العرض في الرئيسةفضاء حر

قبل فوات الآوان.. التاريخ لا يرحم

يمنات

صالح هبرة

إلى الأخ العزيز السيد (أبو جبريل):
الحياة كلها صعبة، ويزيد من صعوبتها حينما تجبرك الحياة أن تفقد أغلى وأعز ما فيها، أقاربك، وفلذت كبدك..!

غير أن الأصعب من ذلك بأضعاف مضاعفة، حينما تريد أن تقنعني أن عقول أربعين مليون يمني خلقها الله عبثاً، وأن عليهم أن يكتفوا بعقل واحد يفكر لهم، إما تحت مبدأ الاتباع أو التسليم، أو طاعة ولي الأمر، والناس يتحولون إلى أشبه ما يكونوا بقطيع من الحمير.

الأصعب من ذلك حينما تريد أن تقنعني أن الشعب اليمني يعيش في عزة وكرامة؛ بعد أن دمّرَت الصّراعات كل مظاهر الحياة فيه، ومزقته شرّ ممزق، وتحول بسبب سياساتكم وأنانياتكم المفرطة أشبه بغابة تتناهشها الوحوش المفترسة.

الأصعب من ذلك حينما تريد أن تقنعني أن سياسة تجهيل الشعب هي الصح، وأن تعليمه خطأ، وأن ارتفاع الأسعار نعمة وعزة وكرامة، وأن جرعة الألف ريال خطأ ومنكر تستحق ثورة تسقط النظام؛ بينما جرعة (العشرة الألف ريال) للدبة، و(ثلاثة عشر ألف) للكيس البر بدل أربعة ألف – في ظل قيادتكم – نعمة وعزة، وضمن مظاهر بركات قيادة أهل البيت ودماء الشهداء..

الأصعب في الحياة يا حبيبي (أبا جبريل) حينما تحاول أن تقنعني أن الزّج بمئات الآلاف في السجون لسنوات – بعضهم بلا ملفات ولا يعلم ما قضيته، والبعض أصبح في حكم المنسي، والبعض الآخر مصاب بحالة نفسية – أنه عدل من فائض بركاتِ عدلك، و جهاد في سبيل الله!!!.

بل من أصعب الصعاب حينما تحاول إقناعي أن قتل خيرة رجال اليمن وتهجير معظم أبناء الشعب في معارك وهمية وعداوات مختلقة – وتذيق الشعب ويلات المعاناة لغرض التفرد بالسلطة – عزة وكرامة..!!

والأصعب من الصعب (أبا جبريل) أن تحاول إقناعي أن الدولة الطائفية الأسرية التي تتبنّاها جمهورية، والجمهورية وحاكمية الشعب عائلية، والتمذهب وفق قناعات وقراءات محددة دين ومخالفته مروق ونفاق..!!!

وما لا يهضمه الشعب، هو أن تُشرعِن لنفسك الاستعانة بأي دولة شئت، بينما تعتبره من غيرك ارتزاق وخيانة عظمى!!!

لذلك؛ عد (أبا جبريل) لما وعدت الناس به، فالقيم من (عدالة وصدق وتشارك وبناء) لا تتغير مع تغير الزمان، وهي ثوابت قبل وبعد الحروب، وحاول تبنِّي فكر دولة يتشارك فيها جميع أبناء اليمن، شراكة حقيقية لا صورية، ويتحملون معك جميعا مسؤولية بلدهم، ويتقاسمون السلطة والثروة سويا، ويبنون بلدهم بشكل جماعي، ويشعرون بالعزة والكرامة الحقيقية، وتسلم مرتباتهم، وتنظف شوارعهم، وتصلح مطاراتهم، وتوسع جامعاتهم ومدارسهم، ويتعلم أطفالهم، وتتوفر لهم حياة كريمة !!

قبل فوات الأوان؛ فالتاريخ لا يرحم..

زر الذهاب إلى الأعلى