ما هي فرص اعادة فتح الطرقات في تعز..؟ وكيف تقرأ خطوات الطرفين..؟
يمنات – خاص
عاد التفاؤل للناس باعادة فتح الطرقات بمجرد مشاهدتهم لتسجيلات مرئية ومصورة توثق ازالة الحواجز الترابية من جولة القصر، شرق مدينة تعز، والمغلقة منذ العام 2015.
حالة التفاؤل هذه لم تقتصر على ابناء محافظة تعز، وانما لدى مختلف ابناء الوطن، نظرا لان فتح طرقات تعز تقرأ بانها توجه نحو مرحلة جديدة تتجاوز مرحلة الحرب.
لماذا تعز..؟
تعد مدينة تعز اكثر المدن اليمنية التي عانت من ويلات الحرب، ولفترة اطول، ولم تعاني اي مدينة اخرى، مما عانته مدينة تعز وقاطنيها، فالمدينة شطرت إلى جزئين، واغلقت كافة منافذها باستثناء منفذ واحد، ما ادى إلى عزل مركز المحافظة عما حولها من المحافظات، واصبح الوصول إليها مكلف ماديا، ولا يصل المسافر إليها الا بعد مشقة يدفعها من راحته، عبر طرق وعرة وملتوية.
خطوة يجب ان تستغل
باعلان السلطة المحلية بمحافظة تعز التابعة لسلطة صنعاء، الجمعة 7 مايو/آيار 2024 من طرف واحد، اعادة فتح طريق جولة القصر، قصر الشعب، شارع الكنب، وطريق شارع الستين، شارع الخمسين، مدينة النور، بئر باشا، تكون الخطوة الاولى قد بدات لفتح الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز.
هذه الخطوة يجب ان تستغل، ومعها يجب ان يتفاعل الناشطون والمثقفون لتشكيل راي عام ضاغط على الطرفين لفتح الطرقات، خاصة وان هناك مخاوف من وجود ثغرات في الخطوات التي تمت من الطرفين.
مخاوف
عملية اعادة الفتح التي اعلنت عنها سلطة تعز التابعة لصنعاء جرت في جولة القصر، حيث تم ازالة السواتر الترابية من الجولة، وجزء من الشارع المؤدي إلى قصر الشعب، حيث اقتصرت الازالة على المنطقة الممتدة من حولة القصر إلى مبنى مستشفى ابن سيناء، ولا زالت هناك سواتر ترابية ومتارس في بقية الشارع وحتى بوابة القصر، وهو ما جعل البعض يتخوف من ان ذلك مؤشر على عدم وجود نية لفتح الطريق، وانما محاولة لكسب نقاط في اطار الصراع بين الطرفين.
بادرة حسن نية
وينظر اخرون لهذه الخطوة من طرف صنعاء بانها بادرة حسن نية، وخطوة لبناء الثقة، تعطي فرصة للتواصل مع الطرف الآخر للاتفاق على آلية لترتيب فتح الطريق من الطرفين، وان عدم اكمال الفتح الى بوابة القصر لا تعد عرقلة، وانما نوع من المحاذير، ومتروك امرها للتفاوض مع الطرف الاخر.
التزام الصمت وارتباك
من جانبها التزمت السلطة المحلية في مدينة تعز، والتابعة للحكومة المعترف بها دوليا، الصمت، وتم الرد عن طريق محور تعز العسكري، ولجنة فتح الطرقات في الحكومة، وان كان تصريح المحور محبطا ان لم يكن معيقا لفتح الطريق، الا ان تصريح لجنة فتح الطرقات بدا متوازنا.
موقف العسكر
العقيد عبد الباسط البحر قال في تصريح على صفحته في الفيسبوك ان الطرق جميعا مفتوحة من قبلنا دون قيد أو شرط. معتبرا ان الطرف الآخر هو من يغلقها ويلغمها وينشر القناصين على جوانبها، مستخدما لفظ “مليشيا الغدر والخيانة الحوث/إيرانية الارهابية” في وصف الطرف الآخر. معتبرا ان ما تقوم به هذه (المليشيات) هو عمل دعائي فقط، غير عملي ولا واقعي على الأرض.
تصريح محبط
هذا التصريح يبدو محبطا لتفاؤل الناس، ويعد رد بالرفض على الطرف الآخر، لانه افتقد للكياسة، ولم تظهر فيه المرونة التي كان يجب ان تتوفر في مثل هكذا رد، ما عده مراقبون بان العسكر يرفضون عملية الفتح، ربما لمخاوف ومحاذير عسكرية، وربما لمصالح تكونت خلال سنوات الحرب من اغلاق الطرقات، كون العسكريين هم من يتحكمون باغلب الامور في مدينة تعز والمديريات التابعة للحكومة المعترف بها دوليا.
وزاد البحر انه لا يصدق الناس ما تقوم به أو تعمله (مليشيا الحوثي) من رفع كومة تراب عن أحد المتارس، والسماح للسيارات بالدوران عليه، وتصوير ذلك للرأي العام على أنه فتح للطرقات، وأن الحكومة الشرعية هي من تعرقل ذلك. معتبرا ان هذا غير صحيح بالمطلق.
مخاتلة
وهنا سعى البحر لنزع حسن النية عن الطرف، وتصوير ما حدث بانه مجرد مخاتلة سياسية، وهو ما يعد صادما للناس الذين ظلوا يعلقون الآمال على فتح الطريق، باعتبارها هدية في عيد الاضحى، وهنا يقدم البحر العسكر بانهم رافضين لعملية الفتح.
وذهب البحر لتقديم ما سماها بالحقائق والمعلومات عن الطرف الآخر، لتبرير موقف العسكر الرافض لفتح الطريق، وهنا يقول البحر: (… هم رفعوا مترس واحد من اصل 15 مترس ترابي في هذا المدخل الذي اعلنوا عنه، وكلها بداخلها الغام مضادة للافراد ومضادة للمركبات، وبين المترس والمترس الغام في الطريق وعلى جوانبها بحدود 1800 لغم مضادة للمركبات والافراد، ايضا يوجد عدد 20 قناص في المباني المطلة على جانبي هذا الطريق يقنصوا حتى الطير لو تحرك هناك، ايضا في متارس صبيات والعبارات كلها ملغمة ببراميل متفجرة). واورد تلك المعلومات ليؤكد ما اورده تاليا بأن (المعرقل والملغم والمغلق للطريق هو (مليشيا الحوثي) حصرا وقصرا ومنذ أكثر من عشر سنوات حتى الآن) حد وصفه. لكنه زاد على ذلك بالقول انه (ربما أن غرضهم من هذا العمل الدعائي إحياء المفاوضات من جديد لتقليص حجم الكارثة التي ستحل عليهم بعد الانتهاء من الفترة المعلنة من قبل البنك المركزي في عدن).
تصريح متوازن
وعقب تصريح البحر، قام النائب عبد الكريم شيبان، رئيس لحنة فتح الطرقات، بزيارة إلى المنطقة الواقعة قرب قصر الشعب، وصرح لوسائل الاعلام تصريحا بدا متوازنا ومرحبا بخطوة الطرف الآخر، مؤكدا ان الطرقات من جانبهم مفتوحة جميعها، مشيرا إلى انهم ينتظرون وصول المواطنين غدًا (السبت) عبر الطرقات التي أعلن عن فتحها اليوم. منوها إلى انهم سيعملون على التنسيق لوضع نقاط عسكرية لتأمين العبور. محملا الطرف الآخر مسؤولية سلامة المواطنين، وطالبهم برفع الألغام.
وبهذا التصريح يكون شيبان قد ارسل للناس رسالة ايجابية، غير انها لم تبدد كل احباطهم من تصريح البحر.
ما وراء التباين
التباين بين تصريحات البحر وشيبان فتحت الباب على مصراعيه للتكهنات، فهناك من يرى انها تكشف عن صراع داخل السلطة في مدينة تعز، وبالتحديد بين العسكر، والساسة، رغم تبعية الاثنين للتجمع اليمني للاصلاح، معتبرين ان ما يحصل هو صراع مصالح تكونت في سنوات الحرب، واغلب ريعها يذهب للعسكر.
تخبط
ويرى اخرون ان خطوة الحوثيين كانت مربكة للسلطة في تعز، وتفاجؤا بها، كونها جاءت في يوم الاجازة الاسبوعية، ودون التنسيق معهم، ما ادى إلى حالة من التخبط في الرد.
سحب البساط
وبين الرأيين يرجح راي ثالث ان قيادة محور تعز العسكري، ارادت قطع الطريق بتصريح البحر المحبط، لوضع السلطة المحلية ولجنة فتح الطرقات امام امر واقع، معتبرين ان ذلك يؤكد رفض العسكر لفتح الطريق، كونهم يرون ان فتح الطرق سيكون بداية للتقليل من هيمنة العسكر وسحب البساط من تحت اقدامهم لصالح السياسيين، ما سيفقدهم كثير من المصالح التي اغدقت بها سنوات الحرب عليهم، ويرى هؤلاء ان ذلك جعل شيبان مضطر لارسال رسالة تهدئة، لتبديد رسالة البحر التي حملت رسائل سلبية ليس للطرف الآخر، وللحاضنة الشعبية للشرعية، والمواطنين، الذين باتوا يشعرون بعد 9 سنوات حرب بانهم من يدفعون الثمن.
تواصل
وتفيد معلومات متداولة بان عملية تواصل جرت بين السلطة المحلية شرق تعز (الحوبان) وبين لجنة فتح الطرقات في مدينة تعز، عبر شخصيات ميسرة للتفاوض تعمل منذ سنوات، تم فيها الاتفاق على اعداد مصفوفة لتامين فتح الطريق وترتيب حمايتها من الطرفين لمنع حصول حوادث تعيق عملية اعادة فتحها امام المواطنين، خاصة وان اعادة الفتح ستتم في فترة العيد ما سيؤدي إلى ضغط كبير على نقاط التفتيش من الطرفين، خاصة وان التوحس سيكون سيد الموقف في البداية.
تواطؤ الاضداد
خلال تسع سنوات اعتاد الطرفين على اغلاق الطريق، وظل اعادة فتحها محل توجس من الطرفين، ليس في الجانبين الامني والعسكري فقط، وانما يمتد إلى مستوى النفوذ الذي صار، اغلبه بيد العسكر من الطرفين، فالعسكريين من الطرفين كونوا مصالح جعلهم يعملون بمبدأ تواطؤ الاضداد لبقاء تلك المصالح، والتي ستقل بفتح الطرقات، وبالتالي يحتاج ذلك لروية واعداد مصفوفة تضمن ديمومة اعادة الفتح، وتمنع حصول حوادث قد تؤدي لاعادة الاغلاق.
ربط اعادة الفتح
طرف صنعاء اعلن اعادة الفتح لطريقين، لكنه ربط اعادة فتح طريق الستين، الخمسين، مدينة النور، بفتح طريق جولة القصر، وذلك عندما حدد الاولى للنقل الثقيل، والثانية للنقل الخفيف، ولذلك بدا بعملية ازالة السواتر الترابية والمتارس من الثانية قبل الاولى، وهو ما يحتاج إلى تفاوض حول الآلية، ووضع مصفوفة لاعادة الفتح، واذا حصلت خلافات فربما تتأخر عملية اعادة الفتح، وربما تفتح احد الطرق وتترك الاخرى إلى حين، وان حصل ذلك فإن الاولى ستكون لجولة القصر، كونها خصصت للنقل الخفيف، ويحتاجها المسافرون في وقت العيد، ان كانت النية صادقة لاعادة الفتح.
المصداقية على المحك
والايام القليلة القادمة ستكشف حقيقة نوايا الطرفين، وحينها سيكون للناس موقف منهما، فمصداقية الطرفين على المحك.
تبدو الفرصة مناسبة لاعادة فتح طرقات تعز، خاصة وان البداية جاءت من جولة القصر التي ظلت مطلب المجتمع المحلي خلال سنوات الحرب، كونها ستحل معاناة مضنية، دفع الناس ثمنا كبيرا خلالها من وقتهم وصحتهم وعلاقاتهم الاجتماعية، فكل المبادرات السابقة كانت على طرق فرعية، ولم يتم التفاؤل بها، لانها لن تحل المشكلة التي يعانون منها.