فضاء حر

مجرد نصيحة

يمنات

محمد اللوزي

التروي مطلوب والوعي بالواقع ومكوناته وتنوعه في غاية من الأهمية. التعالي وعدم الإصغاء للآخر والمحاججة خارج المعقول واللامبالاة بما يطرحه المجتمع بتعدديته السياسية والحزبية والاجتماعية والاقتصادية. هي عدمية تفضي الى خسارة كبيرة مع ولادة قوى فاعلة قادرة على التغيير، وقد غدا المجتمع مهيئا لذلك.

وإذا لاسبيل إلا الى التواضع والاصغاء لنداء العقل، والضمير، والتخلص من القسرية، والهيمنة التي لايحتاجها المجتمع وقد بلغ به الضيق حدا لايطاق.

اقبلوا بالتعايش المجتمعي، أبحثوا عن فرص حقيقية للتخلص من سؤ الظن بالآخر، مع ضرورة التفتح معه واعتباره مواطنا له حقوق وعليه واجبات.

ان التنوع سنة الله في خلقه، وفي هذا الفضاء المفتوح السيبرنطيقي لامجال للرأي الواحد، والفكرة الواحدة. إن التدفق الغزير والذي نعجز عن ملاحقته بماهو من كم معرفي، لايمكن القفز عليه وتجاهله. وليس بمقدور أحد أن يقولب البشر كما يهوى، ولايمكنهم أن يكونوا قطيعا في زمن السماوات المفتوحة. وإذا خطوة للأمام تكمن في الاعتراف بالخطاء والتنازل عن هذا التمترس الذي يفضي الى لاشيء والى العبثية، والى المكارثية التي تستحيل ان تنوجد في عالم اليوم المتسارع ولدرجة مهولة في غزارة وتدفق المعرفي والعلمي الذي يستحيل معه ان تصمد اليوتوبيا، والفكرة الدوغما، وقد تلحق ضررا بالغا بمقترفها. وحده التفتح يثري الواقع، يفتح فضاءا للمستقبل، يحقق الارادة المجتمعية في العملية الانتاجية بدون هذا. ليس سوى حقول من الألغام، قابلة للإنفجار مهما كان رصيد القديم أو الماضوي قويا، فإنه مع ضربات مطرقة العصر يتفكك، يتلاشى، ينهار مالم يقم توازنا مع الآخر، ويقبل به ويفتح له ممرا واسعا للعبور الى المستقبل.

تحضرني هنا مقولة لينين.*إن الجديد حين يولد لتوه يظل القديم أقوي منه لكنه لاينتصر* ولقد ولد الجديد وهذا الزخم الكبير والمدهش في رفض نظرية الخمس على سبيل المثال يؤكد حضور هذا الجديد.

دعونا إذا من القفز على الواقع وتجاهل المجتمع بكل فئاته. مازال هناك ثمة عافية إذاما استحضر أولو القوة مكامن النجاح، وردم الفجوة التي احدثتها عميقا مسألة الخمس وغيرها من القضايا.

المكابرة لا تستقيم في زمن جغرافيا التنوع والانفتاح والرفض العالمي لأي تمايز عن الآخر. والعالم اليوم يموج بهذا الرفض لإقصاء الآخر والتعالي عليه.

كل هذا يحشد، يؤلب الجماهير في اتجاه التخلص من القهر وقد بلغ مداه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وصارت هناك طبقية غير معقولة في زمن وجيز تنال من الطبقة المتوسطة التي تم سحقها وهي عبر التاريخ الطبقة الاكثر وعيا وتجربة والمناط بها فعل التغيير الى الأمام لما لديها من رصيد ثقافي وخبره مالية وإدارية وقدرة على الفعل الصحيح بخبراته المتراكمة التي لامجال فيها للطفرة كما نراها اليوم بفعل محدودية تجربتها تصيغ بنزق خالص رغباتها التي تتصادم مع الحياة، مع الحرية، مع المواطنة المتساوية.

هل يدرك من يمتلكون القرار هذا المعنى؟ هل يتخلصوا من صياغة التاريخ بقسرية شديدة قد لايصلون معها الى ما يأملون؟ إننا نبحث عن ضوء، ولانرجو غيره أمام من يبحثون عن الظلام، ويصمون آذانهم عن صراخ القوى المضطهدة التي تعيش مآزق متتالية من نقص في الأموال والأنفس والثمرات والحرية أيضا.

نصيحة لهؤلاء استيقظوا كونوا مع العصر، تفتحوا وتنازلوا لما هو إنساني خلاق، ليقتسم الجميع الوطن عدالة ومساواة واتاحة فرص واطلاق طاقات دونما من أو أذى واستئثار أو إقصاء. إنها نصيحة مجرد نصيحة
أقبلوها من مواطن تعب ملاحقة للأمل.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى