القضاء وأهواء الساسة
يمنات
نجيب شرف الحاج
عندما تخضع الوظائف العامة بما فيها وظيفة القضاء للتقاسم والمحاصصة وفقاً للتبعية والولاءات والمحاباة والمجاملة، تكون العمامة أكبر من رأس القاضي وأكبر من المنصب القضائي الذي يشغله، وتصبح العدالة عوراء وعمياء وعرجاء وكسيحة ومشلولة الجسد.
تعرض القاضي عبدالباري الوزير رئيس نيابة عمران للاختطاف وتم اقتياده الى مكان مجهول ولا يزال مصيره غامض وغير معروف حتى هذه اللحظة في ظل صمت مجلس قضاء صنعاء وكأن الامر لا يعنيه..؟!
وفي عدن أصدر القاضي وهيب فضل علي رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بمحافظة عدن الاثنين الموافق 18 يناير 2021 قرار قضى بما نصه: (( أولاً: الزام رئيس الجمهورية بتشكيل مجلس أعلى للقضاء يتولى القيام بوجباته ومهامه المنصوص عليها بالقانون ومنها توفير الحماية للقضاة وعدم التدخل في شئونهم.- ثانياً: الزام النيابة الجزائية المتخصصة بإحضار المتهمين في هذه القضية من محبسهم في جلسه الخميس الموافق21/1/2021م ))، وهذه هي ((عاشر)) جلسة تعقدها المحكمه الجزائيه بعدن لنظر قضية اغتيال العميد عدنان الحمادي، حيث تعرضت القضية لعبث ممنهج ومهول خلال المراحل السابقه وبعد احضار النيابة لبعض الأدلة وبعض الملفات الناقصة قررت المحكمه في جلسة 12/11/2020م : (حجز القضية للفصل في الطلبات المقدمة من قبل محامو اولياء الدم وتقرير ما يلزم).
وفي جلسة 26/11/2020 قررت المحكمة: (تأجيل الفصل في الطلبات المقدمة من محامي اولياء الدم لجلسة 7 من ديسمبر 2020م معللة ذلك بضخامة ملف القضية الذي يحتاج مزيدا من الوقت للاطلاع).
وفي تاريخ 7/12/2020 لم يتم عقد جلسة المحكمة وأجلت القضيه اداريا لتنفيذ القرار السابق الى جلسة 17/12/2020 وعملت المحكمة محضر تضمن بيان من قبلها للرأي العام بأن سبب التأجيل هو: ( عدم استجابة وزارة العدل ومجلس القضاء الاعلى لمطالب المحكمه المتضمنة مطالبة المحكمه لمجلس القضاء بتوفير الحماية اللازمة لرئيس المحكمة ولعدم قيام النيابه بإحضار المساجين).
وفي جلسة 17/12/2020 لم يتم عقد الجلسة وأجلت القضيه اداريا الى تاريخ 6/1/2021 لنفس السبب المشار اليه في الجلسه السابقة.
وفي جلسة 6/1/2021 عقدت الجلسة، الا ان المحكمه اجلت الجلسه الى تاريخ 18/1/2021 لعدم حضور النيابة وعدم احضار المتهمين وقررت المحكمة: (مخاطبة النائب العام بعدم حضور النيابة جلسات المحكمة وان النيابة تذرعت بأن رئيس النيابة ابلغ احد الاعضاء بعدم حضور الجلسة بناء على توجيهات النائب العام كون رئيس المحكمة قد تم نقله وقررت المحكمة التأجيل لتنفيذ القرار السابق).
وفي الجلسة الاخيرة قررت المحكمه مخاطبة رئيس الجمهورية كما سبق الإشارة اليه حيث تضمن قرارها عدم قيام المجلس بواجبه وعدم توفير الحماية اللازمة للقضاة و التدخل في شؤونهم.
والجدير ذكره انه في هذه القضية وفي فترة اقل من خمسة اشهر توفى رئيس النيابة اثناء رفع ملف القضية ولحقه وكيل النيابة في ليلة اول جلسة لنظر القضية في المحكمة، وتلاه اقالة الوكيل ماجد الحكيمي بعد حضوره جلستين فقط من نظر القضية وتعين بدلا عنه موظف إداري تم منحه درجة قضائية قبل عام بناء على دورة تدريبية..؟؟!! وما تبعها من تسريبات مصدرها النيابة تفيد عن ان رئيس المحكمة قد تم نقله ووجهت النيابة على اثرها اعضائها من عدم حضور جلسات المحكمة؟!
فمن يا ترى مُستفيد من كل هذا العبث الذي سوف يؤدي لا محالة لتهاتر ادلة الجريمة وطمس معالمها مع مرور الوقت وافلات الجناة من العقاب..؟؟!!.
وكيف يمكن أن يطمئن الناس للعدالة، في ظل خضوع القضاء لتقلبات السياسة و ميله وفقاً لرغبات وأهواء الساسة الذين يتدخلون في شؤنه ويعيقون اجراءاته من خلال مجلس القضاء، وبعد هذا ماذا تبقى لبسطاء الناس..؟؟!!
ان لم يكن القضاء عادلا ونزيها حتى ولو كان تحت سيطرة وضغط قانون سياسي معين، فكيف يمكن ان نسميه قضاء وماذا تبقى بعد هذا كله من هيبة القضاء ومن قدسية رسالته في زمن دنست فيه الكثير من القيم السامية في خضم هذا الصراع المرعب وفي خضم أحداث عنيفه ارهقت البلد والناس..؟!
نسأل الله ان يقم الساعة.