تغاريد غير مشفرة (291) .. أنا انسان .. انتمي للحالمين الذين لا يمكن ترويضهم أبدا
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد و المأجور و السفيه محمد العماد .. لا بأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
(2)
هذا هو أنا
أنا متمرد نعم فلا طعم للحياة يا صديقي بدون التمرد .. التمرد يشعرني بذاتي و لكن ليس إلى حد أن أكون أنانيا أو رفيقا لباطل .. أنا لا أتمرد إلا إذا رأيت أن لدي حق أو بعض حق فيما أرى و أظن أو أعتقد .. و الأهم أنني لا أغادر ضميري و لا أصنع مع ضميري جفوة .. و أكثر ما أتمرد عليه هو الظلم و لا أتصالح معه و إن اضطررت أحيانا إلى الانحاء للعاصفة فما أن تمر أعود دون أن أنام أو أستكين.
أعتز بنفسي نعم، و لكن ليس إلى حد الغرور و النرجسية .. بل أمقت التعالي و أبصق عليه و أحتقر المتعالين على البشر .. كنت أبحث عن المجانين و المتشردين و المهمشين و المظلومين لأكتب عنهم و أغوص في معاناتهم، و لطالما تمنيت أن بيدي عصا من سحر ترفع عن كواهلهم الظلم و البؤس و قسوة المعاناة.
تكويني حقوقي و أتعاطى مع السياسة بحذر و لا أتنازل عن اخلاق أراها، و أحاول أن أكون سياسي عندما تحاصرني المخاطر فأعيد ترتيبها و التعاطي معها بحسب الأولوية و تقديم الخطر الأشد و أحاول بكل جهدي الحيلولة دون وقوع الكارثة .. و لا بأس أن استفيد من التناقضات القائمة لخدمة الناس و من أجل مستقبل أفضل.
أكثر اصدقائي المقربين يا صديقي أختلف معهم و أحب أن يحيطني التنوع لأنه يساعدني على اتخاذ القرار الصحيح أو المقارب، دون أن أهمل الرأي المختلف أو أهجره، بل أظل أعيد النظر بين فترة و أخرى بقراري و أحاكي الواقع لأتحقق إن كنت على صواب أو خطأ، و في حياتي كثير من الصواب و كثير من الخطأ و صواب الخطأ المعدّل.
أما المغريات يا صديقي فلم تخطفني يوما و قد اختبرني الزمن مرتين و ثلاث و عشر .. و إن ركبت يوما ظهر مغامرة فليس لمغرية و لكن لما أرى فيها من صواب و حق، فإذا اكتشفت الخطأ أرجع و اعتذر، و إن خُدعت أنقلب على من خدعني و أثور عليه.
أما الابتزاز فأقاومه حد الانتحار .. و لا أكترث بالعواقب و أنا أقاومه و أستطيع أن أفهمه من لمح البصر..
أنا صاحب رأي و أحب أن أكون دوما كذلك و لا أميل للايدلوجيا و المسلمات.. و أشعر براحة ضمير و أنا أمارس حقي في الحرية و الرأي و التعبير و الوجود
(3)
أنا إنسان
أنا لست ابن السماء .. أنا ابن الدباغ الذي يثور على واقعه كل يوم دون أن يكل أو يمل أو يستسلم لغلبة..
أنا ابن الدباغ الذي لا يستسلم لاقداره، و لا ينوخ، و إن كانت البلايا بثقل الجبال الثقال .. ابن الدباغ المجالد الذي يعترك مع ما يبتليه، و يقاوم حتى النزع الأخير..
ابن الدباغ الذي يتمرد على مجتمع لازال يقدس مستبديه .. ابن الدباغ الذي يقاوم نظام لا يستحي عندما يدّعي .. نظام يدعي العدل، و هو يتعالى على الوطن الكبير .. يخصخص المواطنة، و يغيب المساواة، و ينشر الفقر كالظلام الكثيف، و يحبس الحرية في محبس من حديد..
أنا الحر الذي يجرّم القتل و لا يستسهله، و لا يشرب الدم و لا يسفكه، و لا يفسد، لكنه متهما بشرب الكحول..
………………………
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد و المأجور و السفيه محمد العماد .. لابأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
(4)
أنا ابن لأب لا يبيع الموت و لا يهديه و لا يجعله مقاسا للرجولة أو معبرا للبطولة..
أنا ابن صانع الحلوى و البائع لها، يأكل من كده و عرق الجبين .. أنا ابن أب يصنع الحلوى و يهديها للأصدقاء و الفقراء المعدمين..
أنا ابن صانع الحلوى .. ابن الحياة .. أرفض الحرب و المآسي العراض، و لن أكون يوما من صّناعها أو تجّارها، و لم أعش يوما عليها، و لم ابنِ مجدا على جماجمها الكثيرة، و لم أحتفِ يوما باتساع المقابر أو بطوابير النعوش الطويلة، و لم أطرب لركام الضحايا الكبير، و لم أضخ الكراهية و غلائل الحقد التي لا تنتهي.
……………….
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد و المأجور و السفيه محمد العماد .. لا بأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
(5)
أنا الحالم ابن كل هؤلاء الأحبة .. أنتمي للحلم الكبير كبر المجرة، بل كبر هذا الكون الفسيح الذي يكسر محبسه و يسافر للبعيد دون حدود أو منتهى.
أنا ذلك الجندي النشط، الذي يحلم أن يكون جنرالا يعشق المستقبل و يغير وجه الحياة .. لا ذلك الجندي المملوء خمولا و سكينة .. يرتضي البؤس و العيش الردئ، و يعتاد تنفيذ الأوامر، و يعيش بيدقا في رقعة الشطرنج، أو كائنا مثقل بالسكينة و الرتابة المكينة..
***
أنا من تسكنه روح قائد ثورة العبيد “سبارتاكوس” الذي ثار ضد الاسترقاق في عهد العبودية الثقيل، له المجد و الخلود و لمن قتلوا وصلبوا و أعدموا معه..
أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.
***
أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، و جعل من الهند متعددة الأعراق و القوميات و الأديان و الطوائف و الثقافات بلاد متعايشة و متنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان و السابعة من حيث المساحة و الاقتصاد.
***
أنا من جُبلت على التسامح، و وجدت في ذلك العظيم نيلسون مانديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة و مثالا و ملهما .. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا و مكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما و خرج منها غير حاقد أو منتقم..
مانديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت و بجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب و التعذيب و التفجيرات و الاغتيالات، و هو ما ساعد على خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، و الابتعاد عنه و التركيز على الحاضر و المستقبل.
أنا من أجد نفسي في كل إنسان..
أنا إنسان.
………………………..
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد و المأجور و السفيه محمد العماد .. لابأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
(6)
لست مثالا..
لست مثالا، و لكنني أحاول أن أكون مثالا، أو أتوق لأن أكون كذلك..
و أعتقد أنني لست سيئا، بل أحاول أن أدفع عن نفسي كل سيء، و أنجح في أغلب الأحيان، و أتوق أن أكون أفضل..
أقاوم أنانيتي و أجالدها، و أعيش صراعات جمه معها، حتى ينتصر ضميري، أو أشعر بالرضى و راحة الضمير.
عندما أعي أنني على حق أمسك به دون فكاك، و تشتد عزيمتي و تقوى إرادتي، و عندما يكون اليأس مطبقا كالسماء أو قابضا على الحق كالقدر، آخذ استراحة محارب حتى أعود، و أحاول من جديد نصرته أو الانتصار به.
أعي أهمية المال في النجاح عندما أتعاطي السياسة، و أعي أهميته في صنع بعض المستحيلات غير الممكنة بدونه، و أعي أنه أحد مقومات الوصول لأشياء كثيرة، أو تسهيل الوصول إليها، و لكنني بنفس القدر بل أكثر، أعي أنه يمكن أن يكون المال دافعا أو سببا للسقوط الساحق، و المدوي و الكبير..
عندما أجد ما يغريني من المال، و أنا في أشد حاجته، أقاوم حاجتي و أضع لها من الحديد لجام، و إن استدنت أكون شديد الحرص و أبذل ما في الوسع حتى أعيد ما استدنت .. و إجمالا اتعاطى مع المال بحذر بالغ و حساسية عالية..
و إن كان المال هبة على حساب كرامتي، أضع المال تحت حذائي و أمضي في الانتصار لها دون ندم أو شعور بخسارة .. و غالبا أحب أن أتصرف في مواضيع المال على نحو يختلف عما يألفه الناس، و يعتادون عليه، و ربما على نحو استثنائي في بعض الأحيان، و بذلك أصنع ما أعتز به..
و إن أخذت مالا ذات يوم، يكون لدي فيه ما أقوله، و ربما دفعت فيه أكثر مما أخذت، غير أن الأهم أن لا يكون ما أخذته على حساب الوطن أو الضمير أو ما أعتقد من مبادئ..
………………………..
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد و المأجور و السفيه محمد العماد .. لا بأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
(7)
أنا انتمي لهؤلاء الحالمون..
الحالمون الذين لا يمكن ترويضهم أبدا
نحن الحالمون الذين دأبنا و لا زلنا إلى اليوم ندأب و نحاول تجاوز قبح و بشاعة الزمان و المكان .. نحن الذين نثور أو نحاول أن نثور أو نرفض القبول بقبح هذا الواقع بكل مسمياته، و سلطاته المفروضة بالمخادعة و الاحتيال، أو بالقمع و السطوة و الغلبة..
***
نحن الحالمون الذين رفضنا و لا زلنا نرفض هذا الواقع المفروض علينا، بكل عناوينه و مسمياته، و مخاتلات و انتهازيات نخبه السياسية المقامرة، و الغارقة في التفريط، و الخيانة، و السقوط بكل مسمياته، و منها تلك التي ارتضت أن تكون مساحيق تجميل لتخفي القبح و الدمامة عن وجوه ساستنا المتوحشين، و تبرير بشاعات هذا الواقع الموغل في القبح و الوحشية..
***
نحن الحالمون الرافضون للظلم و القهر و الاستعباد و الوصاية و الاحتلال بكل أشكاله و تنكراته و كنايته، و أسمائه الخفية و المعلنة .. الحالمون هم أولئك الذين لا يتعفنون مهما طالت الأيام باعمارهم، و أثقلتهم الحياة بأحمالها و نكباتها .. لا يكلّون و لا يملّون النضال و الرفض حتى الرمق الأخير، و آخر نزع نحو الرحيل..
***
نحن الحالمون الذين ربما نُخدع قليلا من الوقت بسبب تسامحنا و نقاء سرائرنا، و ربما لأننا وثقنا بمن لا يستحقوا ثقتنا .. لكننا لا نلبث أن نستفيق، ثم نرفض و نقاوم و نثور على المتسلطين، بما فيهم أولئك الذين كانوا منّا، ثم تحولوا و صاروا نخاسة أو متعيشون، أو الذين كانوا يدّعون إنهم جزء منّا، ثم ذهبوا يبحثون عن السلطة، و العطايا، و الثمن الملوث، مقابل ما أدّعوه يوما من رفض و مقاومة و ثورة..
***
الحالمون هم الكدودون الأشقياء المعذبون في هذه الأرض، الذين عاشوا حياة كانت على أصحابها مكلفة و باهظة .. هم الأرواح القصية، و النفوس الغنية بأخلاقها و مبادئها، و التي ترحل عن هذه الحياة و هي عصامية و زاهدة .. عزيزة و عفيفة .. الباحثة دوما عن راحة الروح، و رضا الضمير..
***
نحن الحالمون العاشقون لفضاءات الحرية التي ليس لها متسع، و الكرامة التي لا تقبل الانحناء .. الحالمون هم من يملكون أرواح قلقة لا تهدأ و لا تستكين، طالما ظل في هذه الأرض فساد يعيث، و سلطة تعبث، و سطوة تبطش، و ظلم يعيش على هذه الأرض..
***
الحالمون هم العصيّون على التدجين و الاحتواء و الإرضاء .. ليسوا هم من أولئك الذين قال عنهم المثل “لا يعجبهم العجب” بل هم العجب ذاته .. هم التفرد و الاستثناء الباحث عن المستحيل، في واقع يزدحم بالظلم و البشاعة و التعاسة.
***
الحالمون الذين نزعم الانتماء إليهم هم أولئك الذي قال في وصفهم الروائي البرازيلي “باولو كويلا” “لا يمكن ترويضهم أبدأ”..
……………………….
لا أتحدث عن الأنا و لكن أرغمني أن استذكرها أو أعيد نشرها الفاسد والمأجور و السفيه محمد العماد .. لابأس أن تكون الليلة لي وقفة معه ليعرف الناس الفارق بيننا .. اعذروني على هذه الأنا..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.