وترجل الفارس الحكيم ..
يمنات
طه العامري
رحل عن دنيانا أحد أبرز فرسان الوطن وحكماء الأمة الدكتور عبد الوهاب محمود عبد الحميد ؛ الذي لا يمكن تعريفه بمنصبه ؛ ولا بالمناصب التي شغلها؛ فقد كان _رحمة الله عليه _ أكبر من كل المناصب ؛ التي كانت تفتخر به ؛ ولم يكن هو يفتخر بها ..نعم عبد الوهاب محمود الدكتور والشيخ والمناضل الوطني والقومي ؛ لم يكن مجرد عضوا برلمانيا؛ ولا نائبا لرئيس هيئة مجلس النواب ؛ ولا يمكن وصف الراحل بالمناصب التي شغلها ؛ فقد كان _رحمة الله عليه _ إلى جانب كل من الأستاذ الشهيد عبد العزيز عبد الغني ؛ والشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان ؛ والدكتور عبد الكريم الإرياني ؛ والأستاذ محمد سالم باسندوة ؛ أحد الأعمدة _ الخمسة _ الذين حملوا على اكتافهم أمن واستقرار الوطن على مدى عقود من الزمن ..
الدكتور عبد الوهاب محمود عبد الحميد الذي حمل على عاتقه أحلام وطنه وأمته وعبرا عنها خلال رحلته النضالية الطويلة بكل نزاهة وإخلاص وتجرد من نزعات الأناء والنرجسية فقدم نموذج للإيثار النضالي الذي لم يستوعبه البعض ولهذا ترك الراحل المشهد حين بدت أنامل الانتهازية السياسية تخط بحبر عبثها على خارطة الوطن فكان أن خسر الوطن الدكتور عبد الوهاب وخسر حكمته كما خسر حكمة رفاقه الأربعة تباعا لينهار على أثر هذا الجدار الوطني وتنهار كل القيم الوطنية وندخل والوطن في دائرة العبث والسفسطائية المتخلفة ..؟!!
أه ..لقد كان خبر الرحيل على نفسي كالصاعقة وأنا الذي كنت أراهن على إمكانية أن يجعل الله من الدكتور عنوان للأمل القادم ولكن الله له الحكمة فيما قضى ولا راد لقضائية..
وكما رحل زملائه الأستاذ الشهيد عبد العزيز عبد الغني والدكتور عبد الكريم الإرياني ربما حتى لا يشهدا ما حدث ويحدث بعد رحيلهما ؛ فقد رحل الدكتور ربما حتى يجنبه الله ما هو أت من تداعيات ونسأل الله أن يحفظ كل من الشيخ عبد الرحمن محمد علي عثمان والأستاذ محمد سالم باسندوة ويطيل بعمرهما فقد يكتب الله لهما دورا أن عاد العابثين لعقولهم وأن بالمشورة الصادقة والحكمة الثاقبة ..!!
عبد الوهاب محمود المناضل والمثقف الموسوعي وطنيا وقوميا والشخصية الاعتبارية والاجتماعية الذي تعفر بتراب وطنه الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج ؛ فهو من اغتسل بمياه البحرين الأحمر والعربي وتنشق نسمات المحيط وشرب من مياه النيل وتمضمض بمياه دجلة والفرات وتوضئ بمياه سد تشرين وسبح بمياه البحر الأبيض المتوسط ولفظ أنفاسه على شواطئ البحر الميت ..
لقد كان _ رحمة الله _ عليه رجل بحجم وطنه وأمته ؛ تحلى بحكمة استثنائية وبفراسة لم تخيب يوما ؛ وقدم لوطنه وأمته عصارة جهده وحتى أخر لحظة في حياته رحل مجبولا بهموم وطنه وأمته ؛ حين غادر العاصمة صنعاء كانت له كلمة قاله ولم يستمع إليها أصحاب القرار فكانت النتيجة ما نحن عليه اليوم ..؟!!
حقا تخونني العبارات والكلمات في هذه اللحظة في وصف الراحل الكبير والمناضل الذي ستبقى مأثره حاضرة في ذاكرة الأجيال وسيبقى دوره حاضرا في سفر الوطن وفي تاريخ الأمة باعتباره أحد أبنائها الأوفياء الذي لم يخون قيم ومبادئي انتمائه الوطني والقومي وأن حاول العابثون الإيغال في عبثهم السفسطائي ؛ لان الراحل بتاريخه النضالي وطنيا وقوميا هو أكبر وأعظم من كل عبث العابثين ..
اعترف أن الفاجعة أثرت في نفسيتي لكن في الجعبة الكثير عن الراحل وسأتناولها تباعا بأذنه تعالى فهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لمن قدم كل عمره وتاريخه وجهده لوطنه وامته ولقضاياهما الوطنية والقومية وفي مقدمتها فلسطين التي احتلت مكانة في ذاكرة ووجدان راحلنا العظيم الذي تشرب قيم النضال الوطني والقومي من أسرة نضالية قدمت الدم والمال وكل اشكال التضحيات من أجل حرية وطن وكرامة أمة ووحدتها ..
رحمك الله يا دكتور عبد الوهاب محمود واسكنك فسيح جناته وصادق عزائي لأنجالك رامي ومحمود ولكل آل محمود عبد الحميد وآل عثمان ولكل أبناء صبر وتعز واليمن والوطن العربي الذين برحيلك خسروا علما بارزا ومناضلا صلبا لم يلين ولم ينحني يوما لعبث العابثين ولا لعواصفهم الهوجاء ..ولنا تواصل أيها الراحل الكبير في سيرتك ومسيرتك .. فإلى جنة الخلد يا عزيزي .
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا