أخبار وتقاريرأهم الأخبارإختيار المحررإقتصادالعرض في الرئيسةتحليلات

كيف تفاقمت ازمة البنوك في اليمن..؟ ومن يتحمل مسؤوليتها..؟

يمنات  – خاص

صارت ازمة البنوك حديث الساعة الذي استحوذ على اهتمام النخب والعامة على حد سواء، نظرا لتاثيراتها السلبية على المجتمع، والمخاوف من ان تؤدي إلى اضافة اعباء على العامة فوق الاعباء التي صارت فوق قدرتهم المعيشية.

انباء متضاربة
ورغم الاخبار والمعلومات المتضاربة، والمتداولة في وسائل الاعلام عن الازمة، سواء كانت سلبية او ايجابية، لكن لم تصدر تصريحات رسمية واضحة عن الاطراف، ومكتب المبعوث الأممي الذي يتوسط لاطلاق حوار اقتصادي، يهدف لحل الازمة، وتحييد الاقتصاد عن النزاع المستمر للعام العاشر على التوالي.

والواضح ان ازمة البنوك ما تزال تراوح مكانها منذ اندلاعها في مارس/آذار 2024، والجديد فيها تدخل المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروند برغ، لتأجيل قرارات البنك المركزي بعدن ضد ستة بنوك، هي الاكبر في السوق المصرفي اليمني.

جهود اممية
تفيد مصادر مطلعة ان مكتب المبعوث الأممي يتواصل مع الاطراف بشكل حثيث للوصول إلى مقاربة تفضي إلى اقناع الاطراف للجلوس على طاولة حوار اقتصادي، غير انه ما تزال هناك تباينات حول جدول اعمال الحوار.

ويرى متابعون ان استمرار الجهود الأممية مع الطرفين، يقتضي وقف التصعيد عند نقطة معينة، وهي النقطة التي وصلت إليها الازمة قبل تدخل المبعوث الاممي، وصدور بيان مجلس القيادة الرئاسي، مساء الجمعة 12 يوليو/تموز 2024، والذي ابدى استعداده للحوار بعدد من الشروط، أبرزها استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، والغاء كافة الاجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي، ومجتمع المال والاعمال.

عودة التصعيد
وكان الضخ الاعلامي قد تراجع في اليوم لصدور بيان مجلس القيادة الرئاسي، غير ان الازمة عادت إلى الواجهة بعد اغلاق فروع البنوك الستة ابوابها في عدد من المدن التي تديرها الحكومة المعترف بها دوليا، وأبرزها عدن وتعز، ما ادى إلى قيام البنك المركزي بعدن وفروعه باستدعاء مدراء الفروع، وتكليف قوات امنية بفتح البنوك.

السويفت
ومنذ الاثنين 15 يوليو/تموز 2024 تتضارب الانباء، حول قرارات البنك المركزي المتخذة بحق البنوك الستة، فهناك من يتحدث عن ايقاف السويفت الخاص بتلك البنوك، ووقف الحوالات الخارجية منها وإليها، فيما تقول اخرى ان تلك القرارات علقت، بناء على الطلب الاممي.

انباء اخرى تحدثت الثلاثاء أن السويفت الخاص بتلك البنوك ما يزال يعمل، لكن سيتم ايقافه خلال الاسبوع القادم، ومعه ستتوقف الحوالات الخارجية،  لكن مصدر مصرفي اكد ليمنات ان البنوك الستة ما تزال تعمل وتستقبل الحوالات الخارجية، كاشفا عن جهود يقوم بها المبعوث الاممي ومكتبه لتقريب وجهات نظر الطرفين على جدول اعمال الحوار الاقتصادي الذي يسعى المبعوث الأممي لاطلاقه.

ازمة اليمنية
استمرار ازمة البنوك ألقت بضلالها على ازمة طيران اليمنية، التي ما تزال قائمة، فالرحلات من مطار صنعاء ما تزال متوقفة، والتذاكر الصادرة من صنعاء ومناطق سيطرة انصار الله “الحوثيين” لا يتم التعامل معها في مطار عدن والمطارات التي تديرها الحكومة المعترف بها دوليا، مع استمرار وقف بيع التذاكر من مكاتب اليمنية ووكالات السفر الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين.

طرف ثالث
ازمة البنوك اصبحت بعد اربعة اشهر ليس صراعا بين طرفي الحرب، وانما امتدت لتصبح صراعا بين البنك المركزي بعدن وكبار البنوك التي تتبع اكبر الرساميل الوطنية في البلد كمجموعات هائل سعيد والكريمي وبازرعة وغيرها، ما يعني ان ثقلا اقتصاديا كبيرا زج به في الصراع، لكن ذلك لا يعني ان كبار البيوت التجارية تقف إلى جانب طرف، وانما لان تلك الرساميل الوطنية اجبرت للدخول في الصراع بعد ان اصبحت تشعر بخطر يهددها، فاكبر البنوك الستة ستتعرض لاضرار في حال نقلت مراكزها الرئيسة من صنعاء إلى عدن، لان صنعاء تشترط عليها تسليم ودائع العملاء في مناطق سيطرتها في حال قررت النقل، وان قبلت بذلك فيما عدن لم تلتزم بتعويضها عما سيلحقها من اضرار، عوضا عن ان اغلب نشاط تلك البنوك في مناطق سيطرة سلطة صنعاء، ما يعني فقدانها اكثر من نصف نشاطها. ومن هنا فإن تلك البنوك صارت واقعة بين سندان ومطرقة الطرفين، وهو ما اجبرها للدخول كطرف في الصراع، ولكن باجندات مختلفة.

وبناء على ذلك فإن كبار الرساميل الوطنية القت بثقلها في الازمة، سعيا للوصول إلى حل يقضي بتحييد القطاع المصرفي، بعيدا عن اجندات طرفي الصراع. ويعتقد متابعون ان ذلك سيساهم في الوصول إلى جلوس طرفي الصراع إلى طاولة حوار اقتصادي، لكن ذلك لا يعني نجاح الحوار في الوصول إلى اتفاق.

حصيلة الاهمال
وفي كل الاحوال فإن تفاقم ازمة البنوك يعد بمثابة حصيلة لاهمال اطراف النزاع ومكتب المبعوث الاممي والاطراف الخارجية الفاعلة في الملف اليمني، معالجة الملف الاقتصادي بما يضمن تحييده عن الصراع، منذ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في العام 2016، وما تلاه من طبع مليارات من العملة الوطنية دون دراسة جدوى اقتصادية، مرورا باعلان صنعاء عدم التعامل مع الطبعات الجديدة من العملة الورقية في العام 2019 وما تلاه من اجراءات من قبل الطرفين، وهو ما ادى إلى تفاقم ازمة القطاع المصرفي وتعقيدها.

من يدفع الثمن..؟
استخدام الورقة الاقتصادية كاداة من ادوات الحرب، مقامرة خطيرة القت بضلالها السلبية على معيشة الناس، وصار السواد الاعظم من الشعب هو من يدفع ثمنها، وليس اطراف الصراع التي تبدو مستفيدة. ولذلك فإن الحاجة صارت ماسة جدا لوقف التداعيات، ومن ثم البحث في حلول عملية تؤسس لتحييد الاقتصاد عن النزاع.

زر الذهاب إلى الأعلى