فضاء حر

اس العرقية وجذرها

يمنات

حسن الدولة

عندما يخيم الجهل على عقول القبيلة، يظن ابناء الشيخ انهم من جنس غير جنس بقية القبيلة، وهكذا يكون أبناء الزعماء الروحيين والرسل والانبياء، يصل بهم الغرور حتى يظنون انهم مصطفون، ولو علموا انه كلما توسعت عصبية المرء كلما كان قريبا الى الله، فلا القرشية مميزة ولا أي فخذ من فخوذها؛ ولا صحة للنص المفزع الذي نقله العلامة الزيدي محمد عزان عن ابن تيمية الذي وضع تسلسل لأفضلية آل البيت ثم اتبعهم بقية فخوذ قريش إلخ. فالاسلام جاء يساوي بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وكل صناديد واقيال قريش، بل جعل الاخير من آل بيته عليه الصلاة والسلام.

ولم يميز نفسه في العطايا مساويا بين الذكور والاناث في ذلك؛ وكان عليه يعامل نفسه كسائر الناس ولم يميزه الله إلا بالوحي وحمل الرسالة فحسب، فقال الوحي على لسانه {وما انا إلا بشر مثلكم}.

فقد عابت عليه قريش لأنه كان رجل يمشى بنعله الذي أكل الدهر منه ويشرب ويأكل في الأسواق.

فإذا كان هذا حاله عليه الصلاة والسلام وحال ديننا الحنيف الذي جعل التفاضل بالتقوى ليس في الدنيا بل في الأخرة؛ فما اروع واجمل ما روي عن الإمام علي كرم الله وجهه فقال: {اعجب ولما لا اعجب من امرئ يتعالى على ابناء جنسه فو الذي برأ النسمة وفلق الحبة لو اعطى الله هذه الميزة لأحد من عباده لخصها رسله وأنبيائه..} ومذلك قوله عليه السلام: {إن آل محمد هم من اتبع هدي محمد وإن قربت لحمتهم وعدو محمد من ابتعد عن هدي محمد وإن بعدت لحمته قال سبحانه: إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه}.

هذا هو الإسلام الانتماء إليه إنتماء إيمان بالله وباليوم الآخر والعمل الصالح فالمسلم المتبع لهدى الله هو اقرب إلى محمد (ص) من الهاشمي البعيد عن هدي الله.

ولكن جاء في هذا الزمن من احياء هذه النعرة الجاهلية حتى لو قيض الله وعاد الرسول لنهاهم عن تقديسه وانزاله في منزلة أعلى من كونه رسول بلغ رسالة ربه واكمل للناس الدين (اليوم اكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا)؛ فقد امره الله ان يقول (قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحى إلي) وقال له ان يبلغنا: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)..

نعم لو قيض الله عودته لأنكر كل احاديث التميز والإصطفاء وبخاصة ذلك الحديث الذي يجدد دعاوى الجاهلية التي طالبت ان يكون الرسول من احد القريتين عظيم حيث نسبوا إلى الرسول انه قال بأن الإمامة في قريش ما بقي منهم اثنان فهذه النزعة القرشية الجاهلية هي أس وجذر كل تميز عنصري مزق نسيج الأمة الإسلامية وكذلك تلك رواية التي تزعم ان الله اصطفى قريش من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاه من بني هاشم فهو خيار من خيار من خيار، وهكذا جعلوا الرسول من نبي مصطفى لتقواه وصدقه وامانته إلى اصطفاء سلالي مقيت فأين هذا الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام انه يخشى ان يأتيه الناس يوم القيامة بأعمالهم ويأتيه اهل بيته بأنسابهم..

لقد قام الضباط الاحرار من الهاشميين مع جميع الضباط الاحرار من فئات المجتمع بثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة عام 1962م ووقفوا صفا واحدا ضدا على النعرات الجاهلية التي اطلت بقرونها الشيطانية مع صدور لائحة الزكاة والخمس العنصرية التي فتحت بلاعة العنصريين من الطرف المضاد فازكم العنصريون انوفنا بتلك النزعات الدنيئة التي تمزق نسيجنا المجتمعي ذلك النسيج الذي يستظل بظله كل اليمانيين من مختلف اعراقهم وماطقهم ومذاهبهم ومشاربهم الفكرية والحزبية..

فإحيا هذه النزعة المقيتة يسيء إلى اليمن واليمنيين في عصر الدعوات الإنسانية والدول العلمانية التي ترعى الجميع وتقف منهم على مسافة واحدة دون تمييز ولا تفرقة بين قرشي وغير قرشي؛ فلندع يا قوم هذه النعرات التي تسيء الى الإسلام وإلى رسول الانسانية والمحبة والمساواة والعدل والرحمة. فيا هؤلاء يجب أن تعلموا بأن الله اعدل مما تظنون ولا يعقل بان يميز مولودا عن مولود؛ فكلنا ولدنا من بطون امهاتنا سواسية ولكن المجتمع هو من خلق هذه النعرات؛ فانا ولدت وقالوا عني انني هاشمي ولم اهتر لقبي..

فإلى هنا يا اصحاب الخمس وكفى تراجعوا عن تلك اللائحة المسخ المعرضة لنص صريح في الدستور بان المعادن والنفط ملك للدولة ومخالف للشرع الصحي ولولا دعوة القرشية ولولا تلك الدعوى التي ما انزل الله بها من سلطان “أن الإمامة في قريش ما بقي منهم إثنان” لما ظهرت دعاوى الهاشمية والتميز والاصطفاء ولا ظهرت التميز الأموي والعباسي..

ومن المؤسف ان عالما مشهورا ويعتبر من ابرز علماء الزيدية المعتد مرجعا عند اهل السنة وهو من غير هذا البيت الهاشمي قال بتحريم العلم على اصحاب المهن والحرف الحدادين والنجارين وتجار سوق العطارة وهو العالم الوحيد الذي اثار هذه النعرة بهكذا وضوح سامحه الله ولو قالها احد من الهاشميين لاقاموا عليه الدنيا ولم يقعدوها لكنها عين الرضى عن كل عيب كليلة..!!!

فتبا لكل ذي نزعة تميز في اي عصر كان ومهما علا كعبه في المكانة الدينية..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.  

زر الذهاب إلى الأعلى