العرض في الرئيسةفضاء حر

الشيخ سلطان السامعي .. المناضل المُنتَظَر لرئاسة الجمهورية..!!

يمنات

محمد الصُّهباني

في ‏ليلة ‏ممطرة ‏من ‏ليالي ‏العام ‏‏93م، ‏رافقت ‏صديقي ‏الأعز، ‏وأحد ‏رموز ‏الجبهة ‏الوطنية ‏في ‏ثمانينيات ‏القرن ‏الماضي،‏ ‏يوسف ‏الحجاجي -‏‏‏‏‏‏ ‏رحمة ‏الله ‏عليه -‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏ ‏إلى ‏قرية ‏‏”حُمَّان” ‏الجبلية، غرب ريف ‏مديرية ‏سامع، بمحافظة تعز.

ليلتها أصرّ ‏أن ‏نمر‏َّ على ‏منزل أحد أقرباء سلطان، ‏في ‏عزلة ‏‏”شريع” ‏لعله ‏يظفر ‏بالالتقاء ‏به،‏ ‏فالتقينا‏ بشخص فارع، اسمه طارش عبد الله التميمي، قال لنا إن الشيخ يتواجد عند عمُّه ‏في محافظة ‏عدن، بلهجة أهل الريف المحبَّبة، ويقصد ‏المناضل ‏علي ‏سالم ‏البيض، ‏تلبيةً ‏لدعوة ‏تلقاها سلطان من السيد البيض.

‏سرعان‏ ‏ما ‏ابتسم ‏صديقي ‏الحجَّاجي، ‏ورد ‏عليه ‏الأخير ‏بابتسامة ‏مماثلة، ‏محفوفة بعبارة: ‏إن ‏شاء ‏الله ‏يكون ‏الشيخ ‏سلطان ‏رئيس ‏اليمن. ‏ومنذاك،‏ ‏وأنا ‏أتذكر‏ ‏هذه ‏العبارة، ‏وأحدث ‏نفسي مراراً ‏وتكراراً، ‏لمَ ‏لا ‏يكون ‏سلطان ‏رئيساً ‏للجمهورية؟.

كانت تلك الزيارة عقب نجاته من محاولة اغتيال فاشلة في ضاحية ‏‏”الحوبان”، بتعز. وقد لاقت إدانة واستنكاراً واسعاً ‏على المستوى الشعبي ‏والسياسي والحزبي.

وفيما كان اليمنيون على موعد من خوض أول ‏انتخابات ‏نيابية ‏عقب ‏تحقيق ‏الوحدة، كانت ‏شعبية الـ”‏سلطان”، ‏الأكثر ‏حضوراً، ‏وتشير ‏إلى ‏إمكانية ‏فوزه في الدائرة، لمعطيات عدة، وهو ما دفع ‏بالنظام ‏إلى ‏تدبير محاولة توريطه ‏بجريمة ‏قتل، ‏أو ‏اغتياله، ‏ضمن ‏سيناريوهات ‏جرائم ‏تصفية ‏الشخصيات ‏الوطنية ‏التي ‏اشتهرت ‏بمناهضة سياسته.

فلجأ إلى ‏محاولة ‏فاشلة لتصفيته، ‏في ‏واقعة ‏شهيرة تسببت ‏بمقتل ‏اثنين ‏من ‏جنود النقطة الأمنية، ‏التي ‏اعترضته، وقتذاك، ‏بهدف ‏محاصرة ‏شعبيته ‏من ‏جهة، ‏وجر ‏أبناء مديرية‏ “سامع” إلى ‏حرب ‏قذرة، ‏‏من ‏جهة، ضمن‏ ‏سيناريوهات ‏النظام ‏في ‏إشعال ‏الحروب ‏القبلية التي ‏اعتاد ‏على ‏تغذيتها، ‏للتخلص ‏من ‏خصومه ‏السياسيين.

وكان منهم الشيخ سلطان‏، ‏الذي سارع حينها إلى إدانة ‏تلك ‏الجريمة، وتوضيح ملابساتها، في ‏تصريح ‏حصري ‏لصحيفة ‏‏(صوت ‏العمال) الأكثر ‏انتشاراً في تلك الفترة، ‏لا سيما ‏أنه كان ‏يحمل ‏حصانة ‏سياسية، ‏كعضو ‏في ‏مجلس ‏النواب، مطالباً ‏بتشكيل ‏لجنة ‏من ‏الداخلية‏، ‏والأحزاب ‏السياسية، ‏ومن ‏مجلسي ‏النواب، والشورى، ‏للتحقيق ‏في ‏الواقعة.

