قهر الناس بمنظومة أخلاق العبيد
يمنات
محمد ناجي أحمد
يتزلف الصحفيون “اليساريون” التابعون للحركة الحوثية في تبريراتهم للنهج الذي يُضَيّق على الناس في حياتهم وحرياتهم، فإحراق “معالل” البوالط النسائية، ومنع الاختلاط في مشاريع دراسية في الجامعات وفي الفضاء العام، ومنع المجسمات والصور التجارية الملصقة بالملابس الداخلية يصورونه على أنه تنطع من البعض، والحقيقة التي يعرفونها من ملازم الحركة الحوثية هو أن هذا نهج في صلب ورأس الحركة، وليس تنطعا وتصرفا فرديا!
سيستمر هؤلاء الصحفيون في كذبهم، وستستمر الحركة الحوثية في مصادرة فضاء الناس في المأكل والمقاهي والأعراس والثقافة والمعيشة…
هناك “هوية إيمانية” في الملازم، في منطوقها ومحتواها وفحواها، جاءت نقيضا وإزاحة لمفهوم الوطنية اليمنية والهوية العربية، وهناك ما يسمونه بـ “معركة الوعي” التي تأتي في أولوياتها إعادة صهر المجتمع ضمن مفاهيم أخلاقية متحجرة في ماضويتها ورجعيتها، وهناك توصيفات واضحة وصريحة في الملازم والخطب يَرِدُ فيها اليسار من ماركسيين وقوميين بانهم “ملحدين.. ملحدين” وأما صورة جمال عبد الناصر فإنها تتشكل في الملازم بأنه صناعة المخابرات الأمريكية!
يتلبس عبيد الحركة الحوثية من اليسار الرث بأنهم شركاء لا مستخدمين ومستعبدين، لهذا يهذون في منشوراتهم عن “ثورية الحركة الحوثية” وأن هناك من يُحرّف المسار!
هم بهذا الطرح يسيئون إلى قادة الحركة المؤسسين والحاليين، وإلى الملازم والخطب التي تم تعميمها إلزاميا على مؤسسات الدولة، إنهم يضعون أنفسهم في موضع الأحرص والأفهم، الذي ينبه سيده إلى خطورة الصدام مع قيم انتجتها الحركة الوطنية الحديثة، وفي ذات الوقت يحتال هؤلاء العبيد على الناس حين يعيدون تسويق قيم القهرعلى أنها قيم ثورية مناهضة للاستعمار والاستبداد، وهي في حقيقتها زمن طائفي صهيوني بامتياز؛ أي أذرع محلية للاستعمار الجديد
هناك ترويض للمجتمع على مراحل، فبين كل فترة زمنية وأخرى تكون هناك محاولة لقهر المجتمع وتكميمه، وكلما عبر المجتمع عن شدة رفضه لهذا النهج الأخلاقوي السلفي تراجعت الحركة الحوثية خطوة إلى الوراء،تكتيكا، وتقدمت كتيبة الإعلاميين من الرفاق الذين استقطبتهم الحاجة، ليبرروا بأن هناك من يحاول حرف بوصلة ” المسيرة القرآنية”!
البوصلة واضحة في مرجعيات الحركة وملازمها وتفسيراتها الموظفة والمؤولة للقرآن بما يخدم الارتداد بالناس إلى زمن الذل والأغلال، لكن المندمجين في دورة استلابهم يزيفون حقيقة المسار، بتجميل هو في لغته ذروة القبح، لكن دون بلاغة القبح!
إن الخطاب التوعوي للحركة الحوثية في كليانيته يستهدف إعادة صياغة مفاهيم الحياة المدينية والمدنية ليكون مجتمعا اتباعيا وذكوريا؛ بإعادة إنتاج لمجتمعات العصور الوسطى…
عقيدة الولاية في مفاهيمها السياسية والإقتصادية والثقافية تقتضي إعادة المجتمع إلى سياق مجتمعات العبودية والإقطاع، وفي ذلك تكون منظومة الأخلاق التي يراد فرضها على المجتمع ليست عملا فريا ولا تنطعا شخصيا، إنها من أولويات معتقدات الحركة ورسالتها وأهدافها…
الوحدة أولا وثانيا وسرمديا:
حين تتراجع القيم الجامعة للناس والأرض فإن الهويات القاتلة بأقنعتها الطائفية تتصدر المشهد…
أزمنة القهر تجتر كل الخرافات المذهبية والمناطقية والجهوية، إنها تتخادم مع بعضها، لأن كينونتهم تخلقت بتواز، وتزامن وتعايش يأخذ أشكالا عديدة، على حساب حياة الناس ووجودهم ووحدة وطنهم ومواطنتهم.
نحتاج إلى قمة لنكون بعلو الوحدة:
بين قلعة تعز والمدينة وجبل التعكر ومدينة جبلة تماثلات عديدة…
قلعة تعز التي سميت في زمن متأخر بقلعة القاهرة تمتد في أفقها على اليمن الوحدوي، فهي جغرافيا مجرد هضبة من هضاب جبل صبر، ولا يميزها عنه سوى لونها الأحمر المائز والفريد…
وجبل التعكر يمتد في أفقه على اليمن الكبير، كجزء من أفقه العروبي…
جبل التعكر وقلعة تعز ومدينة تعز ومدينة جبلة خططها وأسسها عبد الله بن محمد الصليحي، أخو السلطان والداعية الإسماعيلي الصليحي علي بن محمد الصليحي…
يقول صاحب كتاب “عيون الأخبار وفنون الآثار” عماد الدين إدريس بن الحسن الأنف-المتوفى 872هـ -بجزئه السابع-تحقيق الدكتور ايمن فؤاد سيد:
“فلما كان سنة سبع وخمسين وأربعمائة اختط السلطان عبد الله بن محمد الصليحي مدينة ذي جبلة بأمر أخيه الداعي علي بن محمدالصليحي.
وجِبلَة على ما قيل اسم يهودي كان يسكن فيها ويعمل الفخَّار، وهي تسمى مدينة النَّهرَين،لأن حولها نهرين كبيرين جاريين. وقِيل إن عبد الله بن محمد الصليحي هو الذي بنى قلعة تعز وابتدأ في مدينتها أيام أخيه الداعي علي بن محمد الصليحي هو وابن أخيه المكرم أحمد بن علي.”ص99-100- عيون الأخبار وفنون الآثار- السبع السابع- للداعي عماد الدين إدريس بن الحسن الأنف-تحقيقالدكتور أيمن فؤاد سيد-معهد الدراسات الإسماعيلية -لندن.
أتذكر قولا للدكتور ياسين سعيد نعمان قبل عقد ونصف ، قال فيه إنك حين تعلوا ذروة أعلى جبل من جبال اليمن تلمس بصريا اليمن الوحدوي…
إن سعة الأفق الوحدوي الإنساني يحتاج منّا إلى أن نكون في قمة جبل وحدوي…
الوحدة ليست عاطفة فائضة، وليس استجابة لطموح المستبدين، إنها المصير الحتمي لسلام اليمن وتنميته وقوته، كي يخطو نحو أفقه العروبي.
المستبدون واللا إنسانيون هم من يتبنون فعل الإنفصال، ومن يحاولون تزييف الوعي والضرورة الوحدوية على أنها صولجان المستبدين، أو يجغرفونها بمصطلحات مناطقية ومصادِرة كـ” الهضبة والمركز المقدس”
لو كانت الوحدة ظل الاستبداد لما ظل وهجها الإنساني وأفقها الحياتي هدفا سرمديا…
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520.