فضاء حر

عن انفجار بيروت

يمنات

سامية الأغبري

أنا بخير

لبيروت من قلبي سلام

لم انم ليلة البارحة، لهذا كان هذا اليوم مرهق ذهبنا الى السفارة المصرية للسؤال عن الموافقة الأمنية. ثم عدنا للسفارة اليمنية و خرجنا تغدينا في احد المطاعم قبل ان أعود إلى الفندق.

قلت سأنام قليلا حاولت لكنني لم استطع.

قمت و فتحت جهاز الحاسوب و جلست على الأريكة اتصفح المواقع بحثا عن اخبار اليمن و أتناقش مع صديق على الواتساب حول قضية دينية، فجأة شعرت كأن الفندق يهبط الى الاسفل، خلال اقل من ثانية و انا اضع اللابتوب جانبا لأرى من النافذة مالذي يحدث في الخارج وقع الانفجار..

رمى بي على الارض، سمعت صراخ و هلع، لم ادر مالذي يحدث، كنت امام باب الغرفة من الداخل ارتجف، من شدة الانفجار ظننها سيارة مفخخة انفجرت امام الفندق، و خطر ببالي ان انفجارا اخر سيليه نجوت من هذا لكني لن انجو من الاخر..!

دقائق بدأت أهدأ و استوعب، ارسلت رسالة الى الصديق (انفجار) لكنها لم تصله، كان الإنترنت قد قطع.

ذهبت الى النافذة لأرى تجمع الناس و آثار الانفجار، خرجت من الغرفة لأرى من الجهة الأخرى كان زجاج النوافذ متناثر على الارض.

ثم قررت اخرج الى الشارع..

في الاصانصير التقيت بشابين لبنانيين سألتهما: أين الانفجار..؟

رد احدهما: في بيت الوسط. تجمد الدم في عروقي و نظرت اليهما بهلع لا اعرف ان كانا فهما سبب هلعي..

قلت في نفسي الى أين يمضى هذا البلد..؟ مالذي سيحدث الان..؟ ماذا بعد تفجير بيت الوسط..؟

يبدو انهما لا يقيمان في لبنان، كان أحدهما يرد على كلام رفيقه الذي لم اسمعه: يا عمي لااا مابدي .. بدي فل من هون.

بقيت صامتة خرجت التقطت صور لما خلفه الانفجار..

لم اكن قد رأيت الدمار الحقيقي و الدموي لهذا الانفجار..

هنا خسائر مادية بسيطة، اما هناك خسائر اغلى .. خسائر بالأرواح

آلاف الضحايا و خسائر مادية

وسط البلد مدمر..

اردت ان اسمع جوابا آخر أين الانفجار .. سالت رجل كان يقف الى جواري امام الفندق، أين الانفجار..؟ في المرفأ..؟

أليس في بيت الوسط..؟ قالها أيضا بخوف : لاااااا

اراني شخصا اخر فيديو الانفجار .. ياللرعب

هل الخسائر بالأرواح كثيرة: إيه كتيير لكن ما بعرف أديش

ما سبب الإنفجار؟ صاروخ

إسرائيل قصفت

و الحقيقة ماهي..؟!

كنت حزينة جدا، بقيت صامتة، بالاصح متجمدة.

دخل الى الفندق رجلا ملابسه ملطخة بالدماء سأله احد الموظفين من اين هذا الدم..؟ كان في مصاب و الاسعاف مااجا، اتركه عالرصيف؟ حملته للمشفى.

لكن كان خبر أخر قد نزل علي كالصاعقة، الصديق عبد الرحمن الأشول طلبت منه رصيد و انا احتاج لاستخدام الإنترنت، لم يخبرني انه كان يتحدث مع صديقتنا الفرنسية (ماجي) لحظة الانفجار.

اتصلت لأساله ان كان قد اشترى لي الكرت..؟ قال انا امام بيت ماجي، كنا نتحدث وقت الانفجار، و انقطع الاتصال فخرجت لأطمئن عليها.

العمارة التي تسكنها مدمرة و أيضا ربما تسرق بيتها.

سألته اين ماجي..؟ لا اعلم و لكن في بيتها دم..! صدمني الخبر.

كنت قلقة جدا اين و من نسأل..؟ الدنيا ظلام و الناس خائفون و بيروت مقلوبة رأسا على عقب، و لا نعلم الى اي مستشفى قد نقلت ماجي.

اصوات سيارات الإسعاف التي لم تتوقف كان يثير داخلي مشاعر لا اعرف ما هي خوف او حزن او ذكريات..! اردت ان ابكي لكن حتى هذه المرة دموعي التي لا تتوقف، تحجرت في محجري.

قال عبد الرحمن الدم كان بسيط اظن اصابتها بسيطة .. لا تخافي، قلت ربما فقط يقول هذا لأطمئن.

و رغم اني كنت مرهقة اضاف حزني على الضحايا، اصابة ماجي حزن اخر، حاولت النوم لم استطع، ثم جاء اتصال الصديق بليغ المخلافي يخبرني عن شي طلبته منه.

قلت له انا قلقة على ماجي، كان هو قد تواصل مع السفير الفرنسي في اليمن و اعتقد ايضا سفير فرنسا في مصر..

قال لا تقلقي نامي، ستكون ماجي بخير

قلت له تمام

بعد دقائق قليلة اتصل بي مرة اخرى .. قال: لا تقلقي اصابة ماجي طفيفة.

الان انتبهي لنفسك و نامي.

هذا الانفجار ايقظ في داخلي اللحظة الاولى التي قصف فيها التحالف العربي قاعدة الديلمي منتصف الليل، استيقظ سكان صنعاء على صوت الانفجار، و زجاج النوافذ الذي تناثر على أرصفة صنعاء، كل حارة كانت تعتقد ان الانفجار من شدته في شارعهم الرئيسي.

لكن الشعور بهبوط الفندق و اهتزازه ثم الانفجار ذكرني بذلك اليوم الذي كنا انا و جيراني في حوش العمارة شعرنا باهتزاز تحتنا و رأينا ضوء اصفر يلمع على العمارة امامنا ثم كان الانفجار الذي ناثر زجاج نوافذها.

كان مرعب، لقد قصف فج عطان.

هي كتلك اللحظة التي قصف فيها عطان، هو نفس الهلع و الصراخ و الخوف في عيون الاطفال و قبلهم الكبار.

السلام على شهداء الانفجار، الشفاء للجرحى و السلام للبنان الحبيب

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى