فضاء حر

صباح الراتب .. المرتب أولاً

يمنات

قادري أحمد حيدر

صرف المرتبات أولاً هو أولى مهامكم السياسية والإدارية والدستورية، وإلاَّ فلا شرعية لكم جميعاً، إلاَّ شرعية الحرب، والخروج، عن القوانين الأخلاقية الناظمة للحياة .

كيف لكما أن تقنعونا أن مشروع الدولة يعني لكما شيئاً وأنتما تصادران مرتبات من تحكمون غصباً باسمهم.

إن رواتب أكثر من 70% من موظفي الدولة لا تصرف من حوالي أربع سنوات متواصلة، والأبشع أنكما (سلطتي صنعاء/ وعدن) تمارسان تمييزاً في المواطنة في صرف الراتب بين موظفي الدولة على أساس سياسي لا دخل لموظفي الدولة الفقراء بذلك، وغالبيتهم العظمى لا صلة لهم بالشأن السياسي الخاص بكما وبالحرب.. وكأنكما تعاقبان فقراء الراتب على تقصيركما في الشأن السياسي الذي تحتربان من أجله ، بصرف النظر عمن يكون الحق معه منكما .

وأذكّركما هنا، وخاصة الطرف المسمى “شرعية”، أن سلطة بشار الأسد كانت دولته وما تزال تصرف رواتب موظفي الدولة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السياسية والعسكرية، بل وتصرف رواتب موظفي الدولة في المناطق التي كانت وما تزال تسيطر عليها “القاعدة” “والداعش” و”النصرة”في ادلب، والرقة، ومناطق الأكراد، “قسد”، وغيرها.

فمثلما تصرفون الرتب العسكرية ومرتبات الكشوفات الوهمية في العديد من الألوية، والوحدات العسكرية، وهم بالآلاف حسب تصريحات وأقوال القيادة العسكرية الرسمية لديكم، فلماذا لاتصرفون رواتبنا المستحقة بالقانون، وبقوة الدستور؟!والأهم: لماذا لا تقومون بمهامكم السياسية والإجتماعية والإقتصادية الأولية الضرورية، ناهيك عن مهامكم الأمنية، لإقامة حياة الناس اليومية.

نحن اليوم، مع الأسف، نطالبكم بالمساواة بيننا، فقراء الراتب، وبين أصحاب الكشوفات الوهمية المزيفة (وهم بعشرات الآلاف)، وكذا صرفكم الذي لم يتوقف للرتب العسكرية والدبلوماسية غير المستحقة لعديمي الكفاءة على المستويين المدني والعسكري.

إن صرف الراتب أبدى وأولى، وأهم أخلاقياً وسياسياً ووطنياً وإنسانياً، من توزيع رواتب وهمية لفاسدين، ومن صرف رتب عسكرية لغير مستحقيها. على الأقل في صرفكم لرواتب فقراء موظفي الدولة، ليس هناك شبهة فساد مالي وإداري وقانوني، على عكس فسادكم الذي يغطي وجه سلطتيكما (في صنعاء وعدن).

إن أول عنوان للتوجه نحو بناء الدولة، أو استعادتها، هو البدء في صرف مرتبات فقراء الدولة، بعد أن تعطلت المدارس والأعمال، بل وكل الحياة العامة بالحرب، وبعد أن توقفت المستشفيات عن تقديم الخدمات إلى الصفر، وجاء وباء كورونا ليعطل ويشل كل ما تبقى من الحياة وليهدد مصير اليمنيين جميعاً بالفناء، في واقع غياب أدنى الشروط الصحية والوقائية، بعد أن عز الدواء والعلاج على ملايين الناس في كل البلاد.

إننا حقاً محاصرون ومقموعون من جهات ثلاث، جميعها تحمل سمات وخصائص الكرونا: الأولى، كرونا مصادرة الرتب لما يقارب أربع سنوات عجاف، والثانية: كرونا، دويلات المناطقية والقروية والقبلية والطائفية، والثالثة: الكرونا الوبائية المحلية والعالمية، التي تجتاج العالم كله، لا تفرق بين دولة وأخرى، ولا بين دين ودين ، ولا بين غني وفقير.

فهل نبدأ في مواجهة هذه الكرونات على الأقل بصرف راتب الموظفين الفقراء لتخفيف وطأة الحصار، والجوع، والمرض عنهم؟!.

في تقديري، إننا قد نكتشف لقاحاً، أو علاجاً لوباء الكرونا العالمية بعد شهر أو خلال سنة أو أكثر، ولكنني على ثقة أكيدة – إن لم أقل مطلقة – أنه من المستحيل الوصول إلى اكتشاف لقاح لعلاج أمراض السياسة المزمنة في صورة حكامنا المقيمين كالموت فوق أرواحنا دون رحيلهم النهائي والأبدي عن مشهد حياتنا كله.
 
والله ثلاثاً، إنني أشك من أن حكامنا بشراً، وأن لديهم ذرة من الإحساس الإنساني بالقيم والمبادئ الأخلاقية العامة.

والله إن ممارساتكما تقول وتدل عملياً على أنكما في أحط درك من سلم الانحطاط والفساد.

كيف تستطيعون النوم وانتم تقودون البلاد إلى حافة الهاوية والموت المحقق؟.. وتوسعون في جريكم كالوحوش وراء السلطة والمال من جغرافيا المقابر والموت المجاني لموظفي الدولة الفقراء، بينما تعيشون وأولادكم في نعيم حياة باذخة.. هناك أكثر من ثمانية ملايين إنسان يتصيدهم الموت جوعاً، وتتلقفهم رصاصات القتل في كل مكان في البلاد، كما أن هناك عشرات الملايين قد يحصدهم وباء الكورونا موتاً، وأنتم لا تبالون رغم المناشدات المحلية والدولية.

إنكما، حقاً، قيادات تجردت فعلياً وليس مجازاً من كل القيم الانسانية، ناهيك عن المسؤولية السياسية والوطنية باعتباركم محسوبين علينا قيادات، وحكاماً.
إن عزتكم بالإثم تجاوزت كل الحدود.

أي وضاعة وصلتم اليها.. إنها الدرك الأسفل من قعر الإنحطاط .

فلن تتطهروا من جرائمكم ضد فقراء شعبكم بكل توبات أديان الدنيا، فحتى ماء زمزم، ورحيق الجنة لن يطهركم من عفن فسادكم، من الرئيس، إلى الوزير، إلى القائد العسكري، إلى المستشار المشرعن لكل الجرائم على الأرض، لأن التلوث وفجور الإنحطاط السياسي والأخلاقي والوطني وصل إلى قمة أرواحكم المنتنة الكفيلة بتأثيم، وتعفين كل شئي من حولكم .

ولا عزاء لكم في الدنيا والآخرة..
والله المستعان على ما تأفكون..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى