فضاء حر

الوعي الفردي بالأحداث والصراع السياسي

يمنات

محمد ناجي أحمد

الوعي الفردي بالأحداث والصراع السياسي وفهم عوامله المحركة يخضع للنشأة والتكوين.

نشأ نبيل الصوفي داخل حلقات الإخوان المسلمين متشربا نهجهم في تفسير الأحداث ومجريات السياسة والمجتمع من نافذة المقدس.
من مقال له يقول :

“تعرفون؟
الحوثي هو الوحيد الذي يأخذ بالثأر من الجميع ، ألا ليته ابن الكلب كان يمنيا وطنيا..لكنه عقوبة إلهية” مستشهدا بالنص المقدس :
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”
وبالمَثَل :
“ما للحب المسوس إلا الكيال الأعور..”

دأب الإخوان المسلمون في بياناتهم منذ عام 1969 في مؤتمرات شبابية لهم في تعز وصنعاء، استعدادا للصراع حول الدستور وتمثيل الشعب بمجلس الشورى-دأبوا على الانطلاق من النص القرآني، وراكموا لدى الجمهور أنهم ورثة الدين والرمزية المعبرة والناطقة عنه ومنه…

وفي لحظات انكسار اليسار وسقوطه أرضا بفعل مطرقة كبيرة وقعت على رأسه احتذى طريق الإخوان ووضع الحافر على الحافر في توظيف آيات القرآن وجعلها مفاتيح وموجهات في متن بياناته السياسية، مما يضفي على الصراع في الارض ظلالا سماوية ومطلقات دينية!

يكتب نبيل الصوفي عن المآل الذي وصلنا إليه في مسار الصراع السياسي والحرب والتشظي، ويرى مقدماته وموجهاته أمريكية “تحركت إيميلات هيلاري كلينتون وطلعت الصفارة وتحرك اللعبون.. آلاف العقلاء والراشدين والمناضلين والحكماء قادهم حسين الأحمر وحميد وعلي محسم…”

ثم يصل إلى النتيجة المبنية على هذه المقدمة لكنها ليست من جنسها بل مفارقه لها، فالمقدمة تتحدث عن الدور المحوري للولايات المتحدة ورسائل هيلاري كلينتون والنتيجة تتحدث عن عقاب إلهي وثأر من الجميع نفذه الحوثي!
ليس مهما هنا تلك الجملة الشاتمة للحوثي ووصفه بـ” ابن الكلب” الجوهري هو تأصيل دوره بأنه عقوبة وثأر إلهي!

يسأل نبيل الصوفي بصيغة كلي المعرفة، لا لينتظر من القارئ أن يفكر وينظر بل هو سؤال لشد الانتباه على الطريقة الزندانية الممسرحة ” هل تعرفون؟”

وقبل أن يرتد طرف القارئ تأتيه الإجابة العالمة محددة الأسباب بإيميلات هيلاري كلينتون والصفارة الأمريكية المحركة للاعبين…ثم يصل إلى النتيجة وهي أن ما نعيشه من تقتيل وتجويع وخوف وأمراض وتجهيل هو عقوبة من الله “لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” ويبدو أن حذفه في مقاله لفعل الأمر ” واتقوا فتنة” حين استشهاده بالاية له دلالته في صرف العقوبة بعيدا عن الخاصة الذين ظلموا لتكون عامة وثأرا من الجميع على يد ” الحوثي” الذي يجسد الثأر والعقوبة الإلهية من الجميع، وهنا يكون الجميع في الموقع والموقف النقيض والخصم للمقدس!

إذا كان هناك من المفسرين قديما من أسقط الآية التي استشهد بها نبيل الصوفي وفسرها بأنها نزلت في علي وعثمان وطلحة والزبير كخاصة فإن نبيل أسقطها على الجميع لينجوا الخاصة محليا وإقليميا ودوليا بفعلتهم ونتقبل الأمر برضى وتسليم كونه ثأرا وعقوبة إلهية!

هنا خطوره الطرح واستلابه للوعي وتكريسه للزيف بإزاحة الحقائق وإحلال الوعي المستلب!

الناس “حب مسوس” والحوثي هو “الكيال الأعور” هذه عدالة السماء لدى نبيل الصوفي حين تنتقم من الجميع!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى