كورونا في قفص الإتهام (4)
يمنات
م.خلدون شرف العامري
اليمن من حقل تجارب عسكري إلى حقل تجارب بيولوجية
من خلال الحلقات الثلاثة السابقة من هذه السلسلة التي تحدثت في الأولى منها عن الأمراض المتفشية في اليمن ثم في الثانية عن مخاطر الأدوية المهربة والمزورة ثم في الثالثة عن التجارب السريرية، لم تكن تلك الحلقات إلا مقدمة للوصول إلى هذه الحلقة الهامة.. كل ذلك حتى أضع العامة في الصورة الحقيقية لمايجري الیوم في يمننا الحبيب، بعد إذ خنعت وتواطئت السلطات في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، التي لم تكتفي بترك المواطن فريسة سهلة لتجار الموت، بل وفرت غطاء شرعي وأظفت عليه مسمى الإنسانية مقابل فتات التمويل والثراء شخصي !
————————————————————————–
لم يعد يخفى على أحد أنه وخلال 6 سنوات من الحرب صار اليمن حقل تجارب عسكري، فمنذ الوهلة الأولى للعدوان وكل أقطاب التسليح العالمي بمختلف توجهاتها المؤيدة والمعارضة سارعت جميعا لإغراق الساحة اليمنية بمختلف الأسلحة؛ تختبر فيها القدرات التدميرية ومدى فاعلية الصناعات الحديثة، متسببة بكوارث صحية ومادية جسيمة، ضاربة بكل الاتفاقيات الدولية وأخلاقيات الحرب عرض الحائط..
حسب توصيف الأمم المتحدة ” اليمن بلد يعيش اسوء كارثة انسانية في العالم”، وعلى مدى سنوات من العدوان الخارجي والصراع الداخلي، وجد المواطن نفسه في قلب دائرة الخطر،، ومع توقف كل المرافق الصحية العامة وجدت المافيا العالمية طريقها في التتسلل إلى الديمغرافيا اليمنية التي وجدت فيها بيئة خصبة لدراسة تطور الأمراض والأوبئة وإستخدام السكان ك فئران تجارب للمنتجات الدوائية، التي تدر عليها ترليونات الدولارات..
لم تكن التجارب البيولوجية على سكان القارة السمراء هي آخر ماحدث من انتهاك للآدمية، بل ما زالت الجمعيات الدوائية تجري التجارب السريرية على الفقراء في دول العالم الثالث، وتعمل على دراسة تطورات الأمراض والأوبئة لستيلاد عدد من المعالجات..
بعد إذ تسلمت المنظمات الدولية الملف الصحي بدون قيد أو شرط، بادرت تلك المنظمات بانشاء (1990) مركز رصد وبائي، تتصل جميعها بالجمعيات ومراكز البحوث البيولوجية العالمية مباشرة، كما أصبح الشعب اليمني أكبر قاعدة سكانية تجرى عليها التجارب السريرية، تلك التي تسللت على هيئة مساعدات علاجية مجانية.
اليوم وبالرغم من التدخلات الأممية في أغلب المناطق اليمنية، من أجل السيطرة على الأوبئة المختلفة حد زعمها؛ إلا أن نسبة كبيرة من السكان أصبحوا عرضة للوفاة، وظهرت فاشيات حقيقية وخطرة بل صارت خارجة كليا عن السيطرة الطبية، فاشيات قاتلة تختلف كثيرًا عن تلك الفاشيات الوهمية التي جرى الترويج لها خلال السنوات الماضية، ك الكوليرا، الكذبة الكبرى -حصان طروادة- التي ابتدعتها المافيا العالمية حتى تتفرد باليمن .. ولاقت رواجا محليا ودوليا كبيرا ..
بإذن الله إن بقيت على قيد الحياة ومن موقعي كشاهد عيان مطلع وعضو ميداني مشارك في برامج مكافحة الكوليرا أعدكم بأنني سأفرد سلسلة حلقات أتناول فيها حقيقة الكوليرا وبالأدلة سأكشف عن فساد الجهات المتورطة، وسأكشف الألاعيب التي ضخمت أعداد الإصابات وكيف تم توظيفها داخليا وما تم من انتهاك وتهديد للأمن القومي للبلد، وأيضا ما تم ومايتم حتى الآن من جرائم بيئية وبيولوجية جسيمة.
————————————————————————–
*لماذا اليمن.؟
وبالعودة إلى موضوعنا الاساسی عن تحول اليمن لحقل تجارب بيولوجية، كل الدلائل تشير على أن قوى النفوذ الدولية لم تقتصر على وحشية التجارب الحربية وفضاعة الأعمال العسكرية، من وعلى اليمن، بل وعلى غرار ما حدث في القارة السمراء، فقد أصبح اليمن أكبر حقل تجارب بيولوجي معاصر، وذلك للأسباب التالية:
1- توفر القاعدة السكانية العريضة، شعب يتكاثر بسرعة كبيرة،
2- انتشار الأمراض والأوبئة المختلفة.
3- الفقر والحاجة جعل المواطن فريسة سهلة للعلاجات المجانية.
4- الجهل وغياب المعرفة العلاجية.
5- انهيار المنظومة الصحية بسبب الأعمال العدائية وعدم القدرة على تحمل التكاليف التشغيلية؛ ماجعلها بيئة جاذبة للتجارب ..
6- التكاليف الرخيصة في إعداد وتطبيق مراحل التجارب السريرية من خلال البرامج الهامشية ورخص الذمم اللاهثة وراء الثراء الشخصي.
7- غياب القوانين الرسمية وسهولة التحايل عليها، بمعنى عام وبسبب فساد السلطات يسهل الإفلات من التبعات الإخلاقية والمادية في حالة الإنكشاف.
8- الحروب وانشغال اطراف الصراع المحلية وحاجتها لمصادر تمويل حتى وإن كانت على حساب التجارب.
اليمن الذي يحتضن عدد من الأمراض المعوية والحميات الوبائية بشقيها سواء المستوطنة أو المتسللة مع المهاجرين الأفارقة، والتي لم تكن بمجملها قاتلة أو خطرة كما هي عليه الآن من الوحشية بل سبق وأن تعايشنا معها بين كر وفر لعقود من الزمن.. بينما يلاحظ يومنا هذا أن تلك الأمراض المستوطنة قد تمحورت وأصبحت فتاكة كما لوحظ تفشي أمراض تنفسية قاتلة تلك التي لا نعلم كيف تسللت إلى بيئتنا الغير حاضنة لها ك انفلونزا الخنازير«H1 N1» التي تفتك بالمصاب خلال يومين إلى ثلاثة من العدوى ..
هذا ما أكده مختصون محليون بقولهم “أن تزايد أعداد الوفيات نتج عن تمحور الحميات وظهور أمراض تنفسية دخيلة؛ وكل المؤشرات توحي أن اليمن بات يحتضن فاشيات لم تلقى أدنى اهتمام من قبل الشركاء الدوليين المتسببين بهذه الكارثة”.
وحسب المختصون ” منذ أن تسلمت المنظمات الدولية الملف الصحي أصبح اليمن حقل تجارب لجمعيات متعددة المشارب، فما يعتقده الكثير من الفقراء بأنها علاجات مجانية؛ ماهي في الحقيقة إلا تجارب دوائية تجريها الجمعيات الدوائية العالمية.
التجارب التي -إلى جانب الأدوية المهربة والمزورة- لا نستبعد أن كان لها الدور الأبرز في تمحور الأمراض لتصبح قاتلة كما نراها اليوم”
*وهو أيضا ما أكده التقرير العلمي لمجلة “ساينتفيك أميركان” الذي قال : ” “إن شركات الأدوية الكبرى حولت سكان ومواطني القارة السمراء ودول العالم الثالث إلى فئران تجارب لأدويتها، وقد تسببت تلك الأدوية بتمحور معظم الأوبئة بل وأنتجت أمرضا جديدة أصبحت فيما بعد خطرة وقاتله، أبرزها، الكوليرا والحصبة والملاريا والإيدز وإنفلونزا الخنازير والطيور” ..
نفس هذه الأمراض باستثناء الإيدز هي ماتفتك بالمواطن اليمني يومنا هذا، وتسببت بتزايد أعداد الوفيات في الأوساط، إلا أنه ونظرا لتزامن وحشتيها مع تفشي الجائحة العالمية كورونا تم الخلط والتبس الأمر على المجتمع البسيط وبالتالي تنسب أغلب الوفيات للكورونا، ذلك الوباء السريع التفشي الغير خطر في حقيقته..
هذا ما أكده وزير الصحة وعلى استحياء في كلمته الأربعاء قبل الماضي خلال الاجتماع الافتراضي لوزراء الصحة العرب بقوله ” إن 30 مليون يمني يواجهون خطر الإصابة بستة أمراض قاتله هي فيروس كورونا والملاريا وحمى الضنك والتشيكنجونيا والكوليرا والتيفوئيد”.
وهي ذات الأمراض التي حذرت منها وزارة الصحة بصنعاء ديسمبر الماضي من خلال تقريرها المعنون باسم ’ الحميات والوضع الوبائي لحالات الالتهابات التنفسية الحادة الوخيمة” التحذيرات التي قوبلت بغضب وإستهجان منظمة الصحة العالمية وشركاؤها الدوليين الممسكين بالملف الصحي اليمني ..
روابط الحلقات السابقة:
*الحلقة الأولى : أبرز الأمراض التي تفتك بالمواطنين انقر هنا
*الحلقة الثانية : الأدوية المهربة والمزورة انقر هنا
الحلقة الثالثة : التجارب الدوائية انقر هنا
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.