فضاء حر

عن اللغة مرة أخرى

يمنات

محمد اللوزي

الإهداء الى استاذنا الفاضل والصديق العزيز ـ الكاتب والباحث والشاعر المتقن للحرف وجمالياته بإبداعه وتجلياته/ عبد الودود سيف.
مع خالص التقدير والمحبة

اللغة ماكرة،فاعلة ،تكتبنا ،تقودنا ،وتشكلنا ،كماهي من عجينة اللغة ذاتها .اللغة عمل سحري عجيب ،تمتلك ايقاعات الذات والعالم ،مليئة بالاسرار التي لاتنكشف إلا للقليل،فتكون سلطة العقل وتسلطه في آن …

اللغة حبالها كثيرة، وتلويناتها لاتعد ،وإيقاعها متشكل لانهائي. اللغة الوصف الذي نقدر ولا نقدر ،تهبنا الجمال وتهزنا بقوة،وتسلبنا اللب .هذه اللغة زئبقية كأنها لاتريد أن تكون وتكون أيضا .نأتيهاونقترب منها وتجود علينا ثم تفرمنا. فرارها معركة اخرى لقادم آخر ..

اللغة ليس لها محدد ولا نقطة امتلاء .أبدا تبقى كأسا نشربها ولا أرتواء ..اللغة ألهام لدى اصحاب الدهشة القوية ،وكائن اجتماعي لدى الطبيعيين .

اللغة فو طبيعية احيانا تسرقنا من ذواتنا وتسلب القلب ،وأحيانا اخرى تربض فينا ولاتغادرنا ونظل فيها كمن يحرس النار للتدفئة..

اللغة زئبقية، لاتريد أن تكون، وتهزاء منا، وتكون كما نحن من تضاريس آدمية بكل أخلاقياتنا ووعينا التاريخي وتشوفنا المستقبل ..هذه اللغة دوما تريد، لاتشبع، ونحن نلهث في براريها ونرتق الروح منها ونغزو الأخرين بها ،تستعبدنا وتذلنا وتجعلنا ايضا اكثر غرورا وزهوا ،تحدد القادم حينما تكوننا ،نصير أشبه باللوعة والهيام ،تفترسنا ونحب هذا الافتراس ونداريه ،ونرغب نحن أن نقتلع هذا المعباء قلبا ،لنبقى في اللغة ولانقدر…

اللغة تكويننا الدائم،لأن ننهزم وننتصر في آن ،هزيمتنا قوتها سحرها نقاوتها .

اللغة منفى/وحضور ،ثابت/متحول،إنسية/جنية في آن.اللغة مرض نفسي يعبث بالفراغ وفينا .حين نسبر غورها ومجازها البعيد ونفتح ما نفتح من قلوبنا والآخرين ..

اللغة هي السر الدفين في العالم الذي لايقدر كائن القبض عليه ليعلن انه قد أحيط بهاكلها ..اللغة اكتشاف متواليات ،كل لحظة ثمة ما نقع عليه منها ..اللغة انغلاق/ وتفتح ،ظاهر /باطن،غموض/ووضوح ،مسكوت/ومنطوق فيها مافينا من قوانين لاتعد ولاتحصى .ركب اللغة باللغة،النتيجة نغم وجمال، بهكذا اللغة تمويه، ومكاشفة، وتعريض، وتحريض، وتفسيق، ووتكفير ،كما هي ادانة وتسامح ،حرية وعبودية ..اعجاز اللغة انها لغة .وأعجازنا أمامها أنها تظل قابلة أن تتمددفينا،وأن نقتفي ما قاله الأولون ونضيف تاريخا جديدا..اللغة تاريخ معجون بالأنسان في كل محاولاته الأبداعية وانتصاراته وهزائمه، هي التي تدوننا بشرا كانوا.

اللغة هي المتعالي حد الغيب ،وهي فعل انسياق الى مانريد وما لانريد، نأتي بهاونكون المعنى ،هي الدلالة والشارة ،وهي اللفظ الصريح الواضح القاطع الدلالة البعيد عن الظنية،وهي الإحتمال واللاإحتمال ،المرئي والمسموع ،وهي من صمت ونبؤة وأشياء لاتعد فينا ،كأنها اللغة ،لغة من سراب ونبع ماء حقيقي ،نعطش وننهل ونعطش في علاقة متداخلة نقوى عليها ونرسب أمامها ..اللغة تدمير شامل للكوكب الأرضي وما بعد الأرضي ولملمة الكوني أيضا، وإقامة علاقة متجددة مع الكائنات ،مع العالم .بناء لغة بلغة للتفاهم والتعايش .

اللغة تعايش سلام وحرب انفجار واستقرار .عجيبة هي من سحر وشعوذة وقدرة على التمويه والمغالطات والأستلاب .وهي أيضا التي تتحول الى تميمة من شرحاسد اذا حسد.وهي قراءة الغامض وفتح مغاليقه وعلاج النفس للنفس واستخراج للسحر ،وكل له لغته التي يأتي إليها، يستنطقها، احيانا يصطادها وأحيانا يقع فريستها .

اللغةمشحونة متوترة هادئة ارهابية، حينا دكتاتورية، وحينا شاعرية حالمة تقودنا إلينا ونقودهاإليها ،بين الشد والجذب تكمن اللغة الاإنصهار ،الرؤية،العلامة،التجدد،القدم ،التاريخ وما بعد التاريخ..

اللغة رفض وقبول، اشتراط وممانعة،حوار وانسداد،أفق مفتوح ومغلق ..اللغة صحة ومرض ،جنون وعبقرية،تسلط وقمع،فوضى ونظام،حضور وغياب،،وهي خروج من الذات الى عالمها ،ودخول العالم مضطربا الى الذات ،وعود لتنظيم الأضطراب باللغة .هي حضور وغياب كما نحن وهي الحب بلاحدود،إحداث حقيقي في الوجدان ،تغيير في نبضنا تماما ،كأنها تتصيدنا وتتسيدنا ،لولا اللغة لما كان الأنسان انسانا ..عالم مقرؤ وقابل للقراءة ومنتج لها .

اللغة إحتيال على الذات ،لذات اخرى وتدريب مستمر للعالم لكي يكون عالما أضافيا .اللغة أين نحن منها؟وأين هي حينما نظل نجوب شوارعهاوبراريها ومجراتها الكونية؟..

اللغة بهاء ،بهاء غير معقول.تناسخ ارواح وتبادل أرواح وخلقها ،وهي تواصل المنتج بالمستهلك ،الإنسان بخالقه، الكون بمبدعه..اللغة فو طبيعية تنوجد فينا ومنا ،نحن الطبيعيون .

اللغة مورد مهالك تجرنا اليها أحيانا نضيع وأخرى نهتدي (وعلامات وبالنجم هم يهتدون).هي علامات واشارات إلهية لنا وبشرية (للهو)،(الله )وبين (الله)و(العالم)ثمة لغة،تأتي بنا ونأتي بها،تكون منا ،ونكون منها.

اللغة تأمل ،رحابةصوفية،،لغة الصوفي الصمت ،وصمت الصوفي نطقه،واشاراته.كل شيء يشي بلغة ،ويفتح لغة،ويدمر فضاءا ويخرج فضاءا آخر..

اللغة هي الآلهي فينا ،سرمدية حتى ما بعد الموت لنا لغة حساب وعقاب . واللغة تخاطب /تخاطر،متن/هامش،تفسير /تأويل ،واقع/خيال ،ترغيب /ترهيب ،نظام /فوضى ،،،سيادية متعالية كما هي أسيرة طيعة انقيادية ،مستهلكة مستلبة .وهي أبداع حافل بالمبادرة والتجديد .وهي اغراق واستغراق في المحدود،كماهي احتياج لانهائي وحرية بلا حدود ،تنوجد لتنضبط،،وكل له لغته المماليه المداهنة او القوية الفاعلة الرافضة ،وإذا اشكالية العلم الإبداع ،وهولغة ولغته تحولاته على الدوام .التحول إشارة تأتي أو نرحل إليها ،لنمارس وجود الذات،في لغتها في عالمهاالإبداعي وكل لغة هي هكذا ،استيفاء حق إنساني إتجاه الى البشري ،بروح مهذبة فاعلة تشع جمالا.هي جمال الروح ،عبقرية العقل الجمعي،وعلاقات بين الذات والعالم الفرد بالمجتمع والمجتمع بتاريخه والتاريخ بفاعله ومحركه الأول وخالقه العظيم.من جعل اللغة لغة اغراض لنا عقلية وعاطفية ..

اللغة موسومة أنها تعبير عن وجود الأنسان في التاريخ، أوروحالإنسان في التاريخ الذي يتمرأى ولا يتوقف إلا ليبداء ثانية .انها أزمنة في زمن، اختزال عوالم وحضارات بشرية وغير بشرية.

اللغة هي العالم؛ هي الكوني ؛هي الوصول الى مدارج الألهي ،هي الوحي المنزل وما بعد المنزل.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى