العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. برنامجي الانتخابي اللعنة التي ستلاحقهم

يمنات

أحمد سيف حاشد

خلال حملتي الانتخابية كنت ممتنعا تماما عن اطلاق عنان الوعود إلا في حدود الممكن، أو تلك التي كانت تمثل بالنسبة لي التزام اخلاقي أو سياسي أو مبدئي أكثر من كونها وعود، أو تصب في إطار معنى السعي أو التشجيع أو الاهتمام أو العمل على تحقيقها .. و هو ما تضمنه جل برنامجي الانتخابي.

لقد كان برنامج لعضو برلماني حالم، كسرتُ فيه النحس، و معه الرقم المشؤوم 13 عندما جعلته مكونا من ثلاثة عشر بندا .. رقم مشؤوم يبدو أنه قرر الاطاحة بالجميع ممن وقف ضده، و منها تلك السلطات التي ظنت إنها ستستمر للأبد، و أن التاريخ جاء إليها راكعا، و آل إليها خاضعا، و صار طوع يديها، و اعتقدت إنها قد أمنت التاريخ و مكره، و لكنه مكر بها و أصابها في مقتل، و سيمكر بكل من يأمنه شر مكر .. إنه البرنامح اللعنة الذي سيلاحق جميع من أعتقد أنه غلب الحق، و اعترش موقعه، و له الشأن استتب..

برنامجي جاء متواضعا، و بصفحات ورقية عادية أكثر تواضعا، تعبر عن واقع الحال الذي أعيشه .. برنامج متواضع لوطن كبير، و لمستقبل كنّا ننشده، و ليس محشورا في دائرة انتخابية مفردة، و حتى ما هو مفرد تحدثت عنه بخطاب المفرد، و لكنه في الإجمال حاضر بنحو أو بآخر في بنود أخرى كالحديث عن الفقراء و المعدمين، و مناهضة الفساد، و حماية الحريات و حقوق الإنسان..

هذا البرنامج رغم مرور أكثر من 17 عام، و رغم تبدل الأنظمة الحاكمة، و تبدل الحكومات، و تبدل الأشخاص، و تبدل التموضعات السياسية للقوى و الأحزاب السياسية، كنت على الدوام أنتمي و أنحاز إليه بصدق لا يعرف المخاتلة .. تعاطيت معه ليس لكونه فقط برنامج انتخابي أو سياسي، بل اعتبرته قبل هذا منظومة قيمية، و ضوابط أخلاقية، و إنسانية، في المقام الأول و الأهم..

و لهذا بالتحديد وجدت نفسي اتعامل بمثالية الطوباوي الحالم في محيط شديد الصعوبة و التعقيد .. رفضت بعد فوزي بعضوية البرلمان اعطاء ثقتي و صوتي ليس فقط لأول حكومة مؤتمرية و موازنتها المعروضة على مجلس النواب، بعد انتخابات إبريل عام 2003، بل و كل حكومات المؤتمر التي تعاقبت، بالرغم أن حزب المؤتمر هو من دعمني بشكل رسمي في تلك الانتخابات باعتباري مرشح مستقل، دون الأحزاب الأخرى التي نافسني مرشحوها في تلك الانتخابات، و لي تفاصيل أكثر في هذا المقام، و في أكثر من موضع لاحق و مكان.

كما لم أمنح صوتي و ثقتي لمخرجات أي حكومة، و كل الحكومات كانت دوما ما تجور على الشعب، و تجرعه ما يثقل الكواهل، لم أمنح ثقتي  لبرنامج أي حكومة لاحقة، و لا حكومة الوفاق، و لا لحكومة الشرعية، و لا حكومة الإنقاذ، و لا للمجلس السياسي الأعلى،  و لا أي موازنة أو برنامج أو خطة إنفاق حكومة، طيلة سبعة عشر عاما مضت..

على الدوام ظللت أرفض جميع مخرجات السلطات التي تعاقبت تحت أي مسمى كان .. رفضت الفساد الذي جاء تحت تسمية حزمة الإصلاحات الاقتصادية .. رفضت سياسة الخصخصة و بيع القطاع العام الذي أسموه فاشلا، و كانوا هم الفشل كله..

رفضت حكومة الوفاق الوطني التي اغتالت حلمنا و مشروعنا المدني .. رفضت مؤامرة مؤتمر الحوار الوطني و المشاركة فيه .. رفضت سياسات حكومة الإنقاذ الأرجوزة، و كل مخرجاتها، و قبلها السلطة الخفية التي كانت تتحكم بكل شيء، و لا تتحمل أي مسؤولية، و التي لازالت تعبث إلى اليوم دون أن تجد أدنى زجر أو محاسبة أو حتى سؤال..

رفضت كل التنازلات التي جاءت على حساب الوطن و وحدته و استقلاله و سلامة أراضيه و التي ذهبت إليها الأحزاب كلها .. رفضت وصاية المبادرة الخليجية، و رفضت إدخال اليمن تحت البند السابع .. رفضت و قاومت كل مخرجات تلك المرحلة و ما بعدها .. رفضت الخيانات بكل مسمياتها..

رفضت الجرع كلها، و “إصلاح” الاقتصاد على حساب الطبقة الواسعة من الفقراء .. رفضت الحرب و حذرت منها قبل وقوعها .. رفضت الانتهاكات الحقوقية، و سلطة الغلبة و التسلط و الاستبداد، و كل ما ألقته تلك السلطات على كواهل شعبنا من ثقيل و مميت..

لطالما تعاملت بحساسية عالية حيال قضايا الإنسان و حقوقه و حرياته، و وقفت بصرامة ضد الفساد و الاستبداد و التسلط، و تعاطيت مع القضايا الوطنية بحرص شديد و مسؤولية عالية..

لطالما وجدت نفسي منحازا للفقراء و المعدمين و المسحوقين من أبناء هذا الشعب المنكوب بحكامه، و سلطات الأمر الواقع بكل مسمياتها، و كل ما حدث قبلها مما يثقل الكواهل و منها الإجراءات الاقتصادية المتوحشة من قبل السلطات المتعاقبة، و المؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي .. و لازلت أقاوم من يغتال أحلامنا و مستقبلنا و مستقبل أبناءنا، و كل من يجرعنا الفاقة و المجاعة و الجوع، و يكيل لنا الموت الباذخ و المجاني..

هذا و ذاك ما أظنه أو أزعمه .. و لي تفاصيل كثيرة سأتوقف أمامها مليا إن أعطوني القتلة فرصة أطول للحياة.

***

و للوقوف أمام تفاصيل برنامجي الانتخابي المتواضع في حملتي الانتخابية مطلع العام 2003 عند ترشحي لمجلس النواب في دائرتي الانتخابية، و الذي تم إعداده تحت ضغط الوقت و السباق الانتخابي، أورد هنا نصه كما هو، دون حذف أو زيادة أو تعديل أو نقصان، مع صورة الوثيقة التي حوته .. و أزعم أنني لازلت أمينا على أهم ما جاء فيه حتى  يومنا هذا..

نص برنامجي الانتخابي ابريل 2003

إلى الآباء و الأمهات الذين نحمل معاناتهم..

إلى الشباب الذين نحمل همومهم و آمالهم..

إلى الأمهات و الأخوات اللواتي يحلمن بالماء و الضوء و مواجهة آلام المخاض و تربية الأطفال تربية سليمة..

إلى كل أبناء الجيل في دائرتنا, ممن يتطلعون إلى نور العلم و الغد المشرق و الطموح المشروع في حياة أسعد.

إلى كل أولئك في القرى و الجبال و الوديان و في كل موقع..

اتقدم إليكم ببرنامجي الانتخابي كمرشح مستقل للدائرة (70)..

منطلقا من بين أوساطكم .. أحمل معاناتكم .. آلامكم و آمالكم, بروح الوفاء لسمرة الجبال و الجباه و السواعد و الأقدام المتعبة من معاناة رحلة الحياة، و البحث عن حياة أفضل في وطن سعيد.

إليكم جميعاً أتقدم ببرنامجي الانتخابي الذي آمل به نيل ثقتكم لعضوية مجلس النواب .. معاهدا إياكم بأني سأتحمل المسئولية بأمانة و وفاء و إخلاص .. خدمة للوطن و المواطن و بناء تجربة برلمانية زاخرة بالقدرات و الكفاءات المخلصة، بروح الثورتين .. و وطن 22 مايو 1990م..

و برنامجي كالتالي:

أولاً: العمل على تفعيل و تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب, و محاربة ظاهرة الفساد دون هوادة، و استنصال شافتها, و ردع كل من يمارس أو يحمي أو يشجع على استمرارها..

ثانياً: الحفاظ على وحدة الوطن و سيادته و استقلاله و مقدراته, و العمل الجاد من أجل بناء الدولة اليمنية الحديثة..

ثالثاً: توسيع و تعميق ممارسة الديمقراطية، و التعددية السياسية و الحزبية، و مبدأ التداول السلمي للسلطة، و الدفاع عن الحريات العامة و الخاصة, و الدفاع عن مبادئ و حقوق الإنسان، و تطوير أجهزة القضاء، و تسهيل إجراءات التقاضي، و تطوير القوانين و التشريعات بما يحقق تلك الأهداف.

رابعاً: الوقوف ضد أي سياسات أو إجراءات قد يؤدي إقرارها إلى إلحاق الضرر بمصالح الوطن و المواطنين.

خامساً: تعزيز دور و مكانة السلطة المحلية و مساعدتها و دعمها من أجل تحقيق أهدافها و برامجها الموجهة إلى خدمة المواطنين في نطاق الدائرة و ارتباطها بهم.

سادساً: العمل مع السلطة المحلية في الدائرة و الجهات ذات العلاقة لمتابعة الخدمات الاجتماعية لأبناء الدائرة و متابعة إنجاز المشاريع المتعثرة.

سابعاً: الانحياز للفقراء و المعدمين، و العمل بما يخدم تحسين المستوى المعيشي للمواطنين من خلال المشاركة الفاعلة في مناقشة و إقرار الخطط و البرامج و الاجراءات الاقتصادية و الموازنات المالية السنوية للحكومة.

ثامناً: توسيع شبكة الضمان الاجتماعي بالدائرة، و زيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية، و زيادة عدد الحالات المستفيدة، و ضمان إيصال المخصصات إلى مستحقيها بطرق ميسرة .. و الإسهام في دعم و توسيع مشاريع و أنشطة التنمية الريفية و حماية البيئة, و برامج الأمومة و الطفولة و الأسر المنتجة.

تاسعاً: الاهتمام بأوضاع المرأة و الدفاع عن حقوقها, و في مقدمتها حقها في التعليم و العمل و التعبير و المشاركة في الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية .. و دعم المنظمات الأهلية و الرسمية العاملة في هذا المجال.

عاشراً: تشجيع الأنشطة الشبابية و الطلابية، و العمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على توفير مستلزمات و إمكانات ممارسة هذه الأنشطة على مستوى الدائرة.

حادي عشر: تشجيع العمل الخيري التعاوني و دعمه, و مساندة منظمات المجتمع المدني, و العمل على انتشارها, و المشاركة بجدية للدفاع عنها، و استصدار القوانين و التشريعات الكفيلة بحمايتها و تطويرها.

ثاني عشر: نشر قيم التسامح و التكافل الاجتماعي و نبذ العنف و التطرف و التعصب و النزعات المناطقية..

ثالث عشر: الاهتمام بأوضاع المناطق المحرومة في الجمهورية، و منها دائرتنا، و اعطائها الأولوية في التنمية، خصوصاً في مجال المياه و الكهرباء و الطرقات و التعليم.

أنتهى

***

يتبع

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى