نفتقدك كثيرًا يا فارس الإعلام اليمني
يمنات
ناصر بامندود
مع اقتراب الشهر الفضيل، وازدحام القنوات التلفزيونية بالإعلانات لعشرات المسلسلات والبرامج التافهة التي لا تليق بمكانة ” شهر القرآن” ، فما أحوجنا إلى التقرب أكثر من خالقنا وأن نحط من ذنوبنا في شهر الرحمة والغفران- على وجود قلة من تلك الإعلانات لبرامج نافعة ومفيدة، يغيب عنا “يحيى علاو” – رحمه اللّه – الفارس الذي ترجل عن صهوة جواده في العام 2010 م، من كان يطل علينا في كل رمضان عبر برنامجه الشهير (فرسان الميدان).
يحيى علاو أحد ملامح طفولتنا الجميلة ، ورمضان زمان، من أحبه الملايين، وعشقه البسطاء ، ومن يترحم عليه الشمال والجنوب .. من علمنا أن يكون الإعلامي صاحب ( علم ، وفكر ، ورسالة) ومن تجمعت فيه أضلاع الإعلامي الحقيقي مثلث ( الموهبة، والعلم، والأخلاق) ومن امتلك كاريزما خاصة به تجعل المشاهد يحترمه ويعجب به، فقد كان يخبرنا بأسلوبه الجميل بأن الإعلام هو أقوى أداة بعد التعليم لتوعية الشعوب، وتفقيههم في أمور دينهم، وتثقيفهم في شتى مجالات حياتهم.
وشخصيًا لهذا الرجل له مكانة خاصة عندي فهو من أعطاني القدوة الأولى في الإعلام ، فحين كنت طفلًا كنت أترقب برنامجه بشغفٍ كبير كل ما أقترب رمضان، وكنت لا أفوت له أي حلقه من حلقاته، ففي كل يوم أشاهده كنت أتعلم وأستفيد، وأضحك وابتسم في ذات الوقت..!
يحيى علاو لربما خطيئتك الوحيدة أنك كنت نموذجًا مثاليًا فجعلتني أعتقد بأن هكذا هو الإعلام وهكذا هم الإعلاميين!
يا يحيى يا من أخذت الكتاب بقوة، وأوتيت النجاح صبيًا.. في زماننا هذا لا قيمة في ” إعلامنا ” لكل علمك، ولكل ثقافتك، ولكل رسائلك والخير الذي تضمره بداخلك، فما عاد كل ذلك يصنع لك شيئًا، ولا أحد يريده أصلًا!
كلهم يريدوننا ملمعين لهم، متملقين من حولهم، مدافعين عنهم لا عن حقوق المستضعفين، والبعض أراد لنفسه أن يكون هكذا!
أو يريدوننا في الجانب الآخر مهاجمين، منتقدين، أدوات يستخدمونها لحاجة في نفس يعقوب.
نعم كنت أنت قريبًا من السلطة، لكنك كنت قريبًا من الناس، تمشي بين أسواقهم، وتصور برنامجك في مناطقهم وقراهم، تتحمل أختلاف طبائعهم ومستوى عقولهم، تعلمهم وتفيدهم، تمازحهم وتلاطفهم، تجوب المكان تلو الآخر، حتى تخبرنا جميعًا بأن الفائز فينا هو صاحب المعلومة!
توقفت كثيرًا عند تاريخ رحيلك، وظني أن اصطفاك اللّه ونجاك، واختارك عنده قبل أن يأتي العام الذي يليه وتحسب مع هذا الطرف أو ذاك، أو تظهر بصورةٍ غير التي عرفناك بها وتفقد قاعدةً من شعبيتك ، لربما هي دعوة منك في جوف ليل وأقبضني إليك غير مفتون.
نّم قرير العين فقد مررت، وهذا الأثر
رحمك الله رحمةً واسعة، وأسكنك فردوسه الأعلى.