ماذا نفهم مِــن كلمة العاهل السعودي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن اليمن..؟
يمنات
صلاح السقلدي
ما قاله العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، بشان اليمن ضمن جُملة ما قاله في كلمته أمام الدورة الـــ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها الأربعاء ،والتي حمّــل فيها إيران مسئولية الحرب باليمن، ومؤكدا بأن بلاده ستظل تقف مع اليمن حتى يتحرر من الاحتلال الإيراني، تشي بحالة من الإحباط السعودي من الأوضاع في الأرض باليمن، وتشير الى حالة من التذمر تتملك المملكة من طول أمد وكُــلفة الحرب التي تقترب من عامها السادس دون أن تحقق غرضها المعلن، المتمثّــل بــ( إعادة الحكومة اليمنية المعترف بها الى صنعاء)،و بالهدف الغير المعلن المتمثل بــ( هزيمة الحركة الحوثية المقربة من إيران وقطع يد طهران باليمن).
فحديث الملك عن أن اليمن يقع تحت الاحتلال الإيران، ينسف ما زعمته المملكة من انتصارات عسكرية طيلة أكثر من خمس سنوات وبأنها هي والحكومة الموالية لها يسيطران على 85 % من الأرض، وبأن الحركة الحوثية ومعها حزب المؤتمر الشعبي العام” حزب الرئيس السابق صاح” أصحبا في عداد الموتى بعد تدمير 90% من قدراتهما العسكرية ,وبأن صنعاء أضحت على مرمى حجر من السقوط بيد قوات الحكومة الموالية لها.
فالوضع الميداني يراوح مكانه من الجمود بالنسبة للقوات الموالية للرياض، بل أنه منذ أسابيع صار مقلقا لها خصوصا في جبهات مأرب النفطية” معقل الحكومة الموالية لها” والتي صارت عاصمتها( مدينة مأرب) شبه مطوقة من قوات صنعاء، وهو سيعني سقوطها أو حتى تطويقها بالكامل تغييرا جذريا لمجريات المعارك لمصلحة الخصوم، وآخر مسمار يدق بتابوت التحالف السعودي وشركائه المحليين، خصوصا مع تصاعد فقدان حالة الثقة بينمها أي بين الحكومة وبين الجنوبيين، وفي ظل توتر بالأوضاع في الجنوب بينهما.
ولكن هذا لا يعني أنه في حالة خسارة حلفاء السعودية لمعاركهم في مأرب أو حتى في معظم بالشمال أن المملكة ستخرج خالية الوفاض ولن تطال شيئا من عنب اليمن ، فهي برغم إخفاقها بتحقيق الهدف المعلن لعاصفتها الحزمية: ( إعادة الحكومة الى صنعاء)، وبرغم انكسار حلفائها عسكريا واستحالة بلوغهم صنعاء، وبرغم إخفاقها بعدم القضاء على الحليف الإيراني باليمن” الحركة الحوثية” إلّا أنها أي المملكة قد حققت لذاتها باليمن أهدافا كبيرة واستراتيجية اقتصادية واجتماعية وعسكرية وفكرية ،كسبت لها نفوذ مضطرد على الأرض في محافظات من المهرة شرقا حتى عدن غربا، وفي جُــزر وموانئ استراتيجية لم تكن تحلم بها يوما من الأيام، برغم عدم ورود هذه الأهداف ضمن قائمة أهداف عاصفة الحزم.
ولكن هذه المكاسب السعودية -على أهميتها وضخامة حجمها ومدلولها- ستكون باهظة الكٌــلفة المالية والأخلاقية على صانع القرار السعودي وخزانته المنهكة، فالوضع باليمن شمالا وجنوبا بات أشبه بعبوة ناسفة مزروعة على البوابة الجنوبية السعودية قابلة للانفجار بوجهها في أية لحظة…فاليمن على هاوية المجاعة وعلى شفير التشظي والتمزق، فلا اقتصاد ولا تنمية ولا خدمات ولا مؤسسات ولا أمن نظامي وانهيار كامل للعملة المحلية” الريال”، فضلا عنه بات منذ سنوات دون حكومة محلية على الأرض وبالذات في الجنوب، وفي ظل تفاقم حالة التطرف والتناحر، واتساع رقعة انتشار السلاح, وتصاعد منسوب الضغينة والأحقاد على السعودية وبالذات في الشمال جرّاء الفظائع التي تقترفها طائراتها بحق المدنيين.
كما أن الجنوب الذي ظلت المملكة تتباهى بأنه قد بات تحت قبضتها وسيطرة شركائها وخاليا من قوات الحوثيين والصالحية، فها هو يغرق من ضياع الخدمات والأمن، ويغوص في عمق مستنقع الصراع العسكري والسياسي بين شريكيها :” الحكومة والجنوبيين”، وصار اتفاق الرياض الذي اشرفت عليه المملكة لرأب الصدع بين الشريكين مهددا بالفشل ، مما سيفضي ذلك الى انهيار كامل للأوضاع هناك والدخول في دوامة من الصراع الدموي المريع ، وهو الأمر الذي سيمضي بالمملكة وباليمن بالطبع إلى هوة الضياع والاحتراب بالداخل اليمني، والذي سيطال شرره المملكة.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.