تعميم الفوضى السياسية الى فوضى امنية
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
في بلدان الربيع العربي لم تتغير الاوضاع كثيرا رغم مرو عشر سنوات ولاحتى دول الربيع المتاخرة .. فجميعها تزداد سوء في مجمل مكونات الحياة اقتصاديا وسياسيا وزاد الطين له ازمة كورونا .. وفيها تم تعميم الفوضى السياسية الى فوضى امنية مع انهيار العملة المحلية وفق قيمتها الشرائية ووفق قيمتها مقابل العملات الاجنبية ..
وهنا ظهرت مجموعات كبيرة من الافراد والشركات مستفيدة من هذه الاوضاع تكسب من كل انشطتها حتى الاغاثية ..ومعنى ذلك ان واقع الفوضى خلق جماعات امر واقع سياسيا واقتصاديا ضمن اقتصاد حرب شكلت السلطة والثروة مفتاح التحشيد السياسي وفق تكتلات ماقبل وطنية ..
اضافة الى ماتشكل سابقا من مجموعات مالية واقتصادية ارتبطت بالنخب الحاكمة وتقاسمتا معا ثروات المجتمعات المحلية والمعونات والقروض الخارجية .. ولا مجال هنا للتغيير من داخل هذه المجموعات لان ما سيأتي لن يكون الا تحسين لواقع هذه الزمر والمجموعات وهو ما تدعمه الجهود الخارجية ..و هذا امر واضح في لبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وحتى في روسيا حيث الغرب الداعم للمعارض نافيلني ليس لانه سيغير اوضاع روسيا لمصلحة الشعب بل لمصلحة البرجوازية الروسية التي تتقاسم الغنائم مع مثيلاتها الاوربية والامريكية تحديدا .
في دول الربيع لاتشير الاصابع الى رموز معارضة كافراد ولا احزاب ولا تجمعات مهنية ونقابية .. وعامة الشعب يعاني من القهر المادي والمعنوي ..وكأننا ازاء استسلام لامر واقع قد يستمر لسنوات اذا لم تتمكن هذه المجتمعات من التغيير السياسي عبر نخب سياسية جديدة لها مشروع وطني ..ولا انتظار لمخلٌص يأتي من الخارج ولا لحزب من الداخل.. فالاحزاب شريك في صناعة الازمات الراهنة ولا احد من قياداتها مؤهل حتى لتغيير حزبه اولا ..
في هذا السياق تتتزايد الازمات والمعاناة لملايين البشر .. واذا ما ارتفع معدل الانتشار للجائحة كورونا نكون ازاء كارثة غير مسبوقة في تاريخ هذه البلدان ..واقع مجتمعي وسياسي يعكس قيادات حزبية تبحث عن مصلحتها اولا واخيرا، ومعها نفر من قيادات العمل الجمعوي وقطاع خاص ديدنه الرئيس هو الربح حتى من بيع المعونات الاغاثية،، وحكومات تعلن الامم المتحدة جهارا نهارا في تقاريرها انها محل شبهة فساد ولاتتصف بالنزاهة ..وبدلا من البحث عن مخرج يستمر الجميع ممن هم في دوائر صنع القرار باللامبالاة لان واقع الازمات يخدم مصالحهم التي تشكلت حديثا .
والمعروف ان الحروب الاهليىة والازمات السياسية تتشكل معها قياداتها العسكرية والاقتصادية ومن هنا يشكل الاقتصاد السياسي مدخلا مهما لتحليل واقع الازمات وفشل ثورات الربيع والانحراف بمسار التغيير وصولا الى ما نحن فيه .. ووفق موروث تاريخي عربي تشكل الامارة بالتغلب منهجا في استملاك السلطة ضدا من مطالب الشعب بالديمقراطية وجعل الانتخابات اداة لاختيار الحاكم والبرلمان والمحليات .. وهكذا تترابط مدخلات التغلب مع اقتصاد ظل .. لتتشكل معهما نخب جديدة لن تستسلم سريعا ولا بسهولة .. الا اذا تم مواجهتها شعبيا وبنخب وطنية جديدة مع كشف كل ممارساتها وهذا دور مهم لنشطاء المجتمع المدني وهم قلة ممن يعول عليهم في اداء ادوار ايجابية لصالح بلدانهم ..
الخارج الاقليمي والاوربي يصنع نخب موالية له لتعمل سياسيا وفق منطق البيزنس دون ثوابت الوطن ومحددات السيادة كما في الاصول السياسية الكلاسيكية ….
صفوة القول .. مآساة وملهاة في واقعنا ..نعم ..لكنها مضاعفة عشر مرات مما ذهب اليه صاحب هذه المقولة في زمانه ..وان كان يجد ضوء يلوح من نهاية نفق رأسمالية احتكارية لاتزال في طور نموها الاول .. اما اليوم وفي بلدان الربيع فان وميض ضؤ يكاد يكون غائبا ، ربما تحجبه سحب سوداء او ظلام ليل طويل لايأتي معه لبلداننا الا بفجر كاذب ..!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.