وقال إنه ‏مستعد ‏للمثول ‏أمام ‏القضاء ‏إذا ‏ما ‏توفرت ‏له ‏الضمانات ‏الكافية بعدم‏‏ ‏تعريض ‏حياته للخطر، وأصرَّ بكل شجاعة على المُضى في تقديم وثائق أوراقه، مرشحاً في الدائرة، عبر أكثر من وسيلة إعلامية، وسط تعنت السلطة الغاشمة، بعدم الموافقة على خوضه منافسة الترشح.

لكن الأكثر إدهاشاً في الأمر ارتفاع منسوب شعبيته، ليلة السابع والعشرين من أبريل (نيسان) 1993م، إذ تفاجأت ‏لجنة ‏الفرز لأصوات ‏الناخبين في الدائرة (40) بمديرية خدير، إحدى أكبر مديريات محافظة تعز، في نهاية ‏الإعلان رسمياً عن انتهاء عملية الاقتراع، ‏بامتلاء ‏الصناديق، ‏بـ”نعم ‏لسلطان ‏السامعي”، في وقت حاول النظام السابق، آنذاك، عدم ‏قبول ‏أوراق ترشّحه في ذات الدائرة، ‏بحجة ما قال ‏إنه ‏مطلوب ‏للعدالة.

ونتذكر ‏قصص ‏الوفاء ‏التي ‏تحلى ‏بها ‏أبناء المديرية تجاه النائب ‏سلطان، ‏وتصويتهم ‏له‏ ‏في تلك الجولة الانتخابية، فضلاً عن ارتفاع هتافات طلاب مدارس المديرية، ‏بـ”لا دراسة ولا تدريس إلا بسلطان الرئيس”، و‏آثروا ‏أن ‏يعبروا ‏عن ‏مدى‏ ‏إخلاصهم لهذا المناضل‏.

انتشر ذلك الخبر كالنار في الهشيم، ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أنه الفائز ‏الشرعي في تلك الليلة، إن لم نقل إن التصويت له، كان بمثابة تضامن ‏أسطوري، عزّز من مكانته في قلوب جماهيره الحية، والتي أرادت أن تعبر عن ‏تمسكها ومساندتها للشيخ سلطان، في واقعة، كانت بمثابة صفعة مدوية، تلقاها ‏النظام.

وكانت تعبيراً عن تضامن أبناء خدير، مع ‏نائب فذ، ‏شكّل ‏غيابه ‏عن ‏تمثيلهم ‏فراغاً كبيراً، في وقتٍ لم يستطع النظام ‏أن ‏يقطع ‏حلقة ‏الوصل ‏والتواصل بين ‏أبناء المديرية مع مناضل ظل يمثلهم على ‏نحو ‏مقبول ومثير للفخر والاعتزاز، ما فتح الباب على مصراعيه، لتناول وسائل ‏إعلامية ‏ذلك ‏الحدث ‏الانتخابي ‏‏”الاستثنائي” على مستوى ‏دوائر ‏الجمهورية.

وفي العام 1997م رغم انقضاء أيام عمليات الاقتراع في دائرة خدير، التي فاز بها المرشح ‏أحمد ‏صالح ‏الفقيه، عن ‏(حزب الإصلاح)، على ثلاثة منافسين، ‏ظلت قصة ‏استبعاد سلطان السامعي، ‏من الخوض ‏في منافسة شريفة، حديث غالبية أبناء مديرية خدير، فيما ظلت صوره الدعائية، مثبتة في الكثير من الأماكن والمحلات والزوايا، ‏وسط ‏إصرارهم ‏ببقائها ‏طويلاً، تضامناً مع نائب، كان ‏أرجل ‏مَن ‏مثلهم على ما ‏يجب أن ‏يكون عليه.

وفي انتخابات (2003م البرلمانية)، استطاع أن يفوز بأغلبية ساحقة على منافسيه في الدائرة (68) بمديرية سامع، التابعة إدارياً لذات المحافظة.

لقد ظل صوت النائب سلطان السامعي، خلال فترات تمثيله لأبناء الدائرتين في مجلس النواب، ‏مرتفعاً في ‏كل ‏مناسبة ومحفل ‏سياسي ‏واجتماعي، دفاعاً عن ‏قضاياهم ‏ومطالبهم ‏العادلة، ‏‏‏فحظي بشعبية ‏واسعة ‏في ‏أغلب ‏المحافظات، ‏وخصوصاً “‏الجنوبية” منها، أمام فشل “النظام البوليسي” السابق، فشلاً ذريعاً من النيل ‏من ‏شعبيته، في خدير، وأغلب مناطق الجمهورية.

