مُت ولكن دون ضجيج !!
يمنات
أحمد سيف حاشد
عليك أن تموت دون أن تحتج ببنت شفة!!
تضور جوعا دون أن يطلع لك صوتا أو حشرجة.. مت دون انين أو غرغرة..!!
أنت المواطن المغلوب والمقموع في صنعاء وعدن ومارب وشبوه والحديدة وغيرها من يمن مستباح أرضه وعرضه..!!
ثروتنا تُنهب طولا وعرضا، وشعبنا تقاسموه كغنيمة حرب. ومنعوه من التوجع والأنين..
يريدون من هذا الشعب أن يموت إلى الأبد، ولكن دون إزعاج أو ضجيج..!!
يريدونه أن يموت ولكن بسكون مطبق، وصمت يشبه صمت المقابر..!!
ممنوع من التظاهر أو الاحتجاج أو الاعتصام في عدن من أجل الكهرباء..
فإذا فعلت تم اتهامك بالانتماء للشمال والحوثية والإخوانيه والإرهاب..
لن يسمحوا لك في عدن إن تتظاهر وتستعيض عن علم الجنوب بـ “المناوف” احتجاجا على قطع الكهرباء..
يركبون الموجة، ويصادرون احتجاج “المناوف” حتى لا يُسحب منهم بساط.، ويرفعون العلم الجنوبي، ويطالبون بتنفيذ اتفاق الرياض الذي يفرض الإذعان والوصاية.. من كان يظن أن شيئا من هذا سيحدث يا اشتراكي زمان؟!!
وإذا أردت أن تتظاهر أو تحتج أو تعتصم في صنعاء ضد الفساد المتوحش فيها، أو من أجل استعادة الرواتب المقطوعة، أو ضد احتكار وتسليل الوظيفة العامة، أو احتجاجا على رعاية السلطة للسوق السوداء، أو ضد الجبابات والانتهاكات اليومية للحقوق والحريات فلن يكتفون برميك بتهم الخيانة والارتزاق والعدوان، بل وسيتم قمعك بعنف ووحشية..
لا أقول هذا جزافا بل عشناه مرارا وجربناه في 25 مايو 2017 عندما تم قمعنا، والاعتداء علينا وعلى أسرنا التي شاركت في الاحتجاج من أجل الرواتب المقطوعة، والجُرع التي يتم فرضها على أسعار المشتقات النفطية كل يوم..
كثيرا مما نشاهده في فلسطين يتم ارتكاب ما هو أفظع منه في اليمن مع فارق إن احتجاجنا كان محدودا جدا ومتواضعا إلى حد بعيد..
في صنعاء احتكروا حتى الشرف، حالما كانوا يقذفون أسرنا المشاركة بالاحتجاج بما لا ننساه..
فيما أتهمتنا وزارة الداخلية ومعها الإعلام الموالي لسلطة صنعاء بالخيانة والعمالة والارتزاق، وأكثر من هذا تم اختطاف نايف المشرع المغترب والده في السعودية وتعذيبه لإرغامه على الاعتراف كذبا وبهتانا إن احتجاجنا ممول من السعودية..
ما أبشعهم وما أجرأهم وكم هم مرعبين..
والغريب والمريب أن كل المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية من أكبرها حتى أصغرها توأطات مع هذا القمع، وسكتت عنه، ولم تشير إليه في تقاريرها رغم توثيقنا لما حدث، ومراسلتنا لها، وأهم تلك المنظمات: منظمة العفو الدولية، واتحاد البرلمان الدولي، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش ) وغيرها بما فيها الأمم المتحدة.. حتى ظننا دون إثم إن العالم كله متفق علينا ومحتشد، وقد كان ذلك.
يتم تلفيق التهم، وممارسة الإرهاب علينا في عدن و صنعاء وغيرها من مدن ومناطق اليمن.. يتوافقون على جباية شعبنا وخلس جِلده وهرس عظمه..
يتقاسمون ثروته وينهبونها ولا يحيطوننا علما حتى بما يأخذونه!!
يريدون أن نخضع ونستكين لطغيانهم واستبدادهم وقمعهم غير المستمد من أي شرعية عدا شرعية القوة والغلبة والأمر الواقع..
يمارسون سياسة الإفقار والتجويع بمنهجية وإمعان..
يريدونك أن تتضور جوعا في صنعاء وتموت بصمت وكمد دون أن تعترض حتّى بأصبعك..
ويريدونك في عدن أن تموت حمأ وظمأ واختناق دون أن تتنفس أو تحتج بـ “منوفه”..
في صنعاء يريدونك أن تخرج تتظاهر معهم ضد إسرائيل، ولكن تحت شعارهم وأجندات حركتهم، وموالاتهم، وإلا ارتابوا في أمرك وولائك بل وهويتك الإيمانية.. وسوف تتهم بالتطبيع والعمالة لأمريكا وإسرائيل..
أريد أن أخرج في صنعاء وأهتف مع فلسطين:
“صبراً صبراً يا فلسطين *** نحن كماكم مدعوسين”.
هل ستسمح لنا سلطة صنعاء أن نحتج وتتظاهر ونهتف بهذا الهتاف..؟!!
في صنعاء اتظاهر من أجل فلسطين، ولكن ممنوعا عليك أن تتظاهر بنتفة هتاف من أجلك على هامش تظاهرتك من أجل فلسطين..
فيما حركتهم تمول من المال العام وتتظاهر من أجل نفسها أكثر من فلسطين.. توطد حكمها، وتروج لشعارها، وتحشد العوطف وتستغلها لمصلحتها لتغدو أكثر رسوخا وثباتا على حساب شعبنا المُنسحق هنا، وشعب فلسطين المسحوق هناك..
في صنعاء يدعون إلى التبرع من أجل فلسطين، ولكن ممنوع عليك أن تسأل عن مصير أكثر من اثنين مليار ريال تؤول لجمعية كنعان فلسطين (اليمن) الذي غيروا اسمها واستولوا على أموالها دون أن يعلم الشعب عن أموالها شيئا..
يمنعون عليك التساؤل والمطالبة بالتحقيق عن سبائك الذهب والأموال التي أعلنوا عنها دون تحديد أو استولوا عليها بعد أحداث الثاني من ديسمبر، والتي قالوا عنها أنها تكفي مرتبات للموظفين لأربع سنوات طوال، وقيل إنها ستورد للبنك المركزي، ولا نعلم عن مصيرها شيئا، وعجز مجلس النواب الذي يتقاسموه أن يحصل على أي معلومة عنها.. وهو ما يجعلنا نحجم عن اتهام سلطة صنعاء بعدم الشفافية أو بحجب المعلومة، بل نتهمها باللصوصية والنهب وتجريف أموال الشعب..
وفي مارب وشبوه الجمهورية الزائفة والشرعية المزيفة التي تدير سياسة الإفقار بطبع حاويات من العملة النقدية تصل تباعا دون أن تخفف من وزر أو تحل مشكلة، بل باتت تثقل كواهلنا كل يوم، وتسحقنا بتكرار وقد صيّرت اليمن يمنات وصيرتنا كعصف مأكول..
وفي المقابل تبيع يوميا نفط وغاز اليمن، ولا نعلم شيئا عن العائدات ومصيرها وإنفاقها، وقليل أن نتهم تحالف الاحتلال وسلطات الأمر الواقع هناك باللصوصية والنهب المنظم لشعبنا وثروته، بل ما يحدث هو جريمة إبادة وقتل وتجويع واستباحة لحقوق شعب ممنوع حتى من التوجع والانين على ثروة تنهب دون فتات، وهو يتضور جوعا ويموت مجاعة..
وضمير العالم الميت يحاصرنا برا وبحرا وجوا، وتاركا الحبل على غاربه لسلطات الأمر الواقع هنا وهناك لتفعل فينا ما تريد وما تشاء مقابل ضمان مصالحه الجشعة وغير العادلة وغير المشروعة في جلّها..
العالم متفق على حصارنا، بل ويعتاش على حربنا ومآسينا ودمنا، ويطمع بأرضنا وجزرنا وبحارنا وثرواتنا..
إنه عالم بشع ومتوحش ومرعب وعبثي بلا مهل أو حدود..
الصور تراجع إلى مايو 2017 صنعاء
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.