أحمد الرمعي .. الصحفي المعتد بنفسه
يمنات
سامي غالب
“لي سنتين و3 اشهر في قرية نائية في وادي رماع مابين الحديدة و ريمة، أعيش كفلاح”.
“لا استطيع التعايش مع المليشيات بكل انواعها”.
“تقبلنا العيش في وجود شبه دولة (…)
لكن في وجود وكلاء الله على الارض من كل أطراف الزيف الديني لا يمكن”.
أحمد الرمعي، مقتطفات من دردشة (هنا في الفيسبوك) في 19 نوفمبر 2019.
__________________
تعمقت صداقتي بالزميل أحمد الرمعي في خريف 2003. كان التوجه السائد في صنعاء سنتذاك (بعد احتلال العراق و اطلاق مبادرة الشرق اوسطية من قبل إدارة الرئيس الاميركي الأسبق جورج بوش الإبن) التكيف سريعا مع موجة “الدمقرطة” و تخفيف قبضة سلطة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على الحياة الحزبية و المجتمع المدني و النقابات المهنية. و المحقق أن صالح وجه حزبه بالانفتاح على الصحفيين المستقلين و المعارضين من أجل معالجة الخلل المعيب في نقابة الصحفيين (التي كانت تخضع لسيطرة الحزب الحاكم – حزب الرئيس صالح).
قضت التعليمات بتوسيع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث لنقابة الصحفيين لتشمل، الى جانب مجلس النقابة بقيادة الزميل محبوب علي، 6 صحفيين حزبيين و مستقلين و معارضين. كذلك صرنا، أحمد الرمعي و أنا، من أعضاء اللجنة التحضيرية؛ هو ممثلا لصحفيي المؤتمر و أنا كصحفي مستقل. بعد 3 أشهر من السجالات و الأزمات و التسويات، كانت “المهنية” قد أزالت الحواجز كافة..!
كان أحمد الرمعي صحفيا أولا. و لذلك لم نكن نحن “المصطفين” من صفوف الصحف الحزبية المعارضة و الأهلية، لنشعر بأنه “آخر” إلا متى صدرت التعليمات، حاسمة و قطعية، من مقر المؤتمر الشعبي، تلزم اعضاء اللحنة التحضيرية من اعضاء المؤتمر بخطوط حمراء..! لكنه لم يكن ليذهب بعيدا في التزامه الحزبي فقد كانت الغلبة، لديه غالبا، للصحفي الذي كانه.
انعقد مؤتمر النقابة. و من أسف فإن الحظ لم يحالفه في الفوز بعضوية المجلس المنتخب. و قد عزوت ذلك إلى غلبة “الحزبي” على “الصحفي” في معايير انتقاء المرشحين من أعضاء المؤتمر الشعبي، و الأحزاب عموما.
لا أريد ان أفرط في التحليل هنا، لكن بوسعي المجازفة بالقول إن أحمد الرمعي الصحفي المعتد بنفسه، و بمهنته، كان دائما خارج دائرة المرشحين المفضلين لرجال السلطة و السياسة في اليمن (سادة اللحظة الراهنة في عهد صالح و ما بعد صالح). و في هذا تأويل حنينه إلى قريته كـ”فلاح” بعد أن ضاقت عليه صنعاء و عواصم الشرعية في عدن و “الاقليم”.
بكلمة، كان مشاكسا بينما الشروط تتطلب زواحف لا تقف على قدمين..!
***
لم تكن انتخابات نقابة الصحفيين في ربيع 2004 نهاية المطاف في علاقتنا. فالصداقات العابرة لخطوط السياسة و الايديولوجيا هي الباقية. و صداقتي به هي من نمط صداقات الخط الصاعد، صداقات “ما فوق التوقعات” و “ما وراء الالتباسات”. و عبر السنوات تعمق القرب المهني بلقاء الأفكار و التصورات. ثم ان سمات جديدة في شخصيته كانت تتجلى عبر الأيام؛ تلك القدرة الباهرة على السرد، و المهارة الفائقة في التصوير، التصوير بالكلمات أقصد، و المقاربات شديدة التكثيف لمفارقات الحزبية و السياسة و الصحافة في “يمن” ما بعد صالح..!
في نوفمبر الماضي (بعد انقطاع دام شهور في الفيسبوك و سنوات في الواقع) أرسل لي 4 صور تخصني، إحداها تجمعني بالزميل و الصديق الغالي Mohammad Alghobari أثناء ندوة تتعلق بمستقبل الصحافة انعقدت في 2014. و قد ساءلني: “ترى هل شخت يا سامي..؟” و قد أجبته بأنه ما من بشري يوسعه مقاومة فعل الزمن..! قال لي انتظر المزيد من الصور. فلدي الكثير من صورك في ارشيفي.
أردت الاطمئنان عليه بالسؤال عن صنعاء و أهلها. فسارع الى تبديد أية مخاوف حول سلامته و أمنه، بالقول إنه يعيش كـ”فلاح” في قرية نائية في وادي رماع.
غبطته قائلا ما أجملها سكنى..!
***
الجزين المبهج مات..!
السلام لروحه في دار البقاء.
* الصورة بعدسة الفنان عبد الرحمن الغابري، نشرها قبل ساعات.
من حائط الكاتب على الفيسبوك
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.