لقد كانت دعوات الكثير من البسطاء، وكل إنسان ‏طالته يد سلطان ‏‏البيضاء، ‏بمساعدة ما، تسبق، بأن يحفظه من كل مكروه، لطالما وأنه لم ‏يوهم ‏أحداً ‏بمساعدة، ‏وبصماته ‏الإنسانية في ‏أغلب ‏عيادات ‏ومشافي ‏الجمهورية، ‏حاضرة، وبشهادة ‏الكثيرين‏ ‏ممن ‏حصلوا ‏على‏ ‏مساعدات وتوصيات، ‏بتخفيضات‏‏‏‏ ‏علاجية ‏ودوائية.

لم ‏ينحصر ‏هذا ‏الوفاء ‏على ‏أبناء المديرية، ‏بل ‏تجاوز الدائرة (40)، ووصل‏ ‏إلى ‏أكثر‏ ‏من ‏دائرة ‏إنتخابية ‏في ‏مديريات محافظة ‏تعز، ‏ومحافظات أخرى، ‏وعلى‏ ‏وجه ‏الخصوص، ‏دوائر ‏المحافظات ‏الجنوبية.

‏خارجياً، ‏خرج ‏المغتربون، ‏والطلاب ‏اليمنيون في ‏الجامعات ‏العربية‏، ‏والأوروبية،‏ ‏إلى ‏الشوارع، ورفعوا صوراً ‏له، للتعبير ‏‏عن ‏وقوفهم‏ ‏معه.

و‏في ‏الداخل، ‏احتفظ ‏الكثيرون ‏بصوره ‏المجسمة، ‏ورفعوها ‏على‏ ‏أسطح ‏منازلهم ‏وجدران ‏محلاتهم‏ ‏التجارية، ‏وعلى ‏مركباتهم، ‏وتفاخروا ‏بها ‏كأوسمة، على ‏صدر ‏قمصانهم، ‏وعلقوها ‏على ‏ميدالياتهم.

يالعظمة ‏ذلك ‏الوفاء ‏الأسطوري ‏الذي ‏ما يزال ‏حديثاً ‏شيقاً لكل ‏أنصار ‏وأصدقاء “سلطان المروءة والتواضع “حتى اليوم!!.

أجل، ‏وهو ‏الذي ‏عاش ‏وانصهر ‏بين ‏الناس ‏البسطاء والمسحوقين في “خدير” وغيرها، ‏وقاسمهم ‏رغيف ‏الخبز ‏والملح، وشاركهم في كثير من أفراحهم وأعراسهم، ‏ومناسباتهم المختلفة، وضاحك ‏رجال ‏وشباب، ومشائخ ‏ووجاهات وطلاب، وأطفال، ويتامى المديرية، بالذات.

وأعتقد أن سلطان، ما يزال يتذكر ذلك، ‏ولم ‏يتنكر ‏لهم، وسيظل، ‏نصيراً ‏وسنداً ‏لكل ‏من ‏عرفه، ‏ومن ‏لم ‏يتشرف ‏بعد ‏الالتقاء ‏به‏.

ولكونه يتحلى بهذه الصفات كشخصية ‏سياسية، ‏تنتمي ‏جغرافياً إلى محافظة ‏تعز، ‏لم يسبق ‏أن حظيت شخصية أخرى، ‏باستقبال ‏شعبي ‏كبير وواسع، ‏مثلما‏ كان الحال ‏في شعبية ‏الشيخ ‏سلطان السامعي،‏ ‏في ‏أغلب ‏زياراته ‏لخدير، ‏ومناطقها خلال العقدين والنصف الماضيين.

‏فإذا ‏ما ‏زار ‏مدينة ‏‏”الدمنة” ‏مركز ‏المديرية،‏ ‏وعلى وجه الخصوص، ماقبل سنوات هذه الحرب، إلا ‏وكان ‏محاطاً ‏بحشد ‏من ‏أبنائها وأبناء ‏المديريات ‏المجاورة، ‏‏(سامع، ‏الصلو، ‏حيفان، ‏صبر، ‏ماوية، حيفان، ‏الحشا).‏ ما يدل ‏على ‏أن هذا ‏الرجل، ‏صنع ‏تلك ‏الشعبية، ‏نتيجة ‏معاصرته ‏أبناء هذه ‏المديرية ‏التي عاش‏ ‏فيها أغلب ‏سنوات ‏عمره.

واصل الشيخ سلطان، نضاله في رفض كافة ‏أشكال ‏الاستبداد والعبودية، والاستئثار ‏بالثروة، والسلطة، ‏وإساءة استخدامها السيىء، ‏فأصدر ‏صحيفة ‏‏”‏الحدث” ‏الأسبوعية، ‏التي ‏أسسها ‏ورأس ‏تحريرها ‏لـ26 ‏عدداً.

كانت الأكثر ‏مبيعاً ‏في ‏مراكز ‏مديريات ‏تعز، ‏الشرقية، والجنوبية، ‏نظراً ‏لجرأة ‏تناولها ‏لقضايا ‏حساسة ‏مسكوت ‏عنها، وكنافذة ‏لكل ‏صاحب ‏قضية ‏ومظلمة،‏ ‏متجاوزة ‏بخطابها ‏السياسي ‏والتحريري، ‏الخطوط ‏الحمراء، ‏في ‏تعريتها ‏للفساد ‏والفاسدين ‏في خدير‏، ‏ومناطق ‏أخرى.

إذ تصدت بالكلمة، ‏للحرب ‏الإعلامية ‏والنفسية ‏القذرة‏‏، ‏ولماكينة الإعلام ‏الرسمي، ‏والموازي ‏لها،‏ ‏وأبواقها المأجورة.

سلطان.. الإنسان ‏الذي ‏لم ‏يستحقر ‏فقيراً ‏أو ‏يسخر ‏من ‏سائل ‏أو ‏مهمَّش، ‏أو ‏يتباهى‏ ‏بعدد مرافقيه‏، ‏أو‏ يقلل ‏من ‏نصائح ‏أصدقائه ‏ومحبيه، ولم ‏يمتعض ‏من ‏نقد ‏سياسي. ‏كبيراً ‏أمام ‏الأقزام، ‏وأرجوازات ‏التهريج.

‏وكثيراً ‏ماكان يترفع ‏عن ‏الرد ‏على ‏سفهاء ‏التواصل ‏الاجتماعي ‏‏(نشطاء ‏حزب ‏الإصلاح)، تحديداً.

‏ورغم ‏اختلافي ‏مع ‏بعض ‏ما ‏كان ‏يطرحه ‏من ‏آراء ‏سياسية، ‏لم ‏يحدث ‏أن ‏أسأت ‏له ‏بتعليق، ‏وكان ‏لي ‏شرف ‏كبير، ‏أن ‏أدافع ‏عنه_‏‏ ‏بأدب ‏شديد‏_ ‏إذا ‏ما طاله أحدهم ‏بتعليق‏ ‏مسفه.

وخاصة ‏خلال عامي 2014م، و 2015م، ‏إذ ‏كان ‏يدير ‏حساباً ‏شخصياً ‏في “‏الفيسبوك”، ‏واختفى ‏بعدها ‏لأسباب‏ ‏أجهلها‏، و‏كنت ‏أؤكد ‏لكل ‏من ‏كان ‏يتهور ‏بمهاجمته ‏بصفاقة ‏وابتذال، ‏أن ‏يلجأ ‏إلى ‏نقده ‏سياسياً، ‏كأفضل ‏وسيلة ‏للاختلاف ‏الخلاق.

وحتى ‏هذه ‏اللحظة، ‏أعتقد ‏أنه ‏من ‏الطبيعي ‏أن ‏يتعرض ‏للنقد، ‏ولكن، ‏دون ‏اللجوء ‏إلى ‏لغة ‏التجريح، أو الشتيمة.

إذا ما أردنا أن نمر على شريط جرائم ‏الكثير ‏من ‏المشائخ، ‏فليس ‏لها ‏أول ‏ولا ‏آخر، إلا ‏من ‏رحم ‏ربي، ‏غير ‏أن ‏مسيرة ‏الشيخ ‏سلطان، ‏النضالية، خالية من أي ‏قضايا فساد مالي.
ويجمع الكثيرون على أنه إذا كان خالياً من أية ‏سلبيات، ‏فإن ‏إيجابياته ‏كثيرة، وإذا ‏كانت ‏له ‏مآخذ، ‏فحسناته ‏التي ‏نعلمها، ‏وما لا ‏يعلمها إلا ‏الله ‏كثيرة، ‏فلا ‏أحد ‏يخلو ‏أصلاً ‏من ‏أي ‏مساوئ، ‏لأن ‏الكمال ‏لله ‏وحده.

لم يحدث أن ‏هدّد ‏أو ‏توعد، ‏أو ‏روّع ‏ ‏شخصاً ما، ‏أو ‏اقتحم ‏مرفقاً ‏حكومياً، ‏أو ‏أهلياً ‏أو ‏قضائيا، ‏أو اختطف‏ ‏قاضياً ‏أو‏ ‏محامياً‏ ‏أو ‏سجيناً، ‏تحت ‏تهديد ‏السلاح، ‏أو ‏تورط بممارسة ‏الضغط ‏على ‏أي ‏مسؤول ‏قضائي، ‏أو ‏أمني،‏ ‏لإجباره ‏على ‏تحريف‏ ‏سير ‏اجراءات ‏قضية ‏جنائية ما، أو ‏أنه ‏تستر على ‏عناصر ‏مطلوبة ‏أمنياً.

ما غدر ‏أو ‏خان ‏رفيقاً‏، ‏وما‏ مارس الوشاية على أحدٍ، ‏أو ‏حرّض ‏أو ‏شجع ‏على ‏البلطجