المؤتمر الشعبي العام .. عودة للواجهة!
يمنات
د. وليد ناصر الماس
المحاولات الجادة والمستميتة لإنتاج نظام علي صالح من جديد في هذا البلد، تشرع في فتح أوسع الأبواب لأسئلة لا تنتهي عن مغزى ذلك التوجه، بعد سنوات من إسقاط نظامه، في احتجاجات شعبية قادتها جماعة الإخوان المسلمين فرع اليمن.
يُعد نظام صالح من أقوى الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم البلد، فضلا عما تمتع به من تأييد شعبي عارم، وعلاقات متميزة ومتطورة مع معظم أقطار الإقليم والمنطقة والعالم.
يُعرف عن الرئيس السابق صلابته وشجاعته النادرة وشدة بأسه، إلا ان شجاعته أمام غليان الشارع لم تترك له فرصة كافية لالتقاط أنفاسه، فقد أذعن في نهاية المطاف للاستجابه لمطالب خصومه بالتنحي عن الحكم وترك السلطة، ليكتشف بعد وقت وجيز خطيئته واختياره لأكثر البدائل كلفة.
لقد كان بمقدور صالح رفض دعوات التنحي الباطلة، سيما في ضوء خروج الملايين من انصاره لتأييد بقاءه، بل وامتلاكه لعوامل القوة التي تمكنه من سحق الفرقة الأولى وكتائب اللواء 310 مدرع وبقية تشكيلات الإخوان الأخرى في غضون أيام قلائل.
من المتعين علينا الإقرار بوجود ضغوط أميركية قوية على صالح للتعاطي البناء مع المطالب الشعبية المتزايدة، وصلت بعضها لمستوى التهديد المبطن باستخدام القوة، وما زاد صالح خوفا هو رؤيته للأنظمة العربية تتهاوى في أكثر من بلد عربي، الأمر الذي قاده للقبول بتسليم السلطة ظنا ان ذلك هو السبيل الأكثر أمانا، ليعبر في وقت لاحق عن مدى حزنه الشديد لقرار الاستقالة المتسرع.
رغم سقوط نظام صالح وتفكك حزبه (المؤتمر الشعبي العام)، إلا أن الأصوات تتعالى اليوم أكثر من أي وقت مطالبة بضرورة عودة هذا الحزب ليلعب دوره المعروف في هذه المعمعة، وربما هناك رغبة بوجود قائد قوي على رأس الحزب ينقذ البلد وينأى به عن مجمل الصراعات الأهلية.
علاوة عن بعض المفاسد والمساوى التي رافقت حزب المؤتمر الشعبي العام أثناء مسيرة حكمه للبلاد، إلا أنه غالبا يتسم بالتسامح والاعتدال والقبول بالآخر، ويؤمن بالمواطنة وحرية الفكر والرأي، حزب جمع بين ألوان الطيف السياسي، وانصهرت في بوتقته تيارات سياسية شتى يمينية ويسارية، وطُعم بكفاءات وخبرات متنوعة، ولذا فقد كان زعيمه رحمه الله صادقا في وصفه لهذا الحزب بـ (حزب الأحزاب).
مع عدم انتمائي لحزب المؤتمر الشعبي العام، إذ لم أكن يوما من انصاره، إلا أنه من خلال ملاحظتي الواسعة لأداء هذا الحزب وطبيعة تعاطيه مع مجمل الوقائع والأحداث والأحزاب المعارضة، أجده حزبا يقف عند مستوى المسؤولية الوطنية والقومية، متمتعا بقدر وافر من العقلانية والواقعية، على عكس كثير من القوى الأخرى كالإصلاح والحوثيين وبعض تيارات الجنوب، والتي تتسم غالبا بتطرفها وعصبيتها، ورغبتها الجامحة في الانتقام من معارضيها في أبسط أمور حياتهم اليومية.