق النفط العالمية في انتهاك صارخ للسيادة اليمنية مستغلة خنوع السلطة اليمنية المعترف بها والتي تسمى جزافا بـــ”الشرعية” وضعف رئيسها وعمالة قواها الحزبية وشخصياتها السياسية المتكسبة من المال السعودي.

هذا ناهيك عن الفوضى العارمة التي تكتسح المجال الأمني بعموم البلاد بعد أن استطاعت السعودية بأموالها الهائلة – مستغلة حالة الفقر- من تدمير ومسخ ما تبقى من مؤسسات رسمية والاستعاضة عنها بجماعات متشددة وكيانات حزبية وجهوية وشخصيات ارتزاق تدير فوضويتها وأموالها من فنادق الخليجي الوثيرة ليتسنى لها سهولة التحكم باليمن – شمالا وجنوبا- وتطويعه خدمة للأطماع والمخططات السعودية.

يأتي هذا في وقت ما تزال فيها التسوية السياسية غائبة تماما عن عمد إنفاذا للمصالح الاقليمية والغربية – والمصالح الأمريكية – على وجه التحديد، بعد أن وجدت واشنطن في هذه الحرب ضالتها المالية المنشودة كسوق سلاح رائجة تشفط من خلالها خزائن المال الخليجي على شكل صفقات أسلحة وابتزاز أسمه: “حماية أمريكية”. الى درجة أن أصاب أمريكا ورئيسها رجُــل الأعمال الثري دونالد ترامب حالة هلع شديدة حين تحرك مجلس الشيوخ والنواب هناك لوقف المشاركة الأمريكية بهذه الحرب، مما دعاه الى  استخدام حق الفيتو لإبطال تلك الخطوة لمعرفته مدى أهمية هذه الحرب بالنسبة للخزانة الأمريكية، بالتوازي مع تسخين واشنطن لمنطقة الشرق الأوسط برمتها وجعل المنطقة العربية ومنطقة الخليج بالذات في حالة توتر  واستنفار مستمرين، بعد أن استطاعت واشنطن أن تجعل من “إيران فوبيا” حالة مرضية مستحكمة بالعقل السياسي الخليجي ليسهل حلب البقرة الخليجية وتحقيق المصالح الإسرائيلية بشكل تام ودائم وتمرير بالتالي المؤامرة الكبرى “صفقة القرن” وتمكين إسرائيل ليس فقط من طمس القضية الفلسطينية والقدس الشريف على وجه الخصوص بل والسيطرة على المنطقة برمتها بمساعدة ودعم بعض أنظمة الحرب العربية الخانعة التي تخطب ود الولايات المتحدة ورضائها من البوابة الإسرائيلية بذريعة التهديد الإيراني وهي أي هذه الأنظمة التي لا تحتاج الى مبرر لهكذا خنوع وسقوط، كونها ظلت أدوات رخيصة وطيعة بيد حكام واشنطن منذ كانت إيران الشاة تدور بالفَـلَك الأمريكي الصهيوني وحليفة وَدودة لهذه الأنظمة قبل وأثناء احتلال الجزر الإماراتية، وقبل وبعد احتلال اسرائيل أراضي الجولان السورية, وهي الأرضي التي أعلنها ترامب مؤخرا أرض اسرائيلية دون أن تهتز لهذه الأنظمة شعرة أو تعتبر اسرائيل عدو يستحق عاصفة حزمية أو ناتو عربي، بل أن أحد الوزراء الخليجيون اعتبر الجولان أرض اسرائيلية يعطي لتل ابيب الحق أن تدافع عن نفسها من صواريخ العدوان السوري الإيراني.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى