أخبار وتقاريرأهم الأخبارإختيار المحررإقتصادالعرض في الرئيسةتحليلات

قراءة اولية لبنود اتفاق الهدنة الاقتصادية في اليمن ومصير الطبعة القديمة من العملة الورقية

يمنات – خاص

يعد الاتفاق الاقتصادي الذي توصل إليه طرفا النزاع اليمني بمثابة هدنة اقتصادية، واستمرارها من عدمها مرهون بمتغيرات وعوامل مختلفة، مرتبطة بقابلية بنود الاتفاق للتنفيذ، وطبيعة الواقع المعقد والمتشابك في الملف اليمني، وتأثير العامل الخارجي في الازمة اليمنية، وحجم مصالح الاطراف المحلية والاقليمية من الاتفاق.

استقالة المعبقي
دفع اعلان الاتفاق محافظ البنك المركزي بعدن، أحمد غالب المعبقي، لتقديم استقالته من منصبه، وهو مؤشر على ان الاتفاق لم يكن مقنعا للمعبقي الذي تم به الدفع إلى واجهة التصعيد، ولم يحقق ولو الحد الادنى من سقف توقعاته.

اهم البنود
اعلن مكتب المبعوث الاممي إلى اليمن نهار الثلاثاء 23 يوليو/تموز 2024 اتفاق طرفي الصراع على 4 بنود،ابرزها إلغاء القرارات المتعلقة بالبنوك من الطرفين، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهره والهند يومياً او بحسب الحاجة.

وعقب الاتفاق نشر ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي نسخة من الاستقالة التي قدمها المعبقي لمجلس القيادة الرئاسي.

انجازات في استقالة
وفي الاستقالة استعرض المعبقي ما تحقق في فترة ادارته للبنك من انجازات، والتي من أبرزها تفعيل السياسات النقدية بأدواتها المختلفة، والمتمثلة في عدم إستخدام أي تمويل تضخمي لتغطية نفقات الحكومة المتزايد وعجزها الكبير، خاصة بعد ضرب الحوثيين موانئ وناقلات النفط ومنع التصدير، وحظر دخول غاز مأرب إلى مناطق سيطرة الحوثيين، إضافة إلى منع التجارة عبر الموانئ التي تقع تحت سيطرة الحكومة وتحويلها بالقوة إلى ميناء الحديدة.

كما اشار المعبقي في استقالته إلى ما تم في مجال البناء المؤسسي وبناء القدرات وإستعادة ثقة المؤسسات الإقليمية والدولية بالبنك المركزي، وتدشين العمل بأنظمة المدفوعات والتي ستتوج ببرنامج شامل مع البنك الدولي، سيتم البدء به في أغسطس/آب القادم.

وشكر المعبقي مجلس القيادة الرئاسي لوقوفه ومساندته لإجراءات البنك المركزي التي قال انها هدفت إلى حماية القطاع المصرفي اليمني، والمحافظة على علاقات البلاد وتعاملاتها مع المؤسسات المالية والبنوك المراسلة الإقليمية والدولية، ومحاولة إنقاذ القطاع المصرفي من تغول الحوثيين، والتي قال انها تجاوزت كل الحدود وتكاد تنهي البيئة الملائمة للعمل، وتقضي على مجمل النشاط الإقتصادي.

وابدى تفهمه لحيثيات القرار الذي اتخذه مجلس القيادة الرئاسي للتعامل مع الوضع الإستثنائي التي خلقه الحوثيون إستجابة لجهود شقيقة وصديقة لنزع فتيل الأزمة.

وجدد المعبقي التاكيد أن مجلس القيادة الرئاسي هو صاحب الكلمة الفصل في قرار الحرب والسلام وكل القضايا المصيرية، وهو الأقدر على ترجيح المصلحة العليا للبلاد.

رفض الاستقالة
وعقب تداول انباء الاستقالة قال مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية بعدن، ان رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي، رفضوا بالاجماع استقالة محافظ البنك المركزي اليمني احمد غالب المعبقي.

عدول المعبقي
وبين المصدر ان محافظ البنك عدل عن قرار الاستقالة وهو باق في منصبه بدعم كامل من مجلس القيادة والحكومة لمواصلة جهود الاصلاحات المصرفية الشاملة المدعومة من الاشقاء والاصدقاء.

واهاب المصدر بوسائل الاعلام مراعاة حساسية التعاطي مع القضايا المتعلقة بالقطاع المصرفي، ومجتمع المال والاعمال والمصالح والمسؤوليات المجتمعية المترتبة عليها.

استدعاء
وكان المعبقي قد تم استدعاؤه إلى الرياض قبل أيام، وحينها تحدثت انباء عن وضعه تحت الاقامة الجبرية، وهو ما نفته بعض المصادر، مرجعة الاستدعاء إلى نقاشات جرت بينه وبين مجلس القيادة الرئاسي، ومسؤولين سعوديين، حول قرارات البنك المركزي بشأن نقل المراكز الرئيسية للبنوك الستة من صنعاء إلى عدن.

مصير العملة الورقية القديمة
وحول ما اثير عن القرار المتعلق بمنع التداول بالطبعة القديمة من العملة الورقية المطبوعة قبل العام 2024، فإن هذا القرار يدخل ضمن المادة الاولى من الاتفاق والتي تنص على: (الغاء القرارات والاجراءات الاخيره ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن اي قرارات او اجراءات مماثلة)، والقرار المتعلق بالطبعة القديمة المتداولة في مناطق سيطرة انصار الله “الحوثيين” جاء ضمن حزمة القرارات التي اتخذها البنك المركزي بعدن ضد البنوك الستة، ورغم انقضاء المدة التي حددها البنك لايداع من لديهم عملة من تلك الطبعة، لم يصدر اي قرار اخر من البنك حول الطبعات القديمة من العملة الورقية، ما يعني ان العملة من الطبعة القديمة سيتم التداول بها، وبقيمتها المصرفية امام العملات الاجنبية، لان الغاء قرارات الطرفين، يعني العودة للوضع الذي كان قائما قبل التصعيد.

طيران اليمنية والوجهات الجديدة
والبند الثاني في الاتفاق والذي ينص على: (استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً او بحسب الحاجة)، فإن ما ورد في البند غير جديد، حيث تم الاتفاق عند فتح مطار صنعاء الدولي على تسيير رحلات من مطار صنعاء إلى كل من مطاري الملكة علياء بالاردن، ومطار القاهرة بمصر، ومع ذلك تم تسيير رحلات الاردن، ولم يتم تسيير رحلات مصر. وقبل اكثر من عام تم الاتفاق على فتح وجهة جديدة من مطار صنعاء إلى مطار مومباي الهندي، غير ان ذلك لم يتم.

رحلات صنعاء القاهرة
ويبدو ان الرحلات بين مطاري صنعاء والقاهرة ستستأنف خلال الايام المقبلة، وما يشير إلى ذلك هو بيان وزارة الخارجية المصرية الذي رحب باعلان مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن بشان التوصل لاتفاق بين الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين، مؤكدا دعم القاهرة الكامل لجميع الجهود الإقليمية والدولية في هذا الصدد، ومعربا عن تطلع القاهرة لأن يكون هذا الاتفاق مقدمة على مسار التوصل إلى تسوية شاملة للأزمة اليمنية، بما يلبي طموحات الشعب اليمني وفقًا للمرجعيات والقرارات المتفق عليها، ومنها قرار مجلس الأمن رقم 3316.

فرص تشغيل الرحلات
واكدت الخارجية المصرية أنها ستقوم بمواصلة دراسة فرص تشغيل خط طيران مباشر بين القاهرة وصنعاء، وفق الاعتبارات والإجراءات ذات الصلة، ومنها الفنية واللوجستية. وعليه فإن امر تشغيل الرحلات بين صنعاء والقاهرة لم يعد مرتبطا بالاجراءات الامنية، وانما الفنية واللوجستية، وهي اجراءات من السهل تجاوزها في فترة زمنية قصيرة جدا.

رحلات صنعاء مومباي
اما بخصوص تدشين رحلات بين مطار ي صنعاء ومومباي الهندي، فإن الامر يبدو بحاجة لوقت طويل، خاصة بعد تعقيد السلطات الهندية للاجراءات على المرضى اليمنيين الذين يريدون الدخول إلى الأراضي الهندية، حيث اشترطت الاجراءات التي صدرت في مايو/آيار 2024 تقديم طلب الدخول عبر الإنترنت والحصول على نسخة مطبوعة من نموذج استمارة الطلب، وتلقى المريض اليمني دعوة من مستشفى هندي معها خطة علاجية توضح تكلفة العلاج في المستشفى، على ان يرفق المتقدم تقارير الفحوصات الطبية من المستشفى اليمني باللغة الإنجليزية حصراً، وإرفاق كشف حساب بنكي بالإنجليزية يُظهر حركة آخر 6 أشهر، ويكون موقعاً ومختوماً ومرسلاً من البنك إلى إيميلات السفارة اليمنية في الهند، على ان يغطي كشف الحساب المالي البنكي تكلفة العلاج، بمبلغ 3500 دولار عن الشخص الواحد، وكذا إرفاق جواز السفر الأصلي وصورة من الجواز مع استمارة الطلب، وان يرفق المتقدم جدول الرحلة المبدئي (حجز الطيران المبدئي) مع تحديد موعد الذهاب والإياب، على أن تكون الفترة أقل من 6 أشهر، كما حددت المرافقين للمريض بمرافق واحد فقط.

اجراءات معيقة
وبالتالي فإن هذه الاجراءات مثلت عائقا امام دخول كثير من المرضى اليمنيين إلى الهند، وهو ما يجعلنا نتوقع تاخر فتح خط رحلات بين مطاري صنعاء ومومباي، غير ان ذلك لا يعني استحالة فتح خط الرحلات، فمكتب المبعوث الاممي ابدى استعداده للتواصل مع السلطات الهندية، وهو ما قد يساعد في ازالة كثير من المعوقات والمخاوف.

محاصصة وتصفير
اما بخصوص البند الثالث في الاتفاق والذي ينص على:(تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الادارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة “اليمنية”)، وفي هذا البند إشارة إلى اعادة هيكلة الشركة، بما يؤدي إلى محاصصة المناصب في الشركة بين الطرفين، وقد ينسحب ذلك على الايرادات، غير انه ينبغي الاشارة إلى ان مسألة التفاوض في هذا الجانب ستعتريها كثير من العوائق، خاصة وان الطرفين سحبا من حسابات الشركة مبالغ مالية كبيرة لغير استخدامات الشركة، وبالتالي فإن اعادة هيكلة الشركة يبدو انه سيصفر ما قبله من خلافات، خاصة في الجانب المالي، والبدء بمرحلة جديدة، لكن ذلك قد يكون عائقا، قد يعيد الازمة إلى نقطة الصفر.

بند مطاطي وحوار شاق
وفيما يتعلق بالبند الرابع الذي ينص على:(البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والانسانية بناء على خارطة الطريق) فإن هذا البند يبدو مطاطيا، كون التفاوض في الجانب الاقتصادي يحتاج وقتا طويلا، نظرا لأن الوصول إلى اتفاق بتحييد الاقتصاد مرتبط بحل الاشكاليات في ملفات عدة، منها صرف المرتبات، وتصدير النفط، وتوحيد العملة والنظام المصرفي، ويفهم من هذا البند ان الوضع سيستمر على ما هو قائم، وسيبدأ التفاوض في الملفات المرتبطة، لكن ذلك لا يعني استحالة الحوار الاقتصادي، غير ان الجدية فيه مرتبطة بالجدية في التوصل لاتفاق شامل، وهذا الامر يحتاج إلى توافق الفاعلين الخارجيين في الازمة اليمنية اولا.

هدنة هشة
وعليه فإن الاتفاق الذي اعلن عنه المبعوث الاممي يعد بمثابة هدنة يمكن وصفها بالهشة، وتم التوصل إليها بضغوط خارجية، منعا للتصعيد الذي كان ينذر، بتجدد المواجهات العسكرية.

مخاوف الانهيار
ويتخوف مراقبون من حصول انهيار للهدنة الاقتصادية مع بداية العام القادم، اي بعد الانتخابات الامريكية، نظرا لان الولايات المتحدة الامريكية تعد من ابرز الفاعلين الخارجيين في الملف اليمني، فهي واحدة من دول اللجنة الرباعية الدولية المعنية باليمن، وبالتالي فإن استمرار الهدنة من عدمها، سيكون مرتبطا باجندة الادارة الامريكية القادمة.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى