مع القضاة في معركة اصلاح القضاء
يمنات
نجيب شرف الحاج
“إسقني عدلاً وغذي عمري.. “.
إنه أيلول/ سبتمبر شهر الثورات، هكذا تغنى اليمنيون ولا زالون يتغنون بكلمات عثمان أبو ماهر وألحان أيوب طارش، وفي هذه الأيام من شهر سبتمبر الذي يصادف معركه قضائية يخوضها قضاة اليمن مع السلطة والحكام الجُدد الذين يسلكون نهج سابقيهم في كسر وإخضاع وإحتواء سلطة القضاء، نتمنى أن لا يُختم هذا الفصل من الإضراب القضائي بمُجرد وعود مشابهة للمرات السابقة.
فأي تسوية تفضي إلى صرف الراتب أو صرف سيارات أو غيرها من العطايا التي تُقدمها السلطة التنفيذية أو رأس النظام للقضاة لن يصنع قضاء مُستقلآ وقوي بقدر ما سيؤدي ذلك الى مزيد من التبعية والخضوع للسلطة.
نُدرك أن القاضي بشر ولديه أسرة وعليه إلتزامات يتوجب عليه توفيرها لأسرته ومن أوجب الواجبات أن يكون لديه راتب يكفيه ويكفل له حياة كريمة تليق بمكانته في المجتمع .. لكن توفير ذلك لن يؤدي الى إصلاح القضاء وترسيخ إستقلاله.
فإذا كانت مطالب القضاة صغيره لا تتعدى الراتب وبدل السكن والحماية والسيارات وغيرها من المطالب الشخصية سوف نظل ندور في متاهة مُفرغة تنزلق بنا دومآ نحو الأسوأ.
لقد جرب القضاة كل هذه المطالب وكانت النتيجة قضاء تابع وخاضع وضعيف يميل مع السياسة ويخضع لإملاءات الساسه والسلطات المُتعاقبة التي نجحت في تقسيم القضاء وتقاسمه وجعل منه سُوط مُسلط على رقاب خصومها وكل المُعارضين لسياساتها والمُختلفين مع توجهاتها .. لذلك فأي مطالب وأي إضراب لا يتوج بإصلاح القضاء كمرفق ومؤسسة فمصيره الفشل وإنتاج قضاء أكثر هشاشة وضعف.
في عام 2012م وبعد مرحلة طويلة من الإضراب القضائي تم حينها تسوية ذلك الإشكال بين السُلطة ونادي القضاة وتم بعدها رفع الإضراب ولم يلمس القضاة والناس بعدها أي تحسُن في سلطة القضاء رغم أن السُلطة حينها كانت قد أستجابت لمطالب نادي القضاة، التي كانت في مُجملها مطالب شخصية خاصة بالقضاة تمحورت في طلب بدل سكن وبدل حماية وإطلاق الترقيات الخاصة بالقضاة فتم إصدار أكبر حزمة من الترقيات في تاريخ السلطه القضائية وتلاه مباشرة صدور قرار رئاسي بالتسويات المالية التي أعاقها يومها/ صخر الوجيه وزير المالية ليس ذلك فحسب وفوقها كمان قام مرشد العرشاني وزير العدل بمُراضاة العديد من القضاة وصرف لهم سيارات فارهة جديد لنج، ولن نقول أن في مقدمة من صرفت لهم تلك السيارات حينها أعضاء الهيئة الإدارية لنادي؛ لإن القضاة هم أعلم منا بذلك وبالذي حصل يومها..؟
لكن ما يهمنا اليوم هو الإجابة على التساؤل إذا ما كان ذلك قد أدى الى إصلاح الإختلال وأفرز وجود قضاء نزيه ومستقل وقوي..؟؟ يكون الجواب قطعآ لا..
بل أن ما نشهده اليوم من ضُعف وتبعية وإنقسام للقضاة هو نتيجة طبيعية لتلك المُطالب الشخصية الصغيرة التي لم ترتق يومها الى حجم ومكانة سُلطة القضاء لذلك وجدنا القضاة بعدها يضربون في كل مرة ويحتجون ويستنجدون بالسلطه والأمن لضبط جناة أعتدوا على قاضي هُنا أو هناك..؟!
فكلما عظمت التضحيات صغرت المطالب..؟!.
لذلك وعلى الرغم من هشاشة وصُغر المطالب التي ذيل بها نادي القضاة في بيانهم الأخير المتضمن إغلاق المحاكم على إثر تصفية القاضي محمد حمران، وكان من أغرب تلك المطالب إبقاء العمل في النيابه والمحكمة الجزائيه المتخصصه دون غيرها..؟!!. وهي النيابة والمحكمة الإستثنائيه سيئة السمعة والصيت بإعتبارها الأكثر تجاوزاً لأحكام القانون والأكثر مُصادرة لحقوق المواطنين والناس وإبقائها مفتوحة دون غيرها من محاكم القضاء العادي والطبيعي..؟!
ومع ذلك فإنه لابد أن يلتف جميع أبناء المُجتمع لمؤازرة القضاة في المطالبة بإصلاح القضاء (كمرفق) فإذا صلح مرفق القضاء ونتج عن هذه المعركة المصيرية وجود مجلس قضاء يمثل القضاة لا يمثل بهم .. مجلس قضاء يتبنى إصلاح مؤسسة ومرفق القضاء والإهتمام بحال وأحوال القضاة حينها سوف يتحسن حال القضاء وأحوال القضاة ولن يجد القضاة أنفسهم في كل مرة يستنجدون ويستجدون السلطة التنفيذيه وأجهزتها الأمنية.
أما اذا طويت هذه الصفحة كالمرات السابقة بإجتماع وبمقيل يجمع عدد من أعضاء نادي القضاة بالسلطة التنفيذية أو بمجلس قضائها وأنتهى الأمر بوعود وشخطة وجه من المشاط أو محمد علي أو بكلمة متلفزه للسيد دون تغير مجلس القضاء ودون ضمان القضاة بإصلاح القضاء كمرفق ومؤسسة عدلية فلن تقوم بعدها للقضاء وللقضاة قائمة، والأفضل أن تغلق المحاكم للأبد لأن العدالة إذا كانت للقوي فقط دون الضعيف وللغني فقط دون الفقير كيف لنا أن نسميها عدالة..؟! وبقائها أكثر ضررآ من زوالها.
إنتصروا لإصلاح مؤسسة ومرفق القضاء وستجدون المُجتمع والناس في صفكم لا محالة.