أخبار وتقاريرأهم الأخبارإختيار المحررالعرض في الرئيسة

سيناريوهات فتح الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز

يمنات – خاص

يكتنف الغموض فتح طرق أخرى مؤدية إلى مدينة تعز، بعد فتح طريقا وحيدا تربط المدينة بحي الحوبان الواقع تحت سيطرة سلطة صنعاء “الحوشيين”.

بارقة أمل

فتح طريق جولة القصر الخميس 13 يونيو/ حزيران 2024، وهو ما مثل بارقة أمل لسكان مدينة تعز والمحافظة بشكل عام، والذين ظلوا يعبرون طرقا جبلية وعرة لعدة ساعات، من أجل الوصول إلى مدينة تعز والمناطق الريفية الأخرى.

كان من المقرر فتح طريق أخرى بعد طريق جولة القصر، وهي طريق شارع الستين، شارع الخمسين، مدينة النور، بئر باشا، المخصصة للنقل الثقيل، وهي الطريق التي أعلن عنها أحمد المساوي، محافظ تعز التابع لسلطة صنعاء أثناء الإعلان عن فتح طريق جولة القصر.

فتح طريقين

والجمعة 14 يونيو/ حزيران 2024 أعلنت لجنة فتح الطرقات والسلطة المحلية بمدينة تعز التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، عن فتح طريقين من طرف واحد، هما طريق شارع الستين، شارع الخمسين، سوق الرمدة، عصيفرة، وطريق شارع الستين، مفرق شرعب، مصنع السمن والصابون، المطار القديم.

خلط الأوراق

ولم تعلق السلطة المحلية بالحوبان التابعة لسلطة صنعاء على إعلان سلطة مدينة تعز، غير أن الدكتور حمود العودي الذي شارك بجهود كبيرة في فتح الطرقات، والذي كان متواجدا في مدينة تعز، قال يوم السبت 15 يونيو/ حزيران 2024 نطلب من الجميع عدم خلط الأوراق والعمل خارج إطار الاتفاق. مبينا أن الاتفاق هو (جولة القصر- الكمب) و (الستين- مدينة النور). مضيفا: صحيح نحن مع فتح كل الطرقات في الحبيبة تعز دون قيد أو شرط، فهذا حق دستوري وإنساني للمواطنين ليس منة من أحد، لكن ما أفرزته الحرب بحاجة إلى تنسيق وتأن. وتابع: إذا – الدخول لمدة ٢٤ ساعة للمواطنين من الطريق المفتوحة الآن
– فتح طريق الستين- مدينة النور للنقل الخفيف والثقيل بصورة عاجلة.

وأكد على حق الناس في الانتقال عبر الحوجلة- عصيفرة، ومفرق شرعب- بري باشا لأهميتهما، وباعتبار أنها الطرق الرئيسية، لكن لنعمل على ما تم إنجازه حتى الآن، والبقية ستاتي. 

اتفاق سابق

من تصريح العودي يتضح أن فتح طريق جولة القصر، والطريق الأخرى التي كان من المقرر فتحها، كان ضمن اتفاق بين الطرفين، وبالتالي فإن إعلان لجنة الطرقات والسلطة المحلية بمدينة تعز لاحقا كان مبادرة من طرف واحد، وخارج الاتفاق السابق، وهو مؤشر سلبي قد يؤدي إلى عدم فتح طريق النقل الثقيل، شمال غرب المدينة.

مخاوف محبطة

بعد فتح طريق جولة القصر، شارع الكمب بدا ناشطون في مدينة تعز يحذرون من فتح الطريق، وعقدت ورشة عمل قدمت فيها عدد من الأوراق التي حذرت من خطورة فتح الطرقات، ومساعي الحوشيين لما سموه اختراق مدينة تعز أمنيا.

شهدت طريق جولة القصر الكمب خلال الثلاث الأيام الأولى من فتحها ضغط شديدا من قبل الداخلين إلى المدينة، ويرجع لذلك لأن إعادة فتح الطريق جاءت قبل عيد الأضحى، ما أتاح لكثير من أبناء محافظة القاطنين في محافظات أخرى العودة لقضاء إجازة العيد، بعد أن أحجموا على العودة خلال السنوات السابقة بسبب إغلاق الطرق واستخدام طريق وعرة وطويلة للوصول إلى مدينة تعز، والمديريات الواقعة غربها.

أثارت التحذيرات وتوافد الآلاف من المواطنين من طريق جولة القصر التي أصبحت الممر الوحيد إلى المدينة؛ مخاوف سلطة مدينة تعز، وبدأت الجهات الأمنية والعسكرية المسكونة بالمخاوف التضييق على القادمين إلى المدينة، والمتتبع لما تنشره صفحة الإعلام الأمني على الفيسبوك التابعة لشرطة تعز يتضح أن هناك استنفار أمني، يحاول تحشيد المجتمع ضد القادمين إلى المدينة، وفي ذلك محاولة لتصوير القادمين بأنهم خطر أمني على المدينة وسكانها، بل وصل الأمر بالجهات الأمنية إطلاق صفة “وافد” على القادمين إلى المدينة، وهي اللفظة التي أثارت استهجان كثير من رواد منصات التواصل الاجتماعي، على اعتبار أن هذه اللفظة تطلق على رعايا الدول الأخرى الذين يتواجدون في الدول المستضيفة، وليس أبناء محافظة واحدة، أو وطن واحد.

اعتقالات

سلطت قضية اعتقال القيادي البعثي، خليل عبد الوهاب أحمد، الضوء على عمليات اعتقال طالت عدد من القادمين إلى مدينة تعز، خاصة أولئك الذين عادوا إلى المدينة، وطلبوا استعادة منازلهم التي أصبحت في أيدي مسلحين، وهو ما جعل الجهات الأمنية والعسكرية تزيد من تحذيراتها من القادمين إلى المدينة، وتعتبر أن ذلك خطرا على الأمن العام، ما أدى إلى تشديد النقاط الواقعة في مداخل المدينة من إجراءاتها على القادمين عبر ممر جولة القصر، وشن حملة ضد كل من ينتقد الاعتقالات والمخاوف الأمنية، وأوكلت المهمة لحسابات وهمية تديرها جهات أمنية وعسكرية في مدينة تعز، تستخدم فيها ألفاظ سوقية وهابطة، والمتتبع للتعليقات على حسابات النائب أحمد سيف حاشد في فيسبوك وتوتير ، سيكتشف حجم البذاءة والانحطاط التي تعلق بها الحسابات الوهمية على نقده لسلطة مدينة تعز، على ذمة اعتقال خليل عبد الوهاب وآخرين.

البحث عن مبررات

ويكشف هذا الاستنفار الأمني أن سلطة مدينة تعز باتت تبحث عن مبررات لإغلاق المنفذ الوحيد للمدينة، وليس لمتابعة فتح منافذ أخرى، وهو ما يعيدنا إلى إعلان سلطة الحوبان فتحها من طرف واحد طريق جولة القصر، والتي رد عليها ناطق محور تعز العسكري، العقيد عبد الباسط البحر، بتصريح ناري، بدا من خلاله رافضا فتح الطرق، ومصورا مساعي الحوشيين بأنها مجرد خديعة، وجاء تصريح البحر قبل تصريح لجنة فتح الطرقات، التي رحبت بخطوة الطرف الآخر.

قبول عن مضض

الهواجس الأمنية والمخاوف من القادمين التي تضخها هذه الأيام سلطة مدينة تعز تعيد إلى الأذهان تصريح البحر المحبط يومها، ما يعد مؤشرا على أن العسكريين قبلوا عن مضض فتح طريق جولة القصر، بعد مبادرة سلطة الحوبان التابعة للحوشيين، والتي رأت في فتح الطريق تخفيف للضغوط الاقتصادية التي تمارس عليها من قبل الحكومة المعترف بها دوليا، خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

صراع داخلي 

صحيح ان مدينة تعز خاضعة للاخوان المسلمين، وهي سلطة امر واقع تحكم المدينة، ولا تتبع الحكومة المعترف بها دوليا إلا شكليا، لكن هناك صراع بين العسكريين والسياسيين داخل السلطة، فالعسكريون هم الاكثر نفوذا، واصبحت لديهم مصالح اقتصادية تكونت خلال سنوات الحرب، ويرون ان فتح طريق من شرق المدينة يهدد هذه المصالح، لأن ما يجنوه من جبايات من الطريق الممتدة من هيجة العبد على الحدود الادارية لمحافظة لحج وحتى مدينة تعز، وكذا طريق الاقروض، ستتضرر بفتح طريق جولة القصر واي طريق اخرى في محيط المدينة، والتي لا يمكن استحداث نقاط جباية عليها، نظرا لقصرها الشديد، عوضا عن أن فتح طريق اخرى للنقل الثقيل سيقضي على ما تبقى من مصالح على الطريقين السابقتين والطويلتين.

وهم ام اختراق

وهذا ما يفسر الضخ الاعلامي الكبير للمخاوف الامنية والعسكرية بعد فتح طريق جولة القصر، كون مبرر الاختراق الذي يتم الترويج له ليس اكثر من وهم، لأن حصول الاختراق ليس مرتبطا بطريق محددة، فلماذا لم تخترق المدينة عبر القادمين من طريق الاقروض، فهي ايضا تأتي من حي الحوبان، شرق مدينة تعز، التي يسيطر عليها انصار الله “الحوثيون”.

تصريح صادم

تصريح عارف جامل وكيل محافظة تعز، الجمعة 21 يونيو/حزيران 2024 اثار مخاوف في اوساط سكان محافظة تعز، الذين كانوا يتطلعون لفتح طرقات أخرى حول المدينة، واذا بهم يصدمون بان طريق جولة القصر قد يواجهها خيار اعادة الاغلاق. في تصريحه قال القيادي المؤتمري المرتبط بعلاقات واسعة بسلطة اخوان تعز، عارف جامل ان الممر الذي تم فتحه من قبل الحوثي، والذي ظل لاكثر من تسع سنوات يرفض فتحه رغم المطالب والتفاوضات لفتحه، وفتح باقي الطرق للمدينة المحاصرة تم التجاوب معه بشكل ايجابي من اجل المواطنين ومعاناتهم القاسية طيلة تسع سنوات من الحصار، ولكن يظل استمرار فتح الممر مرهون بمصداقية الحوثي وعدم استغلاله امنيا وعسكريا. مشيرا إلى أنه يجب ان يدرك الجميع ان الحوثي لا يؤمن ولازالت المعركة قائمة. متوها إلى انه اذا حصل اي اغلاق للممر فسيكون الحوثي هو السبب، لانه يسعي لارباك الوضع الداخلي امنيا وعسكريا في المدينة. موضحا انه مالم تتأكد صدق نواياه بفتح باقي الطرقات فنحن في معركة مصيرية مع هذا المشروع. مبينا انه لا تخضع الامور للعواطف، وانما لتقديرات امنية وعسكرية.

البحث عن مبرر

تصريح جامل واضح وفيه تهديد باغلاق ممر جولة القصر، ويعيد الى الاذهان تصريح البحر العسكري. ويرى متابعون للوضع في مدينة تعز ان تصريح جامل قد يكون مقدمة لاختلاق مشكلة امنية سيتم استخدامها كمبرر لاغلاق ممر جولة القصر، او استخدام فتح طريقين من طرف واحد في عصيفرة والمطار القديم كمبرر لاغلاق ممر جولة القصر، في حال اصر الحوثيين على فتح طريق مدينة النور المتفق عليها سابقا.

ولا يستبعد ان يكون العسكريين في سلطة تعز الاخوانية قد استخدموا هذه المرة جامل كواجهة مدنية لخلق مبررات الاغلاق للمر الوحيد، او الاكتفاء به وعرقلة فتح ممرات اخرى، نظرا للاستنكار الذي لقيه تصريح ناطق المحور، عبد الباسط البحر يومها.

تصريح متفائل

والسبت 22 يونيو /حزيران 2024 قال عبد الكريم شيبان، رئيس لجنة فتح الطرقات بالحكومة المعترف بها دوليا عن تواصل وتنسيق يجريان حاليا مع الحوثيين من أجل فتح منافذ أخرى لمدينة تعز. موضحا ان التواصل يجري بشأن فتح طريق آخر للناقلات الكبيرة والمتوسطة وإدخال البضائع واحتياجات الناس من مواد غذائية وغيرها الى مدينة تعز. مبيا ان اللجنة تقوم حاليا بالتنسيق  من أجل العمل على فتح خط (مفرق الذكرة –  شارع الستين – مفرق العدين – سوق الرمدة – عصيفرة) وخط (مفرق الذكرة – خط الستين – مفرق شرعب  –  مصنع السمن والصابون – المطار القديم – بير باشا – المدينة). مؤكدا انه يجري التركيز مبدئياً على الخط الأول، وسيأتي بعد ذلك دور الخط الآخر. مضيفا ان اللجنة على تواصل دائم لأجل فتح هذه الطرقات. لافتا إلى أن اللجنة ما تزال تنتظر رد الطرف الآخر الخاص بفتح هذه المنافذ الى جانب منفذ (الكمب – جولة القصر ) الذي جرى تخصيصه لعبور السيارات الصغيرة، وأصبح مزدحماَ وغير كاف، والناس بحاجة  لفتح خط أخر لعبور الناقلات الثقيلة والمتوسطة لإدخال احتياجاتهم المعيشية.

مرونة قد تذلل الصعاب

تصريح شيبان المتفائل جاء بعد تصريح جامل المحبط، وهو ما يعيدنا إلى المربع الاول (تصريح البحر المحبط، وتصريح شيبان المتفائل)، في الاول انتصر التفاؤل وفتح ممر جولة القصر، اما الآن فإنه ومع الضخ الاعلامي وتضخيم مخاطر فتح الطرق فإن الوضع يكتنفه كثير من الغموض، بل والاحباط، غير ان مرونة شيبان التي بدت من خلال انه يجري التركيز على ممر واحد كمرحلة اولى يؤشر إلى ان ذلك سيساهم في تقريب وجهات نظر الطرفين، كون ممر الستين، الخمسين، سوق الرمدة، عصيفرة، يتقارب إلى حد كبير مع ممر مدينة النور المعلن من قبل الحوثيين.

النتائج

ومن المستجدات التي حصلت خلال عشر ايام من فتح ممر جولة القصر، يتضح ما يلي:
– وجود صراع داخل السلطة التي تحكم مدينة تعز، بين العسكريين الذي يحظون بنفوذ واسع، والساسة الاقل تاثيرا، لكنهم الاكثر فاعلية في الوسط الاجتماعي، رغم ان الجميع مرتبطين تنظيميا بالاخوان المسلمين او يدورون في فلكهم، وكل هذا الصراع تقف خلفه مصالح اقتصادية تكونت خلال سنوات الحرب.

سيناريوهات

– هناك ثلاثة سيناريوهات لمستقبل اعادة فتح الممرات في مدينة تعز..

* الاول: الاكتفاء بفتح ممر جولة القصر، وإعاقة فتح الممرات الاخرى، نظرا لما ستسببه ممرات النقل الثقيل من ضرر على المصالح التي يجنيها العسكريون من الطريق الطويل الممتد من هيجة العبد وحتى مدينة تعز، وطريق الست ساعات الذي يربط حي الحوبان بغرب مدينة تعز.

* الثاني: فتح ممر اخر للنقل الثقيل من شمال غرب مدينة تعز، او غربها، إلى جانب ممر جولة القصر، تحت تاثير الضغط الشعبي، وفي حال تدخل مجلس القيادة الرئاسي ورئاسة الحكومة المعترف بها دوليا، على اعتبار ان ما يحصل مرتبط باتفاق خطوات بناء الثقة.

* الثالث: اغلاق ممر جولة القصر من خلال اختلاق مبررات امنية وعسكرية، وبالتالي عودة الحصار الذي تعاني منه مدينة تعز.

السيناريو الارجح

وفي ظل الوضع القائم يعد السيناريو الاول هو الارجح، لان اعادة اغلاق ممر جولة القصر سيضع سلطة مدينة تعز في مواجهة مع الحاضنة الشعبية.

لماذا سلطة مدينة تعز..؟

وعندما نتحدث هنا عن سلطة مدينة تعز، فإن ذلك يرجع لكونها السلطة التي بدأت تتعامل بردود فعل سلبية تجاه فتح ممر واحد، وسعيها لتخويف المجتمع من القادمين إلى المدينة، وتضخيم المخاوف الامنية والعسكرية والتحذير من الاختراق الامني، بل وصل بها الامر حد وصف القادمين إلى مدينة تعز بالوافدين، وتنفيذ اعتقالات لبعضهم بتهم الارتباط بالطرف الآخر.، عوضا عن تضارب التصريحات حول فتح الطرقات بين العسكريين والساسة رغم انتماؤهم لمكون سياسي واحد.

زر الذهاب إلى الأعلى