أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسةتحليلات

هل تنهار حكومة عبد الملك وتكون القشة التي تقصم ظهر البعير السعودي باليمن..؟

يمنات

صلاح السقلدي

تشهدُ حكومة السيد معين عبد الملك، اليمنية الموالية للمملكة العربية السعودية حالة تصدع و اهتراء متفاقمة، خاصة في الأسابيع الماضية، و هي الحكومة المهترئة و المضطربة منذ اليوم الأول لتشكيلها و الذي تم كشكل سلق بيض على عجَــلٍ فوق انقاض حكومة الدكتور احمد بن دغر الذي تم طرده من الوزارة على خلفية فساد و فشل عسكري و سياسي و اقتصادي لا نظير له.

تجلّى هذا التصدع بحكومة عبد الملك  بشكل واضح بإقالة و استقالة وزيرين منها باليومين الماضيين، هما وزيري: النقل السيد صالح الجبواني (المثير للجدل بانتقاداته الحادة للسعودية و الإمارات، و بسبب ما قالت الحكومة أنه فشل بمهامه فشلا ذريعا و يتجاوز صلاحياته باستمرار)، و وزير العمل، السيد نبيل الفقيه (من رموز حقبة الرئيس السابق صالح، قبل أن يجنح صوب حزب الإصلاح ذو الصبغة الاسلامية السياسية). الأمر الذي قد يطيح بالحكومة أو يضاعف من فشلها و محدودية تأثيرها، المحدود أصلا، خصوصا و أن ثمة وزراء يهمسون بالخفاء بأنهم قد يستقيلون أيضاً، و هي الحكومة التي من المفترض ألّا تكون باقية حتي اليوم، بحسب اتفاق الرياض  المتعثر، الذي تم ابرامه  مطلع تشرين ثاني نوفمبر الماضي بين السلطة اليمنية المسماة بالشرعية و بين المجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية، في محاولة سعودية لتفادي الانفجار العسكري داخل حلفائها في الجنوب، خصوصا بعد أن قويت الشوكة العسكرية للطرف الجنوبي بشكل لافت، و صُلبَ عوده السياسي و الجماهيري بقوة قياساً بما كان عليه الحال قبل هذه الحرب.

هذه التصدعات التي تشهدها الحكومة، و حالة الإرباك التي تعتريها و تعتري عمل السلطة اليمنية الموالية للسعودية برمتها، بالتوازي مع اضمحلال عامل الثقة بينها و بين السعودية على إثر الهزائم النكراء التي تلقتها في الأسابيع الماضية على يد قوات صنعاء في مأرب و الجوف قد تكون سببا بإعادة اتفاق الرياض الى الواجهة و المُضي قُدما بتنفيذه للحيلولة دون مزيدا من التدهور و الذهاب نحو هوة المجهول السحيقة الذي تشهده الشرعية و تشهده معها أيضا السعودية في اليمن مع اشتداد تحديات وباء كورونا بالداخل السعودي، و تعاظم التحديات الداخلية للمملكة في الآونة الأخيرة مثل اشتداد الصراع المستعر داخل الأسرة المالكة على كرسي العرش، و الذي كان واضحا على شكل حملة الاعتقالات واسعة النطاق التي طالتْ رموز كبيرة في الأُسرة الحاكمة, و التحديات الخطيرة التي يشهدها الاقتصاد السعودي المنهك، و المتمثل بالعجز المالي الضخم الذي تعاني منه الموازنة السعودية و انهيار أسعار النفط الذي ينذر بأن الشعب السعودي بات على مسافة خطوة من توديع حالة الرفاهية و رغد العيش، و رُعب الانتصارات العسكرية المتوالية و الصمود الكبير الذي يبديه و يحققه مقاتلو الحركة الحوثية بشكل أربك معه دوائر الحكم السعودية و حشرها بزاوية الإحراج الضيقة أمام شعبها و العالم، مقابل الخذلان المهين الذي تتلقاه الرياض من السلطة  اليمنية الموالية لها، و من حزب الإصلاح على وجه التحديد، أو ما بات تنعته بعض النُخب السعودية بأنه ذراع قطر باليمن. هذا علاوة على التحدي الطارئ الذي يجابه السعودية (وباء كورونا) و الذي أتى ليضاعف من المتاعب المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمملكة و يحرمها من مصادرها المالية الغزيرة كالنفط و موارد الحج و العمرة لهذا العام, و كذا كابوس الابتزاز الأمريكي المستمر الذي يُكلّــف المالية السعودية عشرات المليارات من الدولارات  تحت مسمى الحماية الامريكية, هذا فضلاً عن النزيف الذي يعاني منه اقتصاد السعودية جرّاء الحرب التي اعلنتها باليمن قبل خمسة أعوام، و التي دخلت قبل أيام عامها السادس دون أية مؤشرات على نهايتها، و هي الحرب التي تحولت الى فوبيا مريعة تؤرق بال و فكر صانع القرار السعودي و تقض مضجعه، و في ظل مشاعر شعبية سعودية متصاعدة بأن هذه الحرب باتت ثُـقباً سحيقا يلتهم ثرواتهم دون طائل، و باتت تضرب السمعة العسكرية و تمرغها برُغام الهزائم، علاوة على تلطيخ السمعة الأخلاقية للمملكة داخليا و خارجيا بسبب ارتفاع اعداد القتلى و الجياع و المرضى باليمن و تردي الحالة المعيشية و الصحية المزرية التي تعصف بهذا البلد الموجوع.

و عطفاً على ما سلف، فالخيارات تتقلص بوجه السعودية بشأن الوضع في اليمن و حتى بشأن وضعها الداخلي ايضا، و لم يبق لها  سوى خيارا واحدا  تمضي فيه على مسارين:

الأول: الاستمرار بمواصلة الحوار مع حكومة صنعاء و تقديم تنازلات حقيقة بُــغية التوصل الى اتفاق و لو مرحليا مع الحركة الحوثية حول محددات التسوية السياسية و ملامحها المنتظرة تشكل اساس الحل الشامل، حتى و ان لم يرق ذلك للسلطة اليمنية الموالية للرياض التي يتم من خلفها كل شيء، ففلسفة السياسية السعودية تحدثنا بأن قراراتها  تضع المصلحة العليا للبلد فوق كل اعتبار، و لا تأبه لحليف أو لشريك، خصوصا أن كان هذا الحليف رخواً و يمكن احتوائه تحت عقال الرأس السعودي و حشره بجيب جاكة وزير خارجيتها.

ثانيا: إعادة ترميم الجبهة السعودية المتهاوية بالداخل اليمني و لو على شكل ترقيع مؤقت، من خلال الرجوع الى إحياء اتفاق الرياض، و الشروع بتشكيل حكومة شراكة تنقذ ما يمكن انقاذه و تتدارك ما يمكن تداركه قبل الانهيار الكبير بالجنوب خاصة، و تطييب خاطر الطرف الجنوبي الذي بات يجهر بالتوجع و بالاستهجان من ما يعتبره طعنات سعودية غادرة تغرز بظهره بحقارة، و من ثم يكون لسان الحال السعودي بالشأن اليمني:  ما بدأ بدينا عليه.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى