ارشيف الذاكرة .. من طفولتي الأولى (1)
يمنات
احمد سيف حاشد
(1)
– كان أبي عاملا .. مُفند و دابغ للجلود .. مهنة محتقرة عند بعض من يتملكهم الخواء و “العنطزه”، و الذين يعيشون على السلب و النهب و اللصوصية و الفساد، و غير القادرين على فهم إن العمل طالما كان مشروعا، هو شرف كبير؛ لأن صاحبه يأكل من كده و عرق جبينه، هو و من يعيلهم..
– كان أبي يعمل في شركة (البس) بعدن، يدبغ الجلود و يفنِّدها، و هي الحرفة التي أعطاها الجزء الأهم من زهرة عمره و ريعان شبابه..
– العمل بدباغة و تفنيد الجلود له أضرار صحية، و لكن يبدو أن أبي و هو يلتحق بالعمل بهذه الشركة قد آثر فرصة العمل على البطالة، و أنفذ المثل “غبار العمل و لا زعفران البطالة”.
– و بسبب الملح و الجلود و المواد الكيمائية المستخدمة في الدباغة أصيب أبي بضيق النَفَس، و سعال ليلي، رافقه حتى آخر أيام حياته..
– جزء من طفولتي الأولى التي أتذكر بعضها بصعوبة كان في عدن حال ما كان والدي يعمل بهذه الشركة..
– بعد سنين من عمله في شركة (البس) جاء بنا من القرية لنكون معه و إلى جواره .. وفر له العمل قدرا من الدخل المحدود، ليلم به شملنا، و يفي باستقرار معيشي متواضع، و إن كان قد جاء هذا على حساب صحته بالمقام الأول .. كان إيثارا منه لم نعلمه إلا بعد نوبات السعال التي كان يعاني منها لاحقا بعد حين..
– أقمنا في (دار سعد) إحدى ضواحي عدن، و كان عمري يومها سنتين و بضعة شهور، و أختين توأم (نور و سامية) و عمرهما أقل من عام..
– و في (دار سعد) كنّا قد سكنا منزلا صغيرا استأجره والدي، و يتكون من غرفة و حمام و مطبخ و صالة.
***
يتبع..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.