حامل شهادة الماجستير الذي صار عامل بناء
يمنات
أنس القباطي
قررت قبل المغرب المشي .. خرجت تائها لا اعرف إلى أين اتجه .. وبينما كنت اسير تائها في شارع الستين الغربي سمعت أحدهم يناديني .. ألتفت يمينا وشمالا لعلي اتعرف على وجه المنادي، فيما هو يكرر النداء باسمي .. رأيته يبتسم ويقبل نحوي وأنا مستغرب وأتسأل من هذا العامل الذي يعرفني..
وحين دنا ليصافحني عرفته “انه زميل الدراسة” الحاصل على درجة الماجستير بتقدير امتياز، والذي أصبح عامل بناء .. وقبل أن أسأله بادرني بالقول “ما عرفتني .. قدنا شاقي من جيز الشقاة .. مو نعمل الحرب بنت الكلب….”.
كنت مذهولا وانا اتكلم معه .. طلب مني الجلوس على الرصيف. جلسنا لأجد ان صاحبي أصبح عاملا منذ عامين بعد ان تقطعت به السبل واضطر للنزوح من مدينة تعز قبل ٦ سنوات، ومع جشع المؤجرين وعدم حماية السلطة للمجتمع أصبح منذ أكثر من عام يسكن مع زوجته وابنه ذو العشرة أعوام في غرفة صغيرة في احدى الحواري الشعبية غرب صنعاء..
صديقي الذي كان شعلة من النشاط والحيوية والأنيق المظهر، اثناء دراستنا في مساقي الليسانس والماجستير ، غزى الشيب اكثر من نصف شعره، صار جسمه الممتلئ نحيفا وبدت عظام فكيه بارزة، ولم يعد يدخل مواقع التواصل الاجتماعي منذ عامين..
خلال النصف ساعة التي امضيناها، حدثني عن فاشلين اعرفهم، كيف اصبحوا يملكون السيارات الحديثة والعمارات الفخمة، ويعبثون بالمال عبث من لا يخشى الفقر، وووووو
وقبل ان نفترق، قلت له: الآن حان الوقت لتعلمني مهنتك الجديدة، فقريبا سأكون بجوارك .. فقد صرت عاطلا عن العمل .. هز رأسه مبتسما وقال لي وهو يهم بالمغادرة “شاعلمك .. قد هذه مهرتنا الجديدة .. منو قال لنا نتعلم”..