مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت
يمنات – خاص
تشهد الازمة اليمنية حالتان متضادتان، الاولى تنذر بتصعيد الازمة واعادتها إلى نقطة الصفر، والاخرى تعد مؤشر قد يفضي لتقدم ايجابي يساهم في تعبيد طريق السلام.
الاولى
الحالة الاولى هي الحرب الاقتصادية بين بنكي عدن وصنعاء المركزيين، والتي وصلت حد ايقاف التعامل مع 19 بنكا تجاريا واسلاميا، وسحب العملة الورقية من الطبعات القديمة ما قبل العام 2016.
الثانية
والثانية تسيير اكثر من 60 رحلة طيران من الاراضي اليمنية إلى السعودية، اسفرت عن نقل قرابة 10 ألف حاج إلى مطار جدة الدولي في السعودية، ابرزها الرحلات التي عبرها تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي لاول مرة منذ اندلاع الحرب قبل 9 سنوات.
تعقيد قبل عيد
في الاولى تعقدت حركة التحويلات المالية بين مناطق سيطرة طرفي الصراع، وتعثر وصول حوالات المغتربين إلى ذويهم في الداخل اليمني، خاصة وان هذا التعقيد جاء وعيد الاضحى على الابواب، والذي تكون فيه اسر المغتربين في امس الحاجة لتحويلاتهم المالية لتوفير احتياجات العيد.
خلاص من متاعب السفر
اما الثانية فتعطي انطباعا للمواطن بأن التعقيدات التي خلقتها سنوات الحرب، بدات اولاها تتلاشى، ما يعطي حالة تفاؤل بان افقا جديدا بدأ بالظهور ايذانا بمرحلة جديدة تمهد لمسار السلام، الذي بات اليمن بحاجته لبدء مرحلة ما بعد النزاع.
احباط حد من التفاؤل
ورغم حالة التفاؤل التي خلقتها رحلات تفويج الحجاج جوا إلى السعودية، إلا ان اعاقة حركة الحوالات المالية بين الخارج والداخل حدت من حجم التفاؤل، ولكن مع ذلك يظل التفاؤل قاىما، كون الحجاج من كبار السن تغلبوا على متاعب السفر برا، خاصة حجاج مناطق سيطرة الحوثيين، الذين كانوا يعانون كثيرا اثناء سفرهم وعودتهم في طرق صحراوية ترتفع فيها درجة الحرارة، وتعترض سفرهم فيها مخاطر الطريق كالحوادث المرورية والتقطعات التي لا تخلو منها الطريق وصولا إلى منفذ الوديعة الحدودي عبر صحاري الجوف ومارب وحضرموت.
بصيص امل
وهناك بصيص تفاؤل أخر قد يؤشر إلى انفراجة قادمة، تمثلت في لقاء البحر الميت بالاردن، والذي ضم مكونات جنوبية، غير المجلس الانتقالي الجنوبي، ويعتقد ان اللقاء هدف لتوحيد هذه المكونات لتكون حاضرة في مفاوضات التسوية القادمة كممثلين للجنوب اليمني إلى جانب المجلس الانتقالي.
حل وسط
وخلال اليومين الماضيين تراجعت حدة التوتر اعلاميا في الحرب الاقتصادية بين بنكي عدن وصنعاء، رغم ما افرزته القرارات والقرارات المضادة من تعقيد لحركة التحويلات المالية، ولكن وبالرغم من كل ذلك يبدو ان افقا للتسوية الاقتصادية، بدأت بوادره مساء الجمعة الماضي 31 مايو/آيار 2024 عندما اعلن مجلس القيادة الرئاسي بعدن عقب اجتماع استثنائي افتراضي، ان نقل البنوك من صنعاء إلى عدن سيقتصر على الزام البنوك والمصارف في مناطق سيطرة الحوثيين بنقل ادارات العمليات الرئيسية للبنوك بما فيها نظم المعلومات، ومراكز البيانات، وادارة العمليات الدولية، وادارة الامتثال، والتزام البنوك بعقد اجتماعات جمعياتها العمومية خارج مناطق سيطرة الحوثيين، لتمكين البنك المركزي القيام بواجباته واختصاصاته الدستورية والقانونية في ادارة السياسة النقدية، وتعزيز موقف العملة الوطنية وحماية اموال المودعين، من مخاطر التعرض للمصادرة والتجميد. وهذا الاعلان يعد بمثابة حل وسط، يبقي على المقرات الرئيسية في صنعاء، ونقل بعض الادارات إلى عدن، ما يجنب البنوك مخاطر النقل والبقاء، والتي تنذر بتعرضها لعقوبات قد تدفعها للافلاس، لكن لم يتضح بعد مدى توافق الطرفين حول ذلك.
مفاوضات غير معلنة
منذ نهاية العام الماضي 2023 كانت اطراف النزاع اليمني قد خاضت جولات تفاوض لم يعلن عن كثير من تفاصليها، برعاية اطراف اقليمية ودولية، بما يمهد للقاء مباشر، يمهد لتسوية شاملة، غير ان كثير من المعوقات ادت لتعثر عقد لقاء مباشر.
لقاء البحر الميت
ويعتقد ان لقاء البحر الميت الذي اختتم الاثنين 3 يونيو/حزيران 2024 والذي رعاه المعهد الاوروبي للسلام، يعد ترتيب لجولة مفاوضات بين جميع الاطراف اليمنية، وهدف لجمع الفرقاء الجنوبيين، لتعبيد الطريق نحو لقاء تفاوضي موسع لكافة الاطراف اليمنية.
لقاء 9مكونات
وفي بيان صدر في ختام لقاء البحر الميت، اكد المعهد الاوروبي للسلام انه عقد جولة تمهيدية للحوار بين العديد من القوى السياسية في جنوب اليمن في الفترة من 1- 3 يونيو/حزيران 2024 في البحر الميت في المملكة الاردنية الهاشمية، شارك فيه ممثلين عن:
1- المجلس الاعلى للحراك الثوري.
2- الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار.
3- حركة النهضة للتغيير السلمي
4- مؤتمر حضرموت الجامع.
5- الائتلاف الوطني الجنوبي.
6- التحالف الموحد لأبناء شبوة.
7- مجلس حضرموت الوطني.
8- مجلس شبوة الوطني العام.
9- جنوبيات من اجل السلام.
أسس ومبادئ
ولفت البيان ان المشاركين اتفقوا على الاسس والمبادئ المنظمة للحوار، واستعراضوا الوضع السياسي في الجنوب وفي اليمن بشكل عام، كما ناقشوا العلاقة بين المحافظات ومختلف مؤسسات الدولة، وسبل اعادة بناء المؤسسات في اليمن، والتمثيل السياسي لمكونات الجنوب، بما في ذلك التمكين في مؤسسات الدولة.
اشراك قوى اخرى
وأشار البيان إلى مناقشة بعض المقترحات حول إشراك قوى سياسة اخرى في اعماله، والموضوعات التي سيتم مناقشتها في دورات الحوار القادمة.
اتفاق
واكد اتفاق المشاركين على ضرورة حل كافة الخلافات في الجنوب من خلال التفاوض والحوار ونبذ العنف، مع ضرورة احترام كافة الحقوق والحريات المكفولة وفقاً للمواثيق الدولية.
حضور دبلوماسي
وبين ان المشاركين عقدوا على هامش الحوار لقاء مع سفراء الاتحاد الاوروبي والمانيا وهولندا وبريطانيا لدى اليمن، ومع نائب ممثل الامم المتحدة في اليمن، بهدف تبادل الآراء حول تطورات الاوضاع في الجنوب وفي اليمن بشكل عام.
ضمانة نجاح
وان كان لقاء البحر الميت قد وصف بالتمهيدي، إلا انه يعد ترتيبا للقاءات قادمة قد يشارك فيها المجلس الانتقالي، الذي، يعد اكثر المكونات الجنوبية تاثيرا على الارض. ويعتقد ان اللقاء يهدف لاشراك كافة المكونات الجنوبية في التفاوض القادم، بما يؤدي إلى اشراك المكونات الجنوبية مستقبلا في مفاوضات التسوية الشاملة، على قاعدة اشراك كافة المكونات الجنوبية في التسوية، بهدف الوصول إلى تسوية لا تستثني احد، كون مشاركة المكونات الجنوبية يعد ضمانة لنجاح التسوية القادمة، والتي يبدو انها ستكون على اساس فيدرالية الاقليمين.
اساس التهدئة
وتبقى التهدئة الاقتصادية هي أساس لنجاح الترتيب لعقد جولة تفاوض قادمة، والتي لن تتم الا بضغوط من الاطراف الاقليمية والدولية على الاطراف المحلية وتشجيعهم على التفاوض للوصول إلى تسوية اقتصادية توحد العملة والنظام المصرفي والمالي.
تغول الازمة
وفي المجمل صار مسار السلام في اليمن تعترضه معوقات كثيرة افرزته 9 سنوات تغولت خلالها الازمة، ما افرز اشكاليات متعددة، تعد بمثابة الغام تفخخ مسار السلام بين الفينة والاخرى. وبالتالي فإن السير نحو السلام يحتاج وقت اطول، يتوخى فيه الرعاة وبمساعدة الاطراف المتصارعة ضرورة كسح الالغام التي خلفتها 9 سنوات من النزاع، بما يضمن ظهور ازمات واشكاليات جديدة تعقد السير في طريق التسوية التي يتطلع إليها 30 مليون يمني، حولتهم سنوات الحرب إلى فقراء.