نصيحة لسلطة الأمر الواقع وبراءة للذمة
يمنات
محمد اللوزي
الضغط يولد الإنفجار ف(لاتزيدوا الطين بلة). لقد تراكمت وتعقدت صعوبة العيش وانتشر الفقر في كل الحارات والأزقة، وانتهت الطبقة الوسطى المعول عليها في العمل والإنتاج ورفع مستوى المعيشة، وغاب النظام والقانون وانتشر الفساد حتى كأنه قد صار القاعدة وماعداه استثناء.
ترحيل المشاكل والأزمات عنوان يلجاء إليه المعنيون بترسيخ مفهوم الدولة، لكن للأسف الشديد الطبع غلب التطبع، لايقدرون على خلق مناخات وئام مع الجماهير الفقيرة، وصارت طبقة الأثرياء القليلة، تتحكم برقاب البشر وبتسخير المؤسسة الأمنية لحمايتهم، وقمع كل آهة تصدر من معوز ومحتاج.
نحن أمام معاناة تتراكم، فنسبة المجانين في الطرقات زادت، والنائمون على الأرصفة اكثر منذي قبل بمالايقاس، والمتسولون أكثر من الذين يملكون قوت يومهم، ومشاكل الطلاق والقضايا الاجتماعية في المحاكم والانتحار زادت بفعل الفقر المدقع، كما كثرت الجريمة وانعدم الضمير.
لم نكن لنبالي لو أن هذا نتيجة العدوان لاغيره، وأن سلطة الامر الواقع تعمل مابوسعها للتخفيف من المعاناة للمواطن، وأن ثمة من يحارب الفساد. لكن الأمر ليس كذلك الفاسدون هم عدوان أشد وأنكى من العدوان الخارجي.
وقد صدق قول علي بن زايد هنا (الحرب حامي وبارد في بارده ضرب بالسيف والحار حرب الموائد). وحقيقة هم بهذا يسلبون المواطن قوته ويزيدون الحياة قساوة، ويرسخون مبداء التعالي والغرور على الكادحين، ولا يبالون بالفقراء وقد انعدمت عليهم الحيلة، وبات الكسب المشروع ضيقا جدا.
لقد استأثر القادمون الجدد الى مرافق الدولة بالوظيفة للأهل والأقارب والأصحاب والأنساب وأبناء المحافظة الواحدة، وتحولت بقية الأحزاب في شراكتها مع الأنصار، الى مجرد ديكور ومحللين لهم، للظلم والإقصاء، ظنا منهم أن ابن حبتور وثلاثة بجانبه من المؤتمر واثنين آخرين من الاحزاب هم العصا التي يتوكا عليها (الانصار) في القول بالشراكة، بينما يجري تجريف غير عادي لموظفين كثر، وإحلال بدلا عنهم موالين واقرباء.
والمتفحص لما يحدث من تحولات في نسق الوظيفة العامة، يجد متغيرات كبيرة، وأن محافظة واحدة تستأثر بالمواقع القيادية والوظائف وهو مالم يحدث في أي زمن من نشؤ الدول.
نحن نرى الى ان الصف الاول من رئاسة الوزراء وقليل بجانبهم ليسوا سوى شهود زور على شراكة وطنية لاوجود لها، وأن المؤتمر الشعبي العام يجبن حين لايحتج او يتكلم بقليل من الصدق، وأنه تحول الى مجرد زينة لتفاخرهم بالأموال والمناصب، ويبدو أن الشعبي العام يكتفي بالصمت كأنما اصيب بالصمم، فقيادته لاتتحدث عن ماتعانيه الكوادر من تهميش وإهمال وعقوبات لامبرر لها ولا تستند الى شيء من المنطق، وكذلك بقية الشركاء الوهميين.
إنهم محللون للتجريف الوظيفي، وللتنكيل بالقدرات والكفاءات واقصائها وتدميرها، في حين لاهي مع العدوان ولا تقبل به وترفض اي تواطؤ داخلي معه، كما هو حال الفاسدين الذين يشكلون عونا مهما للعدوان في استمراره بإقصائهم لمجتمع كامل يمكنه أن يخوض حربه على كافة المستويات ويسخر طاقاته ضد العدوان حين يجد بعض عدالة.
لكن ماهو حاصل هو فساد قيمي وأخلاقي، وتنكر لمجتمع باسره وإحلال وظيفي لامبرر له، وتغييب قدرات وكفاءات وتهديد ووعيد لمن يطلق آهة في الفضاء واتهامه بالنفاق وأنه مع العدوان، وتحميله وزر الفقر المنتشر في أرجاء البلاد.
إننا مخلصون نقول:(لقد بلغ السيل الزبى) وإياكم والتعالي والكبر وإدارة الظهر عن أنين الجوعى، والتمادي في القهر وتعذيب بشر أنتم تقدرون على تخفيف معاناتهم بقليل من الصدق، واحترام المسئولية، والتعايش المجتمعي والتنوع في الوحدة، والتخلي عن بعض المكاسب لصالح الدولة والجماهير ولصالح القوى المنتفعة من هذا الذي يحدث.
أنتم تتحولون بممارساتكم الغبية الى أعداء لأنفسكم أولا حين لاتجدون الجماهير معكم وقد تتحول الى آهات ملئها نقم وقد قيل:
(لايبلغ الأعداء من جاهل .. مايبلغ الجاهل من نفسه)
وأزيد من الشعر بيتا وأقول ما قاله الشاعر:
(نصحتهم قومي بمنعرج اللوى ..
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد)
واخشى عليكم مغامراتكم في الهلع والطيش واستغفال الآخرين، وترحيل الأزمات حينها لن يكون ماكسبتموه مكسبا، وقد يتبخر كماتبخرت قصور ودور ورساميل من قبلكم، وماعهد عفاش منكم ببعيد. فلربما تصيرون أكثر مما آل إليه وزراؤه واركانه في الدولة وقد كان له حضوره وجماهيره الغفيرة وقوته الساحقة، فسبحان مغير الأحوال.
ولستم بأكثر مما كان نفوذا وجاها ودولة واعتراف دولي، ولكنكم قوم تجهلون. وإني لأخشى عليكم أن يصيرحالكم كالأعمى الذي حذروه من بئر قد يقع فيها فلم يصدق حتى وجد نفسه يهوي فقال (يقين بير).
..نحن هنا لانعول على مايسمى شرعية فهؤلاء خونة ومرتزقة ومجرد مشرعنين لدمار بلادنا وقتلنا. لانعول عليهم ولا نلقي بالا لهم ولانحترمهم او ننصحهم، لأنهم رضوا بالهوان والذل، وارتهنوا للعدوان وصاروا مجرد ذباب على مائدة لئام، لانعول عليهم لأنهم لايمتلكون من امرهم شيئا، ولا لهم كيل بعير في كل مايجري على هذا الوطن. لذلك لا نرجو منهم شيئا ولا نقول بهم وهم يقبضون ثمن دماء ودمار ويتجشأون خيانة، ويرفلون في الخارج بما كسبوه من حرام.فلا يجدي نصح معهم ولن يستيقظ لهم ضمير.
إنما نصحنا لمن بقي في داخل الوطن ولمن يلقي السمع وهو شهيد
(ويامعين الفناء علينا أعنا على الفناء).
من حائط الكاتب على الفيسبوك