العامة مرآة صادقة للحاكم
يمنات
قيس القيسي
كل أدبيات الحكم الرشيد مما كتبه الرجال من أقصى يسار الفكر إلى ذروة يمينه وصولا لكتاب الله الذي لايأتيه الباطل وكله حق وكذا سيرة نبيه وتراث الحكام الصالحين من مسلمين وسواهم تقضي بأن عامة المحكومين هم مناط إحسان الحاكم غرضا وتقييمه أأحسن أم أساء يتنبه سيدنا الإمام (علي) سلام الله عليه لهذه الحقيقة القرآنية وينبه واليه على مصر مالك الأشتر لها يوصيه.
” وإن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك “.
ينبهه أن المجتمع في عمومه بعيد عن الغفلة والجهالة وأن ميدان المسؤولية هم الناس عامتهم قبل خاصتهم وربما لما جاء بعدها من وصايا عامتهم دون خاصتهم في اغلب الأحيان.
يلزمه بإلزام نفسه النظر فيما تولى بعين محكوم بعين مستضعف بعين محتاج لأن عين الحاكم عندما يبتعد عن هموم الناس اليومية تصاب بالعشى وتضله فيضل.
يتبع ذلك بقوله
” فإنهم يقولون فيك ما كنت تقول فيهم ”
يذكره بأن الظلم يولد الاستياء ولا عون لمظلوم ولا لساخط سيما إن كان في ظلامته واقعا وفي سخطه محقا
ينتقل الإمام عليه السلام لمبدأ من اهم وآخر ماتوصل إليه من بحثوا الحكم الرشيد فيوصيه.
” إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده “
قياس مستوى الرضا العام والعبرة هنا بالحالة العامة ولاعبرة بأن يكون الحاكم مكروها ومنتقدا من البعض فإن الظلمة والطغاة وابناء الدنيا لا يسلم منهم حاكم أو هو كما قيل إذا لم تجد لك أعداء فراجع نفسك ربما انت لم تتخذ في حياتك موقفا.
يختم هذا الجزء من عهده لواليه على مصر بما هو فوق الواضحات من الإرشادات ليفتح أمامه مجال الروح وما يجب أن تكون عليه الحالة الروحية والنفسية للحاكم إزاء رعيته فيقول له.
“وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولاتكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق “.
قيل أن هذا الجزء من الوصية نقش ووضع على أحد مداخل مبنى الأمم المتحدة
هنا ينبه الإمام عليه سلام الله مالك الأشتر الى روحية الحاكم تجاه رعيته ويلفته الى أن أقباط مصر مشمولون بالوصية والعهد من خلال الأخوة الإنسانية.
ويواصل الإمام ارشاد واليه وصاحبه الى ان يبلغ بالعطف والرحمة بالرعية منتهاه رابطا اياه بعفو الله ورحمته فيوصيه.
” فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ”
ولعل من اعظم ما في العهد قوله سلام الله عليه
“ولاتندمن على عفو ، ولاتبجحن بعقوبة ”
سطر واحد يربط دور الحاكم في العفو عمن أخطأ وعقوبته بحالة روحية ودور تربوي وانساني لاتندم على عفو فكل العفو خير ولاتفرحن بعقوبة اي لاتعاقبن الا مضطرا فمناط العقوبة التربية لما للعقوبة من أثر يتسع ليشمل من يعول المعاقب.
وهذه الوصية الأخيرة أصدق ما تنطبق على عقوبة الخصم من رواتب الموظفين فهي عقوبة تشمل من يعول الموظف ولا تصلح حال عمل ولا عامل وعنها مندوحات كثر لا واحدة كأن يكلف الحاكم من غاب أوقصر بعمل إضافي دون أجر فلايقع له ولا لمن يعول ولا لرب عمله ضرر بل يستفيد الجميع.
وعلى كل مسؤول أن يتأمل كل ما سبق من هذا العهد العظيم بعين من سيقف بين يدي الله غدا وسيرى الله عمله ورسوله والمؤمنون و صاحب هذا العهد العظيم ومن عهد إليه ومن تبعهم بإحسان.
والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاهم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.