فضاء حر

مرة قلت شعمل فيلم ووقع لي فيلم يالطيف والحنبة (الأخيرة)

يمنات

فكري قاسم

وكيف لما يقولك أغنى واثرى واحد في البلد :
– ياخي انت مبدع وفنان وانا معجب بكتاباتك واشتي اتبناك وادعمك من ذلحين لما اموت؟
تفرح أكيد ويسير منك الهم
وتشعر أن مستقبلك مضمون وان ليلة القدر فتحت لك أبوابها وهيأتك لنعيم لن ينضب وماعد شتحتاج لمخلوق على وجه الأرض
هذا ماحدث معي بالضبط في هاذاك اليوم سنة ٢٠٠٧ عندما دعاني الأستاذ نبيل هائل الى مكتبه بصنعاء.

في أول زيارة اتعرف فيها عليه سلم علي بيد طيبة
وقال لي هاذاك الهدار المليح وروحت من عنده فرحان شفطس
امشي في الشارع مبتسم سع عبدالحليم لما روح عند شادية يغني في الفيلم احبك احبك وطول الليل اهادر نفسي عن الكنز الذي لقيته واقول لحالي ماذلحين منو ساعك يافكري وماعليك إلا تشتحط وتكون صادق ومخلص وأمين مع إبن الناس هذا الذي شيطعفر بأم كل الحنبات من طريقك مدى الحياة.

لاترهقه بالطلبات الشخصية ولا تتصل به ولا تزعجه وخليه لوقت الصدق بس والعم نبيل كريم معي ومهذب ولطيف وأنا أحبه باطن وظاهر ومن كثر تقديري ومحبتي له مسميه في جوالي “ابي” لأن ماحد قد لي من قبل شتبناك وطول عمري وانا أبنن
وماذلحين شتبنن
ومش كذا وبس ..

حتى سميت احسن واحد من الشخصيات في الفيلم “نبيل” وهو نبيل من صدق يعيش في صنعاء ويجي تعز مابين وقت وآخر
وهاذيك الأيام من العام من اواخر العام ٢٠١٣ كنت اتحين جيته بالسراج منسب اسير له واطرح عليه موضوع الفيلم
وكنت قد الغيت من راسي فكرة العرض في ميدان الشهداء
ماعبينيش طافة لأي برطعة قد تعبت خيرات هذا من ناحية
ومن ناحية ثانية مشتيش اثقل على عمي نبيل بمبلغ مائة وعشرين مليون ومشتيش يقول أن قد بين استغله
وخايف عليه لا يطفرن من تحت رأسي
وارجع ادور من يتبناني انا وهوه
وقالوا في المثل ” خففوا على أهل المرؤآة”
والطمع في كل الأحوال مهلكة وأسهر وأقوم اقول لنفسي هذا الهدار.

وقد كنت مقتنع أن يشتري مني الفيلم وبس
بثلاثين مليون ريال مقابل اعلانات ويتم عرضه في قناةالسعيدة واخارجه واتخارج
وانا في هاذيك الأيام كنت طارح هارد الفيلم عند أمي
خايف عليه لا يضيع مني
ومافيش معي نسخة ثانية من الفيلم وحذرت امي ” كما لايضيع ؛ مستقبلي وضماري داخل الهارد يا اماه”.

امي استوعبت الكلام وشعرت بأهمية الهارد وخبته عندها في البيت داخل شنطة على قفل طارحه لها في مكان حصين معلقة المفتاح حقها مدندل فوق صدرها من داخل كأنه قلادة ليلة القدر
وماكودها خايفة على الهارد لايضيع ولا يخرب
ون وقع مطر تنبع من بقعتها لامخباية الهارد فيسع
تتفقده ساع الجاهل لا يخسع لا يخرب لا يحرم لا ينكع لا يكتسر
وطول الوقت ماتقدرش تقول هارد تسميه كريك
وفي الحارة تكلم النسوان عن الفيلم ولا شويكار تقولهن قدو جاهز وقد اتحمض وقدو مخبى عندها في الكريكك وماعد إلا يبتاع
وماكودها في البيت تسألني :

– عادك ماقد تشتيش الكريك ؟
وهذا الفيلم بالنسبة لها هو الكريك شغرف به الزلط واطلع به السماء

وجا العم نبيل لتعز ورحت لاقيته بمكتبه ومعي في شنطة يدي نسخة من الفيلم في فلاش ورسالة شوقي ابن أخيه وموازنة تكلفة إنتاج الفيلم ثلاثين مليون ريال
استقبلني بترحاب ولطف معتادين
كلمته عن الفيلم وشجع واشاد وبارك وزاد هو من نفسه اقترح انو الفيلم يعرض في قناة السعيدة وقلي بابتسامته المألوفة انشاء الله خير لا تقلق بنشوف ايش ممكن نعمل معك في المجموعة وخلينا على تواصل وروحت مكتبه يومها وانا مبسوط ومرتاح
وبين السماء وبيني شيرين وبس
وماعد بيني ضيق ولا قلق ولا اكتئاب
ولا عد عندي اي توتر من الإجابة عن الأسئلة المعتادة اللي تصرع رأسي كل يوم من طاقم العمل ومن المخرج ومن الأصحاب ومن الجيران ومن الأهل في البيت لمعرفة مصير الفيلم.

كان الأمر بالنسبة لي قدو محسوم
لكن قالوا الذي بخته البرد يلحقه للحمام
وإذا كان شوقي يسافر مرتين في الشهر اما العم نبيل عايش فوق الطيارة وماكوده مسافر.

وشهر يجر له شهر والزمن يمشي والمنتج المقعي
ماكوده مقبع للسماء مراعي أيحين شيهبط وايحين شيخرج الفيلم وايحين شتجي ليلة القدر
والبلاد قدي مخبوطة والوضع كل يوم يعتصد وامي كل يوم في البيت قلقة ومتوترة تسألني:
– مله عاسبر الكريك والا موقالوا لك؟
قاموا الحوثيين بالإنقلاب وغرفوا ام البلاد كلها بالكريك
وقرحت الحرب واتطايروا الناس
ولاعد لقيت شوقي المحافظ والإنسان ولا عد لقيت عمي نبيل ولا عد لقيت ليلة القدر
وتقلفدت البلاد فيسع
ولا عابوه تعز عاصمة للثقافة
ولا عابوه تعز من أصله
واشتد سعير الحرب في حارتنا بسرعة مهولة وكان علينا أنا وأمي وزوجتي وابني أن ننزح فيسع لإنقاذ ارواحنا من موت وشيك أن بقينا في حارة مشحونة بالخصوم تدور الحرب فيها من طاقة لطاقة.

ويومها واحنا حانبين نتلبخ في البيت نوالف الحاجات المهمة إلى داخل الشنطة الكبيرة منسب نهرب
كانت امي تتبركض في البيت قلقة على شنطة الكريك أين طرحتها يامصليين على النبي
من كثر المخابي الذي عملت فيها شنطة الهارد قدي ناسية اين طرحتها وقد عتجنن بتتلبج من مكان لامكان أين جا الكريك حق أبني في أي شنطة
القوارح خارج يدين
والدخان يطلع من كل سقف والناس هم والناس والدم هو والراس وامي هي والشنطة الضائعة والله مشتخرج من باب بيت إلا والكريك حق الفيلم معه
هو مستقبلي كيف تفلته وتهرب؟
واخيرا بعد دوار ونبيش ونديش في كل ادراج ودواليب الكبت امي لقت الشنطة حق الهارد وبرد قلبها
شلته من داخلها فيسع
وكشحته داخل شنطة يدها واطمنت على مستقبل الفيلم الذي شيطلعني السماء وشيفتح لي ابواب الرزق والشهرة.

وطول الطريق واحنا نازحين هاربين مش داريبن في اتجاه نسير بالضبط وامي فوق السيارة راكبة بخانة وسط حادفة الشنطة خايفه على ضمار ابنها
وانا راكب قدام مطنن أشوف احلامي كلها تتناكع من السماء واشوف المستقبل امامي غائم
و لا عد وقعت سيناريست ولا منتج ولاعد معانا بيت نسكن فيه ولا لمخرج والمنتج المنفذ كمل الفيلم وسلمني النسخة الأصلية الجاهزة
ولاجنيت ارباح ولا رجعت خسارتي ولاعدنا داري مو اعمل بالكريك الذي جالسه امي تبننه وماعد لقيت من يتبناني
وطول الطريق ادفخ سيجارة بعد سيجارة واقول لنفسي:
والله اننا اهبل ومقعي من صدق
انا مش رجال اصلا
لوكنت رجال ومشحوط من صدق اننا أنتجت لي بزلطي فيلم سكس كان أحسن لي وأخرج
فات الفيلم قد عرض
وفات قد شافوه الناس وقد افتهنوا في أرواحهم
وفاتنا اليوم مرتاح ومبسوط اجني الأرباح واموري سابره.

ومشت سنة ٢٠١٥ وسنة ٢٠١٦ وسنة ٢٠١٧
وانا وامي وعائلتي ننزح من بقعة لبقعة
وفي كل بقعة ننزح إليها الوضع كالعادة
وامي في دحيس أين جا الكريك أين سار الكريك منو شكل الكريك من الشنطة وانا مكتئب فقدت كل مصادر دخلي ونازح واموري العائلية ملخبطة انتهت بالطلاق بيني وبين أم ولدي الوحيد وأصبحت بيني وبين أوس أبني مسافات بعيدة عكمت قلبي بالأحزان وتزوجت ثانية مؤمنة بي وبابداعاتي وخايفة على هارد الفيلم لا يضيع أكثر من خوف أمي عليه.

سنين صعبة وقاسية مررت بها سببت لي الأكتئاب وتركت في روحي جرائح غائرة افقدتني القدرة على الكلام
انقطع خلالها تواصلي مع الدكتور سمير العفيف المخرج والمنتج الفني
والدكتور سمير اجتهد خيرات والكل
والفيلم في مستوى جيد من حيث التصوير واللوكيشنات وفيه نجوم خيرات ابدعوا الصدق.

بغض النظر عن تطوير الصراع الذي جعث أفكاري وأفكار القصة وبغض النظر عن حالة النفسية التي صاحبتني أثناء تجربة الإنتاج وبغض النظر عن الآمال التي شلتني السماء وطرحتني ارض وافقدتني طاقتي وجعلتني في ضيق من الفيلم
ولاعد كلمت المخرج ولا سألته أين وصل به ولا لي علم حتى هو كمل المونتاج أو ماشي أو عادوه بيطوره
ولا عد لي نفس حتى افتح موضوع الفيلم من اساسه مش إلا معه بس؟ مع أي إنسان يسألني:
– أين عد جا الفيلم
– أين سار الفيلم
– لا أين وصلتوا بموضوع الفيلم
هذي أسئلة تدي لي الضيق
و لا اجد لها جواب محدد
ولا اشتي افتح اي هدار حول تلك الخيبة الكبيرة التي كشفت النقاب عن وجوه كثيرة ضننت أنها تحترم الإبداع وتثمنه وتقدره
وهي على أية حال حالة إكتئاب تضافرت مع مشاعر خذلان مريرة أفرغت روحي مني وماتشافبت منها عموما إلا قبل شهور فقط حال أن انهيت مرحلة سنوات النزوح القاسية والصعبة وعدت للاستقرار ثانية في الجحملية
مسقط رأسي وحارتي التي جعلتها الحرب عصف مأكول
امشي في شوارعها وبين بيوتها المخربة كل يوم مثل الغريب
لاعد فيها ناس
ولا عد جيران
ولا عد سوق ضاج بالحياة
ولا مباهج ولاماء ولاكهرباء ولا صرف صحي
وحتى مبنى سينما قصر بلقيس الجحملية اللي خطفت قلبي من وانا صبي والتي أصبحت فيما بعد صالة أفراح تدمرت هي الأخرى وتحولت أعزكم الله إلى مخراية
ومش هذا هو المهم في الموضوع
في رمضان هذا العام شفت اول اربع حلقات من مسلسل ليالي الجحملية في قناة يمن شباب وانتقدت بعض الأشياء في مقال نشرته بصفحتي على الفيس بوك
دخل الدكتور سمير العفيف ؛
يعلق في المنشور وقال انو اي أخطاء في مسلسل ليالي الجحملية يتحملها المخرج ولا احد غيره.

هيا انا شفت تعليقه قلت فرصة اني لقيته بعد ثمان سنوات من الغياب ومن الإنتظار لمعرفة مصير الفيلم
وماعنديش اي فكره والله
هل كمل يمنتجه أو عادوه ؟
وإذا قد كمل يمنتجه ليش مايقولي وليش مايكلمني ويتواصل معي على الأقل باعتباري المنتج؛
صح والا انا غلطان؟
سألته في الرد على تعليقه:
– أين عد جا الفيلم يادكتور؟
رد باقضاب :
– الفيلم في الطريق
– كمله في الطريق يادكتور ولا خرجنا لطريق
دخل واحد من المعلقين مهتم بموضوع الفيلم إلى ذات الموضوع اللي نشرته في حائطي على الفيس يسألني:
– أين عد حقك الفيلم ماعد شفناه ولا عد عرض
قلت له بالحرف الواحد:
– هوذا المخرج الدكتور سمير العفيف قدامك أسأله اينوه؟ انا وفرت له كل شي من متطلبات الإنتاج ماعد إلا مراعي له يقولي تم.

دخل الدكتور الفنان سمير العفيف المخرج الذي عصد لي قصة الفيلم والمنتج المفحط الذي برطع بي في كل وادي
وخلاني اطوس في بحر من حلبه وقال في الرد على الاستفسار وعلى تعليقي المكتوب جواب صادم فقش لأمي المرارة
وطلع لي السمرقع
ايش قال؟
خلاصة هداره انو كان يحسبني مثقف وانو الذي أنتج الفيلم وتحمل تكاليفه كلها من الألف للياء الشهيد عبد القادر هلال الله يرحمه.
ايوااااه والفيلم؟
قال كان يحسبني مثقف ذلحين معاناش مثقف وعادنا حتى منتج مربطع
قلت لكم لوعملت لي بزلطي فيلم سكس أنه أخرج لي وأحسن من هذا العراب الفني قلتوا ماشي.

شفتوا كيف؟
مافعل ذلحين ؟
وما اقول لامي يادكتور لما تسألني :
عد شيبتاع الكريك والا ماشيبتاع؟
بالنسبة لي أنا فيلمي انتهى الٱن يادكتور وعندي مقترحات لإطلاق سراح الأسير
شاناقشها مع جمهور الفيلم الذي وقع لي.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى