فضاء حر

الفارق بين الدين والدولة

يمنات

حسن الدولة

هناك فوارق كثيرة بين الدين والدولة، لكننا سوف نوجز الحديث على أهمها، فالدين في اساسه معني بتهيئة الإنسان للحياة الآخرة، وتهذيبه في الحياة الدنيا.

الدين حال إيمانية وأخلاقية تعتمد على بُعد غيبي غير قابل للمشاهدة والقياس والإثبات. تعبّر هذه الحال الإيمانية عن نفسها بشكل أساسي بالعبادات.

كما أن المعاملات أيضاً تعبير آخر عن الحال ذاتها، بخاصة في جانبها الأخلاقي، لكن صلاحية العمل وقبوله في الدين، سواء كان ذلك عبادة أم معاملة تشترط النية: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)).

والنية أمر غيبي لا يطّلع عليها ويعرف حقيقتها إلا الله وصاحب العمل. وهذا تحديداً ما يؤكد أن الدين في جوهره علاقة مغلقة بين الفرد وربه وليس بينه وبين المجتمع، فالله وحده العالم بمن ضل وبمن اهتدى من عباده، ولهذا قلنا بأنها علاقة مغلقة لأنه لا أحد يستطيع الدخول عليها، فالله ((يعلم خائنة الأعين وما نخفي الصدور))[غافر19] ومن ثم لا يعرف طبيعة هذه العلاقة وحقيقتها وما يمكن أن تؤدي إليه، لا في الحياة الدنيا ولا في الحياة الآخرة، إلا الله وحده.

أما الدولة، فهي مؤسسة سياسية دنيوية، معنية بشكل حصري بإدارة شؤون الحياة الدنيا للجماعة، وضبط عملية التدافع أو الصراع بين مكونات الجماعة. تنحصر مسؤولية الدولة في تقديم الخدمات وحماية الأمن والحقوق وفرض النظام على الجميع. وضمان المساواة في الحقوق والواجبات بين افراد المجتمع.

من هذه الزاوية، تملك الدولة التأثير في حظوظ والتعامل مع الجميع على قدم المساواة بغض النظر عن المعتقد فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام كان ينزل عند راي الصحابة ، ويؤكد بان الناس ادرى بشؤن دنياهم وبالتالي فالدولة تمتلك التأثير في فرص ومآلات الفرد أو الجماعة في الحياة الدنيا، لكنها لا تملك أدنى تأثير في مآل أحد في الحياة الآخرة.

أما الدولة، فهي مؤسسة سياسية دنيوية، معنية بشكل حصري بإدارة شؤون الحياة الدنيا للجماعة، وضبط عملية التدافع أو الصراع بين مكونات الجماعة.

تنحصر مسؤولية الدولة في تقديم الخدمات وحماية الأمن والحقوق وفرض النظام على الجميع. لا تملك الدولة مثلاً إعطاء شهادة حسن سيرة وسلوك للإنسان في حال وفاته تشفع له يوم الحساب.

من هنا ربما يحق للدولة التدخل في الخيارات الدنيوية للفرد أو الجماعة، وفقاً لمتطلبات أمن المجتمع والالتزام بمقتضيات النظام، لكن ليس من حق الدولة التدخل في خيارات الفرد الدينية، لأنها لا تملك ضوابط ومعايير هذا التدخل، ولأن مثل هذه التدخل لن يؤثر في كل الأحوال في مآله في الآخرة.

أمر هذا المآل يعود إلى الله وحده علام الغيوب، وإذا ما تدخلت الدولة في هذا الشأن لأي سبب كان فهو تدخل دافعه أو هدفه سياسي أو دنيوي بشكل عام، وليس دافعاً أو هدفاً دينياً. بل إن هذا التدخل ربما يصطدم بآيات في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: ((لست عليهم بمسيطر)). وقوله: ((لكم دينكم ولي دين)) وقوله: ((من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)). وقوله: ((ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)).

ومما سيق نخلص إلى أن الدين لله وحده لا شريك له وهو الذي يحاسب عباده يوم الدين، واما امور الحياة الدنيا فالحكم فيها عاجلا عن طريق الحكام المنتخبين من قبل الشعب. غادين لله والوطن للجميع.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى