تغاريد غير مشفرة (227) .. المهاجرون الافارقة إلى اليمن
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
مركز إيواء لـ 100 ألف أفريقي في إب “مقابل 20 مليون دولار تمنح من الهجرة الدولية ” دون أن نعلم أو يعلم شعبنا أو حتى السلطة المحلية في محافظة إب شيئا مما خطط له و يجري تنفيذه..
في اليمن تأتي كثير من الوقائع صادمة دون مقدمات..
و لكنها في الحقيقة هي نتاج مفاوضات سرية مسنودة دوليا بل و بمشاركة دولية طرفها الأول الأمم المتحدة، هذه المنظمة التي تريبنا أفعالها إلى حد بعيد، و نشعر أنها تنفذ مخططات و أجندات دولية على حساب أوطاننا..
أطراف الحرب لا نسمع منها إلا الصمت و التوافق و التواطؤ، أما نحن فنعتقد أن ما يجري أكثر من خطير و مريب، و يتم مدارة و إخفاء للأهداف و الأجندات، و لا نعلم بها و بأبعادها، وسنتفاجأ بمخرجاتها و نتائجها الأكثر من صادمة في المستقبل..
و يظل السؤال الكبير:
ماذا يحدث..؟!
ماذا يخطط لليمن أن يكون
اليمن إلى أين..؟!
هل ستبقي لنا أطراف الحرب و الصراع بقايا يمن أم لا..؟!
(2)
عين صنعاء على حكم ما أمكن من اليمن، و العين الأخرى على المال، نقطتا ضعف صنعاء و قد فطنها اللاعبون الكبار و الصغار، أما الأطراف الأخرى فهي جزء من المشروع الجاري تنفيذه، و هي لا تكترث و لا تتردد بتنفيذ ما يطلبه “الرعاة”، و لا تستطيع أن تقول لهم لا في وجوههم و لو برمش العين..
هل سمعتم عن هجرة بهذا الحجم (مائة ألف نسمة) ـ و ربما ما خفي كان أعظم ـ يأتون من بلاد تنعم بالسلام و تكون وجهتهم اليمن التي تشهد حروب كارثية متعددة، لا حرب واحدة…؟!!
لماذا لا يتم إيواء هؤلاء المائة ألف شخص في أوطانهم أو بعض منها، أو غيرها من البلدان المستقرة والعامرة بالسلام في الجوار، أو جوار الجوار، بدلا من حشدهم إلى اليمن، بل إلى محافظة إب قلب اليمن .. إب التي اختارتها الدولة الصليحية أن تكون لليمن عاصمة..؟!!
هل سمعتم عن هجرات تمت من بلدان مستقرة و آمنة إلى بلاد يشهد حرائق و حروب ضروسة و واسعة و متعددة .. ماذا تخطط منظمة الأمم المتحدة التي باتت مخيفة، و هي تفاوض و تقايض و تدير و ترعي مصالح الكبار في اليمن و العالم..؟!
ما يحدث في اليمن أمر مخيف، و ربما يكون في المستقبل مريعا و كارثيا ـ فوق ما هو اليوم كارثيا و مرعبا.
و السؤال الذي لم يسأله المتحاربون اليمنيون إلى اليوم، بل و لا يريدون إيقاظه هو: اليمن إلى أين..؟!
(3)
ثمانون ألف مواطن هجرتهم الحرب من مديرية حرض بعد أن أعتبرها التحالف السعودي الإماراتي المحتل منطقة عسكرية .. زرت بيوتهم و أطلالهم و مأساتهم و بقايا أحلامهم في العام 2016 .. نزحوا إلى بقايا وطن في طريقه للتحلل، و كثيرا منهم باتوا يتسولون كل شيء .. ماذا صنعت لهم منظمة الهجرة الدولية..؟!
و هناك أكثر من ثلاثة ملايين يمني هجّرتهم الحرب من مناطقهم و قراهم .. ماذا صنعت لهم الأمم المتحدة و منظماتها و مكاتبها، أكثر من استغلالهم على نحو بشع، و الاستفادة من مأساتهم في تجميع الأموال و الاستئثار بتسعة أعشار منها.
مخططات الدول الكبرى و مصالحها هي في إشعال الحروب و استمرارها و استغلالها، حتى يأتي موعد الحصاد، فتكرس واقع الحرب، و تبدأ تطل الأجندات و الأهداف و المصالح و الأطماع كرؤوس الشياطين، و تتلاشى الأوطان التي تجري الحرب عليها كخيط دخان..
و اليوم ما هو معلن ربما أقل بكثير مما لم يُعلن، و ما هو مُعلن ربما ما هو إلا مرحلة أولى من مراحل شتّى، لاسيما أن الصفقات السرية التي مرت على أوطاننا أكثر بكثير مما يتم إعلانه، و هكذا تفاجئنا النتائج الصاعقة و الصادمة على الأرض، و ما هجرة أو تهجير مائة ألف نسمة و إيواءهم في إب مقابل عشرون مليون دولار إلا مفردة من مفردات التآمر الكثيرة التي تستهدف اليمن شعبا و أرضا و سيادة و استقلال و مستقبل، و تتم للأسف بالمشاركة و التعاون أو التواطؤ مع أطراف الحرب اليمنية..
لذلك لم يبق أمام الشعب إلا مقاومتها و التوحد في مواجهتها حتى يتم إفشالها و إسقاطها..
(4)
بعد أن أبدت محافظة إب و مسؤوليها رفض شعبي و ساخط حيال ما كان مزمعا عليه، و بعد أن اتسعت معارضة هكذا عمل يدبر له، و لتهوين ما يحدث، قالوا إن الأخبار بشأن إيواء مائة ألف إفريقي في إب كاذبة، و إن كلما في الأمر إن اللجنة الوطنية قررت بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية تحديد نقاط تجمع مؤقتة في إب و عمران و صعدة لتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيدا لترحيلهم إلى بلدانهم.
و السؤال: كيف دخل هؤلاء من المنافذ و نحن نعلم مدى القبضة الأمنية على المنافذ، فضلا عن النقاط الأمنية و العسكرية المنتشرة طول مئات الكيلومترات..؟!
لماذا لم يتم تشكيل نقاط تجميعهم في منافذ سلطة الأمر الواقع بدلا من نقاط التجمع المزعومة في إب و عمران و صعدة..؟!
كيف تمكن هؤلاء من العبور إلى صعدة فيما بعض اليمنيين بل كثيرهم يتعذر عليهم الوصول إلى صعدة..؟!
كيف تم إدخال و وصول كل هذا الكم الهائل من المهاجرين خلال فترة وجيزة من بلدانهم إلى السواحل اليمنية، و من ثم العبور بسهولة للأراضي و النقاط الأمنية و العسكرية التي تسيطر عليها مختلف الأطراف المتحاربة..؟!
ما قصة العشرين مليون دولار مقابل هذا التجميع و الترحيل..؟! ألا ترون أن هذا المبلغ كبير جدا في مقابل هذا التجميع و الترحيل..؟!!
من أمّن مرورهم من عدن و شواطئ أبين و شبوة و إيصالهم إلى إب و عمران و صعدة في أقصى الشمال، فيما نحن اليمنيين لا يستطيع الواحد منّا عبور ما عبره الأفارقة من أرض و نقاط و حروب و أطراف متحاربة..؟!
إن ما حدث ويحدث لا يكفي أن يقال فيه “كلما قيل كاذب” بل هناك كثير من الغموض يجب معرفته و اجلائه و كشفه للناس و لا أظن أن هذا سيحدث..
(5)
حجر أساس و مشروع مبنى إيواء، و بمساحة أرض كبيرة، و هو ما يستدل منه أنه أمر ثابت، أو على الأقل طويل الأمد و الأجل..
فيما يستدل من لفظ التجميع و المؤقت أنه مشروع سريع و عابر لحال عاجل..
إنها المفارقة بين الواقع و التبرير..
ثم هكذا أمر لا يمكن أن يقوم شفاهة أو بمفهوم تنسيق كما ورد .. عشرون مليون دولار مبلغ غير هيّن لتقدمه منظمة الهجرة الدولية من أجل خاطر اليمن، و مناولة تستند على الأمانة و الديانة..
الأمم المتحدة أو منظمة الهجرة الدولية طرف دولي، و مشروع كهذا لا يمكن أن يقوم إلا على تفاهمات، ثم اجتماعات و محاضر، ثم اتفاقية واضح فيها الثمن و المقابل المطلوب من سلطة صنعاء..
تم وضع حجر الأساس في إب، و لم نعلم أنه وضع حجر أساس في عمران أو صعدة كما يفيد الزعم إنها نقاط تجمع .. لماذا حجر الأساس في إب فقط، و لم تضع حجر أساس في عمران أو صعدة..؟!!
السؤال الأهم من أجل إقناع الناس بما تم و ما يتم و ما أُبرم و لتعرف الناس الحقيقة و الواقع من الزيف و الوهم؛ هو الإجابة على هذا السؤال:
ماهي الاتفاقية التي أبرمت بالضبط..؟!! ماهي بنودها..؟!! ما هي التزامات أطرافها في هذه البنود..؟!! هذا ما ينبغي إقناع الناس به، أما الغموض و محاولة التبرير و التهوين من الأمر فيزيدنا رعبا و هلعا..
(6)
بعد أن ضج الخبر أن “إب” ستأوي مائة ألف افريقي قالوا أن “إب” هي نقطة تجمع و ترحيل واحدة من قوام ثلاث نقاط مشيرين إلى محافظتي عمران و صعدة .. غير أن فحوى الخبر الوارد في صفحة السكرتير الإعلامي للمحافظ يشي بغير ذلك، و هو خبر مؤرخ في 10 يوليو و الوارد فيه ما نصه:
“و أستعرض الاجتماع الذي ضم وكيلا وزارة الداخلية لقطاعي الأمن و الهجرة و الجوازات، اللواء رزق الجوفي و العميد محمد الشامي، و وكيل المحافظة حارث المليكي، و رئيس بعثة الهجرة الدولية دايفيد ديرتك و نائب مدير أمن المحافظة العميد عبده فرحان، و أعضاء الهيئة الإدارية لفرع اتحاد نساء اليمن بالمحافظة، الإجراءات و الخطوات المتخذة من قبل وزارة الداخلية و السلطة المحلية للمحافظة و منظمة الهجرة الدولية لإنشاء دار إيواء المهاجرين الأفارقة و تقديم ما يحتاجونه من الخدمات الصحية و الغذائية و الإنسانية و العمل على تأهيلهم و إعادتهم الى بلدانهم بشكل طوعي.
و تطرق الاجتماع الى التسهيلات المقدمة من السلطة المحلية لإنشاء دار الإيواء، و منها تقديم قطعة أرض في منطقة عسم بمركز المحافظة ليقام عليها المشروع، و على مساحة بلغت 20 ألف متر مربع، و بتكلفة تقديرية تصل الى أكثر من 10 مليون دولار”.
أولا كشف الخبر إن عودة المهاجرين طوعيا .. و هذا معناه إن الالتزام هو منع السلطات ترحيلهم إلا بموافقتهم و رضاهم، فإن لم يقم هذا الرضى فإنهم باقون إلا ما شاء الله .. الحقيقة إن هؤلاء المهجرين جاءوا ليقيموا إقامة دائمة و ليست إقامة مؤقتة كما يزعم المبررون .. إنه توطين و ليس غيره، و الزعم بغير هذا هو خداع ينطلي على من لا يقرأ بين السطور أو حتى السطور نفسها..
ثم إذا كان فقط قطعة الأرض ثمنها عشرة مليون دولار، أو حتى تكلفة مشروع بناء الدار و الأرضية تصل إلى نصف المبلغ الممنوح بمقابل و هو نصف العشرين مليون دولار، و هناك نفقات جلب و إيواء و تغذية و الإيفاء بالتزامات الحاجة الأساسية لتلك الحشود ستستغرق النصف الباقي، فماذا بقي لعمران و صعدة وفق ذلك الزعم التبريري الذي حشر محافظتين إلى جانب محافظة إب .. ثم أن سعة المساحة و الدار، و بتلك المساحة التي تساوي مدينة صغيرة تم تخصيصها للإيواء، و تشير أن عدد من سيستوعبهم الدار كبير..
أما إقحام صعدة و عمران في الزعم فكان لامتصاص ضجيج الخبر الذي أثار الاستياء و الرفض .. حيث لم تتم الإشارة في هذا الخبر أو غيره، و لم نسمع عن أي اجتماع أو مناقشة للموضوع لدى تلك المحافظات كما حدث في إب، و لم يتم وضع أي حجر أساس لدار إيواء في عمران أو في صعدة، و لم يدر حديث قط من قريب أو بعيد بهذا الصدد قبل التكذيب، الذي لا يوجد ما يسنده بدليل أو قرينة..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.