فضاء حر

الدراما الرمضانية ..!

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

تتكرر كل عام ملاحظات كثيرة من العامة والنخبة حول الدراما الرمضانية التي يغلب عليها الطابع التجاري بسطحيته للاحداث والوقائع – وان كان لبعض تلك الاحداث اهمية – ناهيك عن سيل الاعلانات في كل اربع دقائق .. والغريب في الامر ان الجانب الجاد فيه استعراض مثير للسخرية مع العلم ان واقع العرب المعاصر فيه من الاحداث والوقائع والمشكلات ما يدفع لكتابة مئات من الاعمال الدرامية والكوميدية وغيرها -الا انه الكسل الذهني وشروط المنتج الذي يستهوي الاعمال السطحية .

(سنتحدث عن الدراما اليمنية في مقال مستقل).. ومع تزايد عدد الاعمال الدرامية المخصص عرضها في رمضان فهذه الاعمال محل النقد لم تقترب كلها بشكل مباشر من اشكالات العرب المعاصرة في غياب التداول للسلطة وفك الارتباط بين السياسة والدين وتابو الجنس والتخلف الثقافي اضافة الى تعويم الازمات في المنطقة وجعلها ميدان لاحداث يخطط لها في الخارج وتدار وتمول ايضا مع تنفيذ محلي .

يرافق الملاحظة السابقة غياب لأي برنامج ثقافي -حواري- يكون محوره الانسان والحداثة والدولة وتفكيك الخطاب الديني والتدخلات الخارجية مع تزيد معدلات الفساد والبطالة والفقر .. وهو الامر الذي يتطلب افساح المجال لمتخصصين من العلوم الاجتماعية والانسانية لان حاجة المجتمع لتنوير العقل اكثر من حاجته للمسلسلات التجارية دون الموضوع او الابهار الفني . هنا ممكن نفهم اعترض النخب الحاكمة ومعها نخب مجتمعية ذات ثقافة تقليدية .

اليوم حاجة المجتمع العربي للتنوير الثقافي كبيرة بعد شيوع افكار حاملة للغلو والتطرف واخرى شمولية وثالثة عبثية جميعها تستهدف تعطيل قدرة المواطن في اعمال عقله في التفكير والنقد والتعامل المباشر مع النص الديني دون وسيط ونقد السياسة وحاملها دونما خوف ونقد التقاليد ايضا .

واخيرا لاتزال الثقافة وحدها محددا لان تكون علامة مائزة في تطور المجتمعات ونهضتها .. ومعنى ذلك ان استيراد التكنولوجيا ومعها كل انماط الاسنتهلاك لاتخلق مجتمعا متحضرا ولا فاعلا في سياق انتاج محددات الحياة ومتطلباتها بل الثقافة (العلم والمعرفة العلمية واتساع افق وعي الافراد) تشكل معيارا لادراك معني ذات الانسان وحضوره التاريخي وممكنات فاعليته الانتاجية واللابداعية ..الانسان بالعلم والثقافة والابداع ينتج حضارة وتقدم والاتجاه نحو المستقبل وتعطيل قدراته في التفكير والابداع يصب في مشروع مناهض للتطور والتحديث والمدنية ..!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520.

زر الذهاب إلى الأعلى