حروب العملة
يمنات
عبد الجبار الحاج
في سلوك يمثل تماما في مضمونه ونتائجه نهج ادارة التوحش الذي قراناه عن الوهابية منذ الدرعية وحتى اليوم..
مثلها في السلب تلك الحملات المعنونة باجراءات ضبط العملة الدائرة في مناطق تعز الشمالية الشرقية وبسلوك يعيد الى الاذهان ما قرأناه عن مغزى وفظاعة تلك الغزوات وما اتبعته غزوات الدرعية في تحقيق اهداف السلب القتل فالسلب للحصول على المال والقتل لتوطين الرعب و الارهاب في القلوب وهذا ما شاهدناه في حملات ضبط العملة من عمليات سلب يندى لها جبين كل يمني ويرفضها منطق القيم والعقل.
في هذه المقارنة أضع المهتمين بموضوع العملة أمام عدة مشاهد وكلها من واقع التجربة اليمنية الاولى في الستينات والثانية اليوم.
للقارئ ان يضع ما أوردته في الفقرات التي أستشهدت بها في هذا المقال بين موقف حكومة الثورة إبان السنوات الخمس الاولى لثورة سبتمبر 62 وفي موقفها ما يؤكد صون كرامة الشعب وحفظ ماله و الذود عن الوطنية اليمنية في زمن الاحتلال البريطاني.
لا مجال للمقارنة بين مشهدين مختلفين ومتناقضين بين موقف وطني مسئول يأخذ في حسبانه كرامة المواطن اولا وحفظه في ماله وعرضه في مجرى التعاطى مع اجراءات من نوع تلك الإجراءات التي تطرح عناوين ضبط العملة.
هذا هو هدف المقال وسأبدأ بتقديم صورة عن كيفية السلوك المستقيم الجامع بين صورة صون كرامة المواطن وماله وبين تبني مواقف وطنية تجسد لدى الشعب وعيا ودورا في ضرب سياسات التفكيك والاحتراب بالعملة…
من مخاطر اللعب بورقتين من العملة الوطنية الواحدة يمكننا التعلم من تجربتنا اليمنية في الستينات من خلال التعاطي مع الافعال والقرارات على نحو الواقعة التالية:
في مطلع شهر سبتمبر 1966 أصدر ما كان يسمى آنذاك بالمجلس الاعلى لاتحاد الجنوب العربي قرارا يقضي بحظر التعامل بالريال اليمني بأسواق الجنوب عامة وأسواق عدن بالذات على وجه اخص بحيث يترتب على المتعامل به ان يتعرض لأقصى العقوبات وأشدها.
وقبل ذلك وبتاريخ 22 اغسطس صدر قرارا يقضي بوقف التعامل التجاري كليا بين جنوب اليمن المحتل وشماله المستقل وغلق ما يسمى وهما بالحدود.
وقد صدر القرارين في قالب بيانين..
وجاء الرد سريعا من حكومة الثورة في صنعاء على لسان وزارة الاعلام وشئون الجنوب المحتل في فترة الوزير عبد الغني علي في بيان كشفت فيه الحكومة الهدف من وراء القرارات:
(ان الهدف الرئيسي لإصدار هذين القرارين هو العمل على ايجاد قطيعة اقتصادية وتجارية كمقدمة ضرورية لتكريس سياسة انفصالية مصطنعة بين جنوب اليمن المحتل وشماله).
وفي بيان وزارة الاعلام في حكومة الثورة
… فوزارة الإعلام وشئون الجنوب اليمني المحتل .. تؤكد بهذه المناسبة انه ليس هناك حدود بين ابناء البلد الواحد وأن الحدود القائمة فعلا في اعتبارها هي الوجود البريطاني الاستعماري الدخيل ذلك الوجود الذي آن له ان يرحل مكرها وسوف يرحل رضي او كره بفضل ثورة الشعب المشتعلة في الجنوب اليمني المحتل تحت قيادة جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل البطل وبرحيله تتلاشى والى الابد كل الاوهام بما فيها وهم الحدود والفواصل او العوازل المصطنعة.
