ماذا يعني وصول “بايدن” إلى البيت الأبيض بالنسبة لدول الخليج..؟
يمنات
محمد اللوزي
نعرف جيدا ان السياسة الأمريكية على الأقل فيما يخص العرب لن تتغير كثيرا فكلهم ذلك الرجل وفقا للمعطى التاريخي في التعامل الامريكي مع قضايا الأمة العربية، لذلك لانعول كثيرا على بايدن و مابعد بايدن قدر ما نعول على النهوض العربي من الداخل، على العلم، و الانتاج، و البناء و التنمية، و الشراكة السياسية ببعدها الديمقراطي كمرتكز مهم للخروج من حالة الارتهان المأساوي الذي تعيشه الأمة بفعل عرب النفط الذين ارتهنوا سياسيا و اقتصاديا الى البيت الأبيض، و صاروا مجرد أدوات لإعاقة أي نهوض عربي يلوح في الأفق.
و ما يجري اليوم من مؤامرات كبيرة على دول عربية اختارت التحول الديمقراطي، يكشف عن الوجه القميء لدول البترو دولار التي اشتغلت على إفشال الدولة المدنية بتضافر علاقتها مع القوى المتأسلمة التي سارت في ذات المنحى تحلل و تحرم السياسي و الاقتصادي بناء على رغبات نادي الأغنياء الخليجي، و تعيق أي تطور نحو الدولة المدنية، بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.
في كل الاحوال هذا التضافر بين القوى الرجعية و تحديدا المملكة السعودية و القوى المتأسلمة، قدم تنازلات غير عادية فيما يخص القضايا العربية و في الصدارة القضية الفلسطينية و إفشال قيام الدولة المدنية و الزج بقوى التحديث في أتون صراع أواره يزداد اشتعالا، و لا يبدو أن ثمة بارق أمل يلوح في الافق للخروج من هذا الصراع الذي يموله البترو دولار، و الذي تولى مهام تنفيذ الفوضى الخلاقة التي نادى بها البيت الابيض جورج بوش الابن الذي كان يدرك جيدا ان القوى الرجعية هي من سيتولى هذه الفوضى الخلاقة و يمولها و يوسع من رقعتها، مقابل حمايتها كأنظمة استبدادية طيعة لأمريكا و منقادة لدرجة اللاإنتماء.
ضمن هذا السياق و في المقابل يحدث مراجعة عميقة للخطاب الديني الذي استنفد أغراضه، و صار هو الآخر محاصرا أو غير مرغوب فيه رغم ما يقدمه المتأسلمون من تنازلات خطيرة علها تشفع لهم في البقاء تحت مظلة نادي الأغنياء المسلوب الإرادة، و مع ذلك فإن سياسة البيت الأبيض و تحديدا في الفترة الرئاسية لترامب اتخذت من مكافحة الإرهاب وسيلة للنيل من الإسلام السياسي و مجالا لنهب موارد دول الخليج تحت مبررين الأول انها صدرت الارهاب و غزت به الآخر الأوروأمريكي، و ثانيا حمايتها من التوسع الفارسي الذي يهددها كأنظمة استبدادية و صار يطرق أبوابها، و لا سبيل للتخلص من ذلك الا باشعال حروب في المنطقة لنهب موارد البترودولار الخليجي على شكل بيع أسلحة و بذريعة مكافحة الإرهاب و حماية صورية لها من خلال تصريحات البيت الأبيض ضد إيران و تهديدها بين فترة و أخرى بنذر حرب، و لا بأس من ضربات جوية تمولها هذه الدول.
و لعل ابتزاز امريكا الكبير و نهب ثروات الدول الخليجية قد وصل الى مرحلة تعجز معه هذه الدول في المزيد من دفع الأموال، سيما و أن السعودية وجدت نفسها اليوم في تردي اقتصادي هائل و هو ما يعطي مؤشرا مهما بمتغير في سياسة البيت الأبيض إزاء هذه الدول مع قدوم بايدن إليه، و الذي سيتكفل بمهمة تغيير سياسة العلاقات الأمريكية الخليجية.
يتضح ذلك من خلال موقفه المغاير لسياسة ترامب، و طبعي ان يكون هذا الموقف مغايرا لأن ثمة تحول يستدعي ذلك، بعد ان استنفد الغرض من هذه الدول الرجعية التي صارت تشكل احراجا شديدا لأمريكا كداعمة لدكتاتوريات تنتهك الحقوق و الحريات، حتى بات ينظر لأمريكا أنها أشبه بدولة عصابات تبتز دول المنطقة، على الأقل هذا أمام الغرب الذي عبر عن استيائه من البلطجة الامريكية كونها فقدت البعد القيمي الاخلاقي.
و هنا يأتي بايدن يرسم دورا آخر يعيد السياسة الناعمة للبيت الأبيض الى الواجهة مرة أخرى و الى الاتكاء في التدخل الخارجي على البعد الديمقراطي و بذريعة حماية الحقوق و الحريات، ليتوجه النقد من جديد للسعودية تحديدا التي لديها رصيد كارثي في مجال الإرهاب و انتهاك الحقوق و الحريات، و ربما يؤدي ذلك الى انفتاح مع إيران لإرهاب انظمة القمع في الخليج و التي قد تجد نفسها أمام تحول غير عادي في المستقبل المنظور، و في كل الأحوال فإن أمريكا ترى في تغيير سياستها الخارجية أمر على غاية من الأهمية يعيد لها التوازن في العلاقات مع الغرب الاوروبي و العالم، و يخلصها من المأزق الاخلاقي الذي وصلت اليه، و يجعلها في مستوى دولة ديمقراطية معنية بالحقوق و الحريات.
الأمر إذا يفضي الى دور آخر ربما يقلق دول الخليج و يجعلها أمام متغير آخر يستتبعه بالضرورة تغيير في سياسة عدائها لدول المنطقة. و لعل السعودية قد تدرك في هذه اللحظات ذلك و تعمل بوتيرة متسارعة على إيجاد حلول في الصراعات التي هي طرف رئيس فيها، و الممول الأكبر لها.
ضمن هذا السياق نسأل: هل نجد في اليمن متغيرا مهما يفضي الى إخماد الحرب تسعى إليه الرياض قبل متغير قادم يعكس أثره لفاعل والقوي على المملكة ويقلب الموازين في اتجاه هزيمتها سياسيا وعسكريا بما يؤكد مقولة ترامب ذبح البقرة بعد أن يجف ضرعها..؟ و هل بايدن هو من سيذبح هذه البقرة..؟ و هل أوكلت إليه هذه المهمة..؟ هل هو تبادل أدوار..؟ و هل ستعي السعودية القادم المفجع..؟ أم انها ستبقى في ذات الموقف الذي تفشل أمامه كدولة ينظر إليها راعية للإرهاب و ديكتاتورية تنتهك الحقوق و الحريات..؟
قادم الأيام مليء بالمفاجآت
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.