حرب البنوك تستعر في ظل توسع الفقر وتمدد البطالة .. ماهي انعكاسات ذلك على الناس..؟ ومن يتحمل المسؤولية..؟
يمنات – خاص
أنس القباطي
اصبحت الورقة الاقتصادية واحدة من الاوراق التي تستخدم في النزاع اليمني المستمر للعام العاشر على التوالي، دون الاكتراث لمخاطر ذلك على الشعب والوطن.
حرب تستعر
ومنذ اعلان البنك المركزي بصنعاء في مارس/آذار 2024 اصداره عملة معدنية من فئة 100 ريال، والذي ادى إلى إصدار مركزي عدن قراره بنقل المقرات الرئيسية للبنوك التجارية والاسلامية وبنوك التمويل الاصغر إلى عدن، تكون الحرب الاقتصادية قد استعرت بين الحكومة المعترف بها دوليا، وسلطة صنعاء التابعة للحوثيين.
الحرب الاقتصادية التي تستعر اليوم سيدفع ثمنها الاقتصاد الوطني والجهاز المصرفي اليمني المتهالكين، وستنعكس آثار ذلك على المواطن الذي بات يعيش تحت خط الفقر.
ضرب البنوك
وبقرار محافظ البنك المركزي بعدن الصادر الاربعاء 30 مايو/آيار 2024 والذي اقر ايقاف التعامل مع 6 بنوك تجارية، تقع مقراتها الرئيسية في العاصمة صنعاء، تكون الحرب الاقتصادية قد تسعرت اكثر، وبدأت انعكاساتها السلبية تلقي بضلالها على القطاع الخاص، وربما يؤدي ذلك إلى افلاس البنوك الستة، وهو ما يعني تدمير النظام المصرفي في البلاد.
ايقاف 6 بنوك
قرار محافظ البنك المركزي رقم (20) لسنة 2024م بشأن إيقاف التعامل مع عدد من البنوك والمصارف، قضى في مادته الاولى بانه على كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات العاملة في الجمهورية وقف التعامل مع البنوك والمصارف التالية:
1- بنك التضامن
2- بنك اليمن والكويت
3- مصرف اليمن والبحرين الشامل
4- بنك الأمل للتمويل الأصغر
5- بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي
6- بنك اليمن الدولي
الاستمرار في خدمة الجمهور
وقضت المادة الثانية من القرار بالزام البنوك والمصارف الستة المذكورة الإستمرار بتقديم خدماتها المصرفية للجمهور والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى إشعار آخر.
واكدت المادة الثالثة من القرار، العمل بما جاء فيه ابتداء من تاريخ 2 يونيو/حزيران 2024 وعلى جميع الجهات المعنية العمل بموجبه وابلاغ من يلزم محلياً ودولياً.
اسباب ومبررات
وارجع القرار اسباب ايقاف التعامل مع البنوك والمصارف الستة نظرا لفشلها في الإلتزام بأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي وعدم الإمتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإستمرارها في التعامل مع جماعة مصنفة إرهابية وتنفيذ تعليماتها بالمخالفة لقواعد العمل المصرفي وأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي. معتبرا ان ذلك الأمر تطلب التدخل ووضع القيود اللازمة على أنشطة البنوك المخالفة لإجبارها على الإمتثال لأحكام القانون وحرصاً على سلامة القطاع المصرفي.
اقل الاضرار
يرى اقتصاديون ان البنوك واقعة بين سندان حكومة صنعاء ومطرقة حكومة عدن، ولذلك وجدت نفسها مجبرة للتعاطي مع الخيار الاقل ضررا، ولذلك رأت عدم نقل مقراتها إلى عدن، حتى تمنع سلطة صنعاء من السيطرة على اصولها المالية والعينية الواقعة في نطاق سيطرتها، وعدم خسارة النسبة الاكبر من عملائها الذين يتركزون في صنعاء، حيث تقع مقار الشركات والمؤسسات والجهات التي تتعامل معها تلك البنوك، وبالتالي فإن عدم التزام حكومة عدن بتعويض البنوك عند نقل مقراتها من صنعاء اجبرها على ابقاء مقراتها الرئيسية في صنعاء، وعدم التجاوب مع البنك المركزي بعدن والذي ستنتهي مهلته للبنوك في الاول من يونيو/حزيران 2024.
نقل الارصدة وسحب السيولة
تفيد مصادر مصرفية ان البنك المركزي بصنعاء قام خلال الاسابيع الماضية بنقل ارصدة الجهات الحكومية التي كان لديها ارصدة في البنوك التجارية إلى حسابات تلك الجهات لديه، وكذا ما تبقى من نسب الودائع التي سبق نقل النسبة الاكبر منها، حيث تم النقل على شكل سيولة نقدية من تلك البنوك إلى خزاىن البنك المركزي.
ارباك البنوك
وبينت المصادر ان ذلك ادى إلى ارباك عمل البنوك التجارية ودخولها في اشكاليات مع عملائها، وتوقف صرف مرتبات وحوافز ومكافآت بعض الجهات الايرادية الحكومية منذ إبريل/نيسان الماضي.
الاكثر تضررا
ولفتت إلى ان بنك اليمن الدولي هو البنك الاكثر تضررا من تلك الاجراءات، نظرا لان كثير من الجهات الحكومية الايرادية تتعامل معه، وعبره تتعامل مع الخارج، حيث تورد عبر هذا البنك رسوم عبور الاجواء اليمنية، ورسوم المكالمات الدولية وغيرها.
تسعير قادم
ويبدو ان الايام القادمة ستشهد تسعير جديد للحرب الاقتصادية بين طرفي الصراع، وربما يكون ذلك نذير بمواجهات عسكرية في مناطق التماس، والتي تقول مصادر مطلعة انها تشهد تحركات عسكرية.
بطالة وفقر
وفي الاول والاخير سيكون المواطن هو اكثر من يكتوي بنيران الحرب الاقتصادية، فالركود التجاري والكساد في الاسواق وتوقف مرتبات وحوافز ومكافآت الموظفين ستنعكس سلبا على القدرة الشرائية، وسيؤدي ذلك إلى توسع البطالة وتفشي الفقر في المجتمع.
من المسؤول..؟
استعار الحرب الاقتصادية في هذا التوقيت بالذات يكشف بأن عدم جدية الاطراف في الوصول إلى اتفاق بتحييد الاقتصاد هو من اوصل الاوضاع إلى هذا المستوى من التردي، وان اطراف الحرب سعت لافشال كل الجهود بهدف استخدام اقتصاد البلد في بناء اقتصاداتها الخاصة، غير مكترثة بالشعب الذي يهوي كل يوم نحو هاوية الفقر والبطالة.
مصالح ضيقة وفساد
ولولا هذه المصالح الضيقة لكان تم تحييد الاقتصاد منذ بداية الحرب، وجعل البنك المركزي يدير العمل المالي والمصرفي بعيدا عن اطراف الصراع، بدلا من اتخاذ قرار بنقله من صنعاء إلى عدن، وما تلى ذلك من تداعيات ابرزها وقف مرتبات الموظفين، وتقسيم المؤسسات الايرادية، وايجاد اوعية ايرادية بعيدا عن البنك المركزي، واستخدام السيولة النقدية في المضارببة بالعملات الاجنبية، وطبع فئات نقدية جديدة دون غطاء، وكل ذلك أثر سلبا على حياة السواد الاعظم من الشعب، وجعل الفساد يتغول ويتنمر.