وجاء في الفقرة ثالثا من البيان:
(ان حكومة الجمهورية العربية اليمنية شعورا منها بالمسئولية التاريخية الكبرى تجاه الشعب اليمني في الجنوب اليمني المحتل لتهيب بهذا الشعب بأن يكون متيقظا ومستعدا في الوقت ذاته لإحباط كل ما يحيكه له ظالموه وسالبو أرزاقه من استعماريين وعملاء وسلاطين وانتهازيين…).
فجأة يداهمك الجند وانت في المطعم او المقوات وقد امتدت ايديهم الى جيبك سالبة بقوة السلاح ما في جيبك من نقود العملة الجديدة ولا بأس ان تضم اليها ما ففي جيبك من عملة قديمة ويقاد اصحاب المحلات المنهوبة أدراجهم الى سجن الصالح..
حدث ويحدث ذلك مرارا وتكرارا وغدا مشهدا مستفزا للمشاعر الوطنية متكررا.
اشبه بمشهد من يكبلك بالسلاسل ويسحبك الى ميدان المعركة لتقاتل وأنت مكبل..!
لو كانت خطط العمليات الحربية تجري على هذا النحو من المباغتة والمفاجئة والسرعة، لكنا قد انجزنا الكثير في مسيرة حرب طويلة ولكنا قد أنجزنا مهمات تحرير نجران وجيزان وعسير والساحل اليمن غربا وجنوبا والمضيق والجزر وكل المياه التي لم تنطرح هي الاخرى ضمن مهمات التحرير علنا في أعلامنا الحربي .. للاسف.
نتيجة لهذا السلوك المشين أغلقت معظم المطاعم والمحلات..
هذه المنطقة الممتدة من مقبنة الى صالة من الزيلعي الى الدمنة فالراهدة وأجزاء من صبر حيفان القبيطة الصلو سامع هي منطقة تماس بين جبهتين نعم، ولكن المواطنون القادمون من الجزء الجنوبي الغربي منها يحملون نقودا بالورقة الجديدة هم مواطنون ويمنيون وضحايا سلطات نهبوية. فلماذا نعاقب الضحايا ونخلي ساحة المجرمين..؟!
لليوم الثالث على التوالي وأنا اتابع عمليات اقتحام المحلات تضرب بجنودها يمينا وشمالا وطولا وعرضا وبسلوك عدواني همجي على نحو من غزوات النهب سلوك لا يعكس بأي حال أخلاق انصار الله الذين عرفناهم سلوك عدواني وهو ما يصح ان أسميه بغزوات السطو والنهب لا علاقة له بإجراء ضبط العملة.
الإجراءات التي تحمل عناوين وأهداف حماية العملة والحفاظ على قوتها الشرائية أو إيقاف تدهورها مهمة لا يتأتى تحقيقها من جراء القيام بتنفيذ حملات السطو بواسطة أطقم أجهزة المخابرات والأمن وفي الأسواق العامة وانتزاع ما تحصل منها من جيوب الباعة المتجولين او اصحاب صغار المحلات والمطاعم و الباعة في مثال الحملات التي شهدتها وتشهدها المناطق الشمالية والشرقية من تعز في مديرية خدير بطريقة تنطبق على منفذيها أعمال هي الى غزوات قطاع الطرق وعصابات السطو منها الى إجراءات الضبط في مظاهر الاقتحام الهمجي والعنف ضد الباعة ملازما لها، لذلك ففي كل إجراءاتها وفعالها تنطبق عليها تماما أعمال السطو ولا تمت بصلة الى إجراءات ضبط العملة.
تلك الإجراءات لم تعد بخافية على أعين المواطنين والمسئولين على حد سواء على تلك المساحات والمسافات الممتدة…
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.