العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. يوم سحقني القهر..!

يمنات

أحمد سيف حاشد

خبرتُ مجلس النواب أكثر من سبعة عشر سنة .. أظنني حفظته عن ظهر قلب أكثر مما حفظتُ نفسي .. لا تغرّك استعراضات كثير من الأعضاء أمام عدسات التصوير .. لا تخدعك خطب و أحاديث الأعضاء المتلفزة .. لا تصدق كثير من الفقاعات التي تجلب الحماس المغشوش، ثم تنتهي إلى عدم قبل أن تصل إلى الأرض، و حتى بعيدة المدى فيها ربما لا تصل جلّها إلى بوابة قاعة المجلس، لاسيما إن كانت تنحاز إلى الشعب أو ترفع ظلم عن كاهله..

إن أردت أن تعرف الحقيقة ابحث عمّا يدور خلف الكواليس .. احضر الطبخات التي تتم في اللجان .. حاول الوصول إلى ما يتم في اجتماعات هيئة رئاسة المجلس، و ما يصل إليها من توجيهات و أوامر النافذين في السلطة التنفيذية، و تلفونات تأتي بعضها في ساعات متأخرة من الليل .. تابع ما يتم حذفه في محاضر الجلسات، و ما يتم منتجته و حذفه في التصوير المتلفز، بتوجيهات هيئة الرئاسة أو رقيب وزارة الإعلام..

تمعن فيما تفعله هيئة رئاسة المجلس فيما يُطلب منها، و تريد تمريره عبر المجلس لصالح السلطة التنفيذية أو مراكز القوة في السلطة و النفوذ فيها، أو سلطة الغلبة و الأمر الواقع غير الدستورية كما يحدث اليوم هنا و هناك، و أمعن البصر كرتين فقط حتّى تصدق فجاجة التجاوز لنصوص الدستور و القانون، و تعسف الرئاسة في إدارة الجلسات، و على نحو يخجل منه سقف و جدران المجلس..

اطلق عنان نظرك إلى النتائج و المخرجات و أيلولتها، و ما جرى التنفيذ منها، و ما تبخر كالسراب في فضاء القاعة الواسعة، و مدى مراقبة المجلس لتنفيذ قراراته و توصياته و مخرجاته..

***

في مستهل بعض الأمور الساخنة يبدأ المجلس عنتريا، و لكن في الحقيقة عنتريات تشبه بطولات “دون كوشيت” عليك أن لا تنخدع بجل ما تراه و تسمع، و لا تنخدع بزمجرة بعض الأعضاء ممن يجيدون الكلام و فن الخطابة .. لا تغرّك عنتريات المجلس التي تشاهدها في التلفاز، فبقليل من الصبر و الجهد ستكتشف أشياء كثيرة، و إن كنت لبيبا ستكتشف في المحصلة كل الأشياء التي يخدع المجلس بها الناس..

ستكتشف خواء و فراغ و هشاشة هذا المجلس المهزوم من الداخل .. ستكتشف كثيرا من التضليل الذي يمارسه كثير من شخوصه، و ستجد عنتريات المجلس مجرد “أسد في مفرشة”..

مجلس النواب ربما يبدو لأول وهلة منحازا لقضايا المواطنين و قضايا الوطن، ثم ينتهي به الأمر و المواقف إلى إقرار الجرع، و تمرير و شرعنة الاتفاقيات المجحفة، و القروض المشبوهة، و الصفقات على مختلف أنواعها، بل و أيضا تشريع الفساد المهول..

أما توصيات المجلس، و المتواضعة حتى في سقفها، لا تجد في الغالب و الأعم طريقها للتنفيذ .. ستجد المجلس متواطأ إلى حد بعيد مع الجهات المستفيدة من عدم التنفيذ، بل ستجد آلاف التوصيات للمجلس خلال عمره المديد، لا تنفذ، و هو المعني بالرقابة على تنفيذها، و لن تجد أي إجراء عملي يتخذه المجلس حيال الجهات التي لم تنفذ توصياته، و على رأسها الحكومات المتعاقبة على مختلف مسمياتها..

بعض التوصيات تتكرر من عام إلى آخر، و بعضها تهرم و تموت، و توصيات تتخذ ليس من أجل التنفيذ، و لكن من أجل رفع الحرج و العتب، و ربما حفظ قليلا من ماء الوجه .. و حتى ما كنتُ أعتقد أنها منجزات محسوبة للمجلس لصالح المواطن و الوطن، تكتشف إنها كانت تأتي في إطار صراع أجنحة و مراكز القوى في السلطة، و أنها تجري في إطار لعب و تنافس و صراعات مصالح تلك القوى لا غيرها .. الوطن غير موجود غالبا إلا كقناع يخفي القبح و الدمامة، أو كذبة كبيرة يتخفى خلفها الأوغاد واللصوص و الفاسدون..

اسئلة النواب للوزراء كثيرة، و لكن الاسئلة التي تنجح في إيصال الوزراء إلى المجلس هي أقل من القليل، و بعد ظنك و متابعة و مدد تقادم تطول، و لا تحقق نتائج ملموسة في الواقع، و لا تلد تلك الأسئلة على كثرتها أي استجوابات إلا أندر من النادر، و “النادر لا حكم له” غير أن الأكيد هو أن تلك الأسئلة و الاستجوابات لم تؤدِ يوما إلى سحب الثقة من وزير أو حتى نصف وزير، رغم الفساد المهول الذي أفسد حياتنا، و أفسد كل شيء..

***

في اكتوبر أو نوفمبر تقريبا من العام 2006 حضر رئيس جهاز الأمن السياسي، غالب القمش إلى المجلس، و بمعيته رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء و وزير الداخلية .. و قبل أن تبدأ الجلسة شاهدت الأعضاء يتكومون عليه، و كل منهم بيده ورقة أو عريضة أو طلب أو معاملة، فيما كانت دولة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية رشاد العليمي يؤشر و يوجه و يأمر بخفة على تلك الأوراق و المعاملات الكثيرة التي كانت تمرق من بين يديه .. لحظتها شعرت بالخسران و القتامة و الحزن.

يا إلهي .. ماذا الذي يحدث..؟! .. “يوم الله تعرف من صبحه” .. أنا منتظر من النواب أن يسألوهما و يستجوبهما، و يسحبون الثقة منهما، فيما الذي أشاهده هو تسولهم أوامر و توجيهات و تسهيلات صغيرة و شخصية .. “كل يضع نفسه حيث يشاء” و المجلس وضع نفسه متسولا، و اندرجت مصيبتي تحت عنوان:”مصائبُ قوم عند قوم فوائدُ”..

شعرت بأن الذي يحدث أمر مهين إلى حد بعيد بحق البرلمان .. خرجت من طوري محتجا بأن الذي يحدث مهين و غير معقول .. كيف لبرلمان يسأل و يستجوب رئيس جهاز أو وزير فيما أعضاؤه يتسولون التأشيرات منه على طلباتهم التي مكانها مكتب الوزير و مكتب رئيس الجهاز، و ليست قاعة البرلمان و جلسة مخصصة للمساءلة و الاستجواب..

افتتحت الجلسة و تم السماع .. كان المعني بالاستدعاء و المساءلة، رئيس الجهاز، غير أن وزير الداخلية أنبرأ للتصدي و الجواب، و تساهلت هيئة رئاسة المجلس، و أذعن المجلس، و بدأ الوزير باستعراض رواية ما أنزل الله بها من سلطان .. رواية مستفزة، و مغايرة، و على نحو صارخ لحقيقة ما حدث في الواقع..

انتظرت دوري في الكلام بعد كلام الوزير، و أعديت تعليقاتي و تعقيباتي على روايته الصادمة و المصادمة للواقع، غير أنني استهليت كلامي، بأن أقسمت بالله العظيم و بشرفي أن هذا الوزير كاذب..

هذا كان يكفي لأن يتم إيقافي من الكلام و منعي أن أدخل في الموضوع .. لم يسمحوا لي أن أبدأ بتفنيد رواية الوزير .. أوعز يحيي الراعي للوزير و رئيس الجهاز بالمغادرة .. و أظن أن البركاني أوعز لكتلته بالمغادرة .. حدث هرج و مرج مفتعل لتفويت المساءلة و الاستجواب، و رفع العميد يحيي الراعي الجلسة، و خرج الوزير مع رئيس الجهاز منتشين كطواويس، و طالب بعض الأعضاء بإحالتي للتحقيق، و طالب البعض بإحالتي للجنة الدستورية تمهيدا لرفع الحصانة..

علق “عشال” لوسائل الإعلام بما هو مؤلم، و ختم حمود منصر تقريره لقناة العربية بقوله: “قضية بيد محامي فاشل” فيما قلت أنا للجميع: “إن خسرت المعركة فلا يعني هذا أنني خسرت الحرب، و لستُ ممن ينكسر عظمة..”

يا إلهي كم شعرت بالظلم و القهر .. كم شعرت بالانسحاق .. كان عزائي صخر الوجيه الذي كان بعد الجلسة يقسم بوجع، و بصوت عالي إنني مظلوم و شاركني بعض حزني الثقيل .. موقف صخر الوجيه لم أنساه حتى و إن وجدت نفسي يوما أقاضيه عندما صار وزيرا و صرت وكيلا لجرحى الثورة السلمية.

***

– ولمزيد من التفاصيل كنت قد تحدثت بها في حوار مع صحيفة “العاصمة” في نوفمبر     2006 أنقل هنا نصه:

الحريات في اليمن: مستقبل سيء .. ومجلس النواب أسد في مفرشة

تعرض النائب عن الدائرة «70» أحمد سيف حاشد للاعتقال من قبل ضباط في الامن السياسي دون مراعاة حصانته البرلمانية المكفولة دستوراً وفي المجلس حيث يفترض مناقشة القضية.. ظهر المشهد وكأنه يحمل ملامح طبخة سابقة لتمييع الحقيقة. في هذا الحوار الذي أجرته صحيفة «العاصمة» مع النائب تتضح كثير من ملامح تلك الطبخة..

** مستقبل سيء للحريات**

– يلاحظ ارتفاع وتيرة إسكات الأصوات القوية حتى داخل البرلمان.. هل تعتقد أن هذا هو عنوان المرحلة القادمة؟

  • أظن أن السلطة القامعة أناطت بعميدها يحي الراعي عضو هيئة رئاسة مجلس النواب مهمة إسكات الأصوات الناهضة أو القوية في المجلس وخصوصاً في القضايا المهمة أو التي تبدو لهذه السلطة حساسة أو يترتب عليها تنازلات سياسية من قبلها أو تسفر عن تحولات هامة أو تداعيات تخدم القوى المناهضة للفساد وقمع الحريات.. أرى أن المرحلة القادمة قاتمة لأنها بتقديري ستشهد تصفية حسابات سياسية من قبل السلطة مع معارضيها بأكثر من وجه وسيكون هناك في الواقع السياسي تراجع أكثر في مؤشرات الحقوق والحريات والشفافية، بل وربما تمارس السلطة أفعالاً انتقامية مختلفة ومتنوعة ضد من كانت له مواقف سياسية قوية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أو من يستبسل في مقاومتها.

** الحقيقة ليست رواية وزير الداخلية**

– هناك روايتان مختلفتان عن قضيتك الأخيرة.. فأين الحقيقة؟

  • الحقيقة ليست تلك الرواية التي فبركها المطبخ سيء الصيت، ولكن الحقيقة هي تلك التي حدثت في الواقع على مرأى ومشهد كثير من الناس. الحقيقة هي تلك التي حدثت أمام أكثر من مائة معتصم رجالا ونساء أمام بوابة الأمن السياسي. جزء كبير مما أنكره وزير الداخلية أمام مجلس النواب سوف أثبته بشهادة مائة شاهد. كل ما هو مطلوب هو أن تسمع شهاداتهم مشفوعة كل منها بقسم. عندها ستنجلي الحقيقة أكانت في روايتي أم رواية الوزير.

لقد تم تهديدي بالسحب إلى داخل الأمن السياسي إن لم أدخل برغبتي. وقد سخروا من الحصانة وعضوية مجلس النواب.. حاولوا الاعتداء عليّ في الخارج وأخذي بالقوة من بين المعتصمين. ودخلت مكرها إلى داخل الأمن السياسي.. أسألوا من كانوا هناك يومها وهم كثر سوف يقولون لكم ما حدث.

وفي الداخل إن سمح لنا بالدخول وبصحبتكم سوف أدلكم على الغرفة التي حبست فيها من قبل ضباط الأمن السياسي.. لقد حفظتها جيدا وأنا على استعداد أن أصفها تفصيلا. وحفظت معها وجوه الضباط والعسكري الذي أمره الضابط بحراسة باب الغرفة. شكرا لهذا العسكري الذي قال لي كلمة طيبة ولمحت في عينيه أسى إرغام الأمر العسكري له. سأصف لكم تفاصيل كثيرة قبل أن يصطحبوني إلى الداخل وستجدونها مطابقة تماما لما قلت.

** حجة أوهى من خيط دخان في وجه عاصفة**

– هل كانت مشاركتك في الاعتصام كونك عضو برلماني في لجنة الحقوق والحريات في المجلس أم فضول صحفي؟

  • شاركت بصفتي ناشط حقوقي وبرلماني في مجلس النواب.. شاركت بصفتي إنسان يكره الظلم والعبث في انتهاك حقوق وحريات البسطاء من الناس من قبل هذا الأمن الذي يعبث بالأمن والأمان وحقوق الغلابى..

– يقال أنكم تجمهرتم دون إذن الجهات المختصة؟

  • أُعلن عن الاعتصام بكثير من وسائل الإعلام.. ولا يشترط القانون أكثر من الإبلاغ.. وكنت قد نويت أنا الاعتصام في المجلس والإضراب عن الطعام حتى الموت.. فهل هذا يحتاج إلى إذن وزارة الداخلية؟!! ثم أن الاعتصام الذي تدعي وزارة الداخلية بأنه غير قانوني تم من قبل المعتصمين أولاً أمام النيابة العامة وليومين؛ فلماذا لم تجرّمه طالما النيابة هي المناط بها تحريك الدعاوى الجزائية ضد المعتصمين؟! ثم لماذا لم تبلغ وزارة الداخلية النائب العام بهذا الخرق الذي تدعيه؟! ولماذا لم يجر التحقيق مع المعتصمين إن تبين أن ما حدث مجرّم ويعاقب عليه القانون.. وعلى فرض أن ما وقع مني من اعتصام هو جريمة من وجهة نظر وزارة الداخلية أو الأمن السياسي لماذا لم يتم ابلاغ القضاء ويباشر القضاء طلب رفع الحصانة من مجلس النواب عني.. لماذا ولماذا ولماذا؟ أسئلة لا تنتهي تسقط حجة وزير الداخلية أمام القضاء والتي هي أوهى من خيط دخّان في وجه عاصفة.

** بين الجريمة وإثباتها ثمة فرق**

– ما سبب التقاطك صورة فوتوغرافية لمبنى جهاز الأمن السياسي وأفراد الحراسة كما يقول الجانب الرسمي؟

  • لم أصور مبنى الأمن السياسي على الإطلاق، وما حدث هو تصوير أحد الأشخاص بالكاميرا التابعة لي أثناء محاولة ضباط الأمن السياسي ارتكاب الاعتداء على المعتصمين.. ثم هل تصوير الجريمة جريمة أم هو دليل على الجريمة؟ الفرق بين الاثنين بيِّن إلا لمن يعاني الحول أو من أصابه العمى..

** ما حدث بحقي كمواطن جريمة تصل عقوبتها خمس سنوات سجن**

– ما ردك على القاعدة القائلة أن التصوير في محيط الأمن السياسي حالة تلبس تتعالى على الحصانات الدستورية؟

  • أولاً: لا توجد لوحة في ذلك المكان تشير من قريب أو بعيد الى منع التصوير..

ثانياً: لم أقم أنا أصلا بالتصوير..

ثالثاً: ما حدث هو محاولة إثبات جريمة لا جريمة..

رابعاً: حتى على فرض وجود التلبس يشترط القانون إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث للتحقق من سلامة الإجراءات وهذا لم يحدث أصلا ولم يتم إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث.. بل ما حدث هو اقتراف ثلاثة من ضابط الأمن السياسي جريمة بحقي كمواطن أولاً بحبس وتقييد حريتي بطريقة يعاقب عليها قانون العقوبات النافذ بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات.. فضلا عن انتهاك حصانة برلمانية.

** غضب أجهزة الأمن**

– برأيك لماذا تغضب الأجهزة الأمنية من التصوير؟

  • ربما خوفا من إثبات ما تقترفه من جرائم.. بالإضافة إلى أن هذه الأجهزة لا زالت تعيش عقلية السبعينيات والثمانينيات بل وتعيش في غربة عن العصر وتقنياته.. مثلا هي لا تفهم بأنه يمكن تصوير الأمن السياسي ومرافقه بالنت من البيت أو أي مقهى انترنت… إن الجهل والغربة عن العصر من أهم مآسي هذا الأمن الذي يفترض أن يكون بائداً منذ زمن..

** لماذا غضب بعض النواب من التصوير**

– وماذا عن غضب النواب من التصوير أيضاً؟

  • إن رؤية النواب وهم يستجدون توجيهات وتوصيات الوزراء والمسئولين المطلوبين للرد على أسئلة النواب في قاعة المجلس يكشف عن هشاشة وضعف هذا المجلس.. إنه وضع مزر ومهين.. إنها الحقيقة المرة التي تفصح وتكشف موطن الضعف والاعتلال والخلل في تكوين هذا المجلس ومأساته.. كيف لمجلس أن يحاسب وزيراً وأعضائه يتوسلون التوصيات والأوامر ويستجدون شخطة قلم الوزراء المطلوبين للمساءلة أو الرد على أسئلة.. إن كثير من النواب هم مأساة هذا الشعب وتعبيراً عن محنته وبلواه…

** سابقة كسرت هيبة الأمن**

– كيف كان شعورك حينما رأيت جهاز الأمن السياسي وهو يلبي دعوة البرلمان لأول مرة وقد تكون أخر مرة؟

  • أظن أن إعلاني الاعتصام في قاعة المجلس والإضراب عن الطعام حتى الموت والجديّة في هذا الإعلان لعبت دورا مهما في إصرار البرلمان على حضور رئيس الجهاز الأمن السياسي وهي سابقة تحدث لأول مرة.. نعم كانت سابقة كسرت هيبة هذا الأمن الذي اكتسب قوته وهيبته من بطشه وطول يده وخرقه للقانون على مدى عقود طويلة… غير أن بعض أعضاء المجلس الذين يتحركون بالريموت كنترول، قد أُوكلت لهم كما يبدو مهمة فركشة هذا الاستجواب بأية حجة وبأي ثمن وبأي طريقة.. وما حدث من مستهل الجلسة كان يشير إلى هذا.. وحدث ما خطط له من قبل من يريد أن يظل هذا المجلس راكعا ومستباحا وهو أمر يؤسف له..

** مجلس النواب أسد في مفرشة**

– ما تفسيرك لتضامن النواب معك مسبقا وانقلابهم مؤخراً ضدك وبعد 48 ساعة فقط؟

  • لقد كان إعلان إضرابي عن الطعام يحتمل أن يكون له تداعيات على المجلس وأعضائه.. وأنقلب الأمر بالتوجيهات العليا التي جاءت لبعضهم وما أنيط بهم من دور ولاسيما النواب الذين ينتمون للمؤسسة الأمنية.. كان هذا واضحا.. ثم أن ما حدث لا يخرج عن القاعدة الرئيسة لهذا المجلس.. ترى المجلس في قضية ما في البداية مثل القاتل ألف والآسر ألف.. ولكنه ما يلبث أن يروض أغلبه في ساعات أو سويعات قليلة.. خذ مثلاً الاعتماد الإضافي.. عندما ينزل إلى المجلس يستنفر المجلس ويتوحد ضده ثم ما يلبث في سويعات أو أيام قليلة أن ينقلب الحال إلى ضده ثم يمر هذا الاعتماد في المجلس مثل لمح البصر عند التصويت رغم أنه طافح بالفساد والوباء..

** مجلس النواب لم يكسب قضية واحدة**

– البعض يقول أنك أعطيتهم مبررا كافيا عندما كذّبت الوزير؟

  • أظن أن الذي لا يعرف حقيقة هذا المجلس هو من يقول هذا.. عمر هذا المجلس لم يكسب قضية واحدة ضد الحكومة أو ضد وزير أو ضد حتى فاسد بحجم رأس قلم.. هذا المجلس لم يحل مدة الأربع السنوات الفائتة مسئولاً واحدا إلى استجواب رغم أن الأسئلة تنهال في المجلس مثل المطر.. لماذا لم يستطع هذا المجلس أن يستجوب حتى وزير واحد فيما مجلس الأمة الكويتي مثلا في سنتين أستجوب سبعة وزراء!!

على فرض أنه خانني التعبير وجاءت الخلاصة في المقدمة عند الرد على الوزير لماذا لا يطلب مني الاعتذار وسحب الكلام ومواصلة الموضوع وهو ما يحدث كثيراً من قبل النواب أو الوزراء.. لماذا لم يسمح لي نائب رئيس المجلس بالكلام وسرد الوقائع التي حدثت بعد أن أعيد الاجتماع في نفس اليوم أو في اليوم التالي أو الذي يليه.. لماذا تصرف العميد الراعي كأفندم ولم يتصرف كنائب يرأس مجلس نواب!! أظن أن ثمة أمر بالفركشة كان حاضراً أكثر من الواجب.. ثم أن الأعضاء الذين يلقون باللوم عليّ لماذا لا يفتحون ملفات سجناء وضحايا الأمن السياسي وهو موضوع أظنه أهم من قضيتي ويستحق كل الاهتمام.. إن الهجمة على ضحية مثلي تكون سهلة لمخالب اللائمين فيما تغيب تلك المخالب والأظافر وحتى الأصابع أمام الأفندم الراعي.. أقول للائمين تعالوا لنواجه سوية بالكلمة والموقف لننتصر لضحايا الأمن السياسي.. شكلوا لجنة خاصة مهمتها النزول المباغت لسجون الأمن السياسي لترون الفظائع والفضائح.. هناك ألف قضية يمكن أن تكونوا فيها أسود.. فكونوا أسود إن استطعتم ولا تلقون اللائمة على الضحية وتغضون الطرف عن الجلاد..

** الوزير مرافق**

– لماذا لم يتحدث رئيس الجهاز في نفس الجلسة؟

  • لأن وزير الداخلية كان هو المرافق لرئيس الجهاز والمتكفل بالرد.. كما أن استعلاء الأمن وانبطاح كثير من النواب يندرج ضمن الأسباب.. وثالثة الأثافي أن عقلية نائب رئيس المجلس لم تستوعب بعد على ما يبدو امكانية استدعاء مخبر إلى مجلس نواب الشعب.. تصوروا عندما اتخذ القرار من قبل المجلس بحضور غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي لم يتجاسر العميد والفندم يحي الراعي أن يلفظ حتى أسمه أو منصبه واستعاض عن هذا بقوله: (هذا الذي قلتم عليه) هذه العقلية هي التي لا زالت تحكم المجلس حتى اليوم..

– ما هو ردك على مطالبة رئيس الجهاز الاكتفاء باستدعاء الوزير كونه مجرد عضو في اللجنة الأمنية العليا التي يرأسها الوزير؟

  • هذا بعض مما عندهم.. نعم هذا بعض من استعلاء رئيس الجهاز واستخفافه واستهتاره بمجلس نواب الشعب الذي لا زال على ما يبدو لا يستحق شرف استجواب وزير كما قد يرون..

– هل ترى أن رفع الجلسة من قبل يحي الراعي كان قانونيا؟

  • لا.. مخالف للائحة المجلس.. والأسوأ أنه كان يحي الراعي هو من أوعز للوزير ورئيس الجهاز بالانسحاب.. والأكثر سوءاً مباركة البركاني و(ضباط الأمن) المحسوبين على المجلس للانسحاب.. ما حدث كان يدل على نية مبيته لتنتهي الأمور إلى هرج ومرج..

** بعض من مأساة**

– ما تعليقك على احتشاد مجموعة من النواب حول وزير الداخلية في قاعة المجلس لغرض معاملات خاصة؟

  • إنها بعض مأساة هذا المجلس…

 – هل تتوقع الآن إعادة تضامن النواب معك؟

  • لا أظن ذلك إلا إذا حدث ظرف طارئ أو مستجد مهم.. ولكن أمام النواب ما يمكن أن يفعلوه حيال الأمن السياسي إن توفرت إرادة لذلك.. ولا أظن مثل هذه الإرادة يمكنها أن تتوفر إلا عند القليلين ،على الأقل في الوقت الحاضر..

– من وجهة نظرك هل ترى أن هذه القضية قد انتهت؟

  • لا..

– ما لذي تنوي القيام به بعد تمييع القضية؟

  • لست ممن ينكسر عظمه حتى ولو كان المصاب جلل، ولأن كانوا كسبوا المعركة فسأعمل على كسب الحرب..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ملاحظة للتصحيح

هناك أمر ربما خانتني الذاكرة و أذكره هنا من باب التنويه و التصحيح لاحقا و هو واقعة أن الكاميرا حالما أخرجتها هل أنا حاولت التصوير بنفسي أم ناولتها لشخص ليقوم بالتصوير، ثم سلمها لي على إثر كشف رجال الأمن للأمر .. ما أذكره أنني ناولتها خلسة بعد انكشاف التصوير لرضية المتوكل التي كانت خلفي أو قريبا مني..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520.

زر الذهاب إلى الأعلى