العرض في الرئيسةفضاء حر

هكذا سيقول الناس والتاريخ

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

تمضي كل عام و بما لا يقل عن أسبوع في الإعداد و التحضير لتنظيم مسيرة القدس، و التي تؤكد بعد خروجها إنها مليونية بامتياز، و تزهو بها و تفاخر مفاخرة الأوائل، و مثلها المولد النبوي و الغدير و عاشوراء و غيرها من الاحتفالات و المناسبات الدينية التي تهيب و تستنفر فيها الجميع للحضور، و تستخدم سلطتك على الوظيفة العامة، و الجهاز الإداري للدولة، و المال العام، لصالح تلك المناسبات الدينية..

فيما لا تفعل ذلك و لو لمرة واحدة لا سواها، و لا تبالي بها، و لا تكترث حيالها، كانت ثورة 26 سبتمبر، أو ثورة 14 أكتوبر، أو حتى عيد الجلاء أو الاستقلال المجيد من المحتل البريطاني في الـ 30 من نوفمبر، و لا تتفاعل بعشر العشر معها قياسا بمناسباتك الدينية..

ليس هذا فحسب، بل و لا تلتفت لما يحدث في عدن أو سقطرى أو حضرموت أو المهرة من احتلال و استيلاء و عدوان، قياسا مع اهتمامك بمناسباتك الدينية المليونية التي تستنفر فيها الجميع، لحضور مسيراتها أو تجمعاتها..

ماذا يعني هذا..؟!

هذا يعني أنك جماعة دينية عصبوية و برجماتية أيضا في إطار مصلحة الجماعة، و غير وطنية، و تنبئ عن مشروع صغير ليس له علاقة باليمن الواحد و الكبير، و ليس له صلة بالثورة اليمنية اكتوبرها و سبتمبرها و نوفمبرها، و لا بتاريخ الثورة اليمنية و حركتها الوطنية خلال تاريخها الطويل..

(2)

أبو العباس يستعد في الكدحة و ما إليها لخوض غمار معركة تعز الذي هُزم فيها .. طارق يستلم معسكرين إضافيين (معسكر العمري، معسكر المندب) .. نائب المجلس الانتقالي ابن بريك يتحين الانتقام من الإصلاح، و الثأر لهزيمة أبو العباس في تعز، و ربما هناك تحركات في لحج تصب في هذا الاتجاه .. الإمارات تتطلع إلى تعز، و سحق حزب الإصلاح فيها، كما فعلت قبلا في عدن و غيرها..

هذا يعني أن تعز في المرمى القادم أيضا .. و كل هذا لا يأتي في إطار ضم تعز إلى الجنوب، بل لتأسيس كنتون جديد، أو إقليم جديد، لن يتوقف عند حدد محافظة تعز..

لازالت الحروب البينية المؤجلة القادمة كثيرة .. و لا زال تشليح اليمن أو تمزيقه هو المشروع الجاري تنفيذه على قدم و ساق..

(3)

تتحدث عن مكة و القدس .. لا بأس و لا نعترض على ذلك..

و لكن أحتاج أيضا أن تتحدث عن الجنوب، و عن اليمن، ببعد وحدوي، و عمق وطني دون مواربة..

نريد أن يكون الجنوب حاضرا في خطابك و تعبئتك و مؤسسات سلطتك..

لماذا لا يوجد عضو واحد من الجنوب في المجلس السياسي و هو السلطة العليا في صنعاء، على الأقل بحسب الادعاء و المفترض .. لماذا تهدر حتى الزعم أنك وطنيا وحدويا كبيرا بكبر اليمن..؟!!

إن لم تقبل بالجنوبي في هذه الحرب الضروس، و هذه الظروف العصيبة في جبهة مواجهة الاحتلال و العمل السياسي اليمني المشترك؛ فمتى ستقبل به..؟!! و لا سيما أن عدم القبول به، يحولك إلى كيان عصبوي، جهوي أو انفصالي أو طائفي أو مناطقي أو أصغر من كل هذا بكثير..

نعلم أن المجلس السياسي هو عمليا ليس أكثر من ديكور، و لا يمارس سلطات فعليه في الواقع حتى في حدود ما يحفظ ماء الوجه، و نعرف يقينا إن السلطات الخفية هي من تمارس كل السلطات، و لكن أن لا تقبل بالجنوبي حتى في حدود هذه السلطة الديكورية و الشكلية؛ فكيف يكون الحال بغيرها..؟!!

في عدن المجلس الانتقالي لا يوجد فيه شمالي واحد، و في المجلس السياسي في صنعاء لا يوجد جنوبي واحد، و ستنشأ سلطات و كيانات جهوية و مناطقية قادمة هنا و هناك في إطار مشروع إضعاف و تقسيم و تفتيت اليمن .. و ما تفعله أنت من ممارسة و إقصاء لجل اليمن إنما هو مشاركة من جهتك في تنفيذ هذا المشروع الذي يستهدف اليمن جغرافيا و شعب و وحدة و مستقبل و إنسان .. هذا ما سيقوله الناس و التاريخ لا أنا..

(4)

في صنعاء سميتها رؤية وطنية

تبدو في الظاهر أنك تجاوزت كل المشاريع الصغيرة..

حسنا .. كم سطر فيها تحدثت عن الجنوب الكبير و وحدة الشعب الذي نروم أو نريد لها البقاء..؟!

سطر أم سطرين..؟!

و يا ليت كنت كريما و خصصت ثلاثة أسطر، على الأقل اكراما لمساحة الجنوب الشاسعة..

هذا يعني إن ما تؤسسه ليس مشروع لليمن، فضلا عن العام 2030 التي ترى إنك باقيا فيه إلى ذلك اليوم، و لا ترى أن اليمن الواحدة باقيا من يوم رؤيتك حتى ذلك العام، و أنت تتحدث فيها عن أقل من ثلثه، و تمنع ثلثين اليمن من بضعة أسطر..

إلصاق الوطنية بالرؤية تبدو لي بالأمر المتعسف، إن لم يكن في الحقيقة اغتصابا و ايلاجا فاضحا أمام الأشهاد..

و في المحصلة أنت أيضا تشارك في مشروع تمزيق اليمن و ترسيخ واقعه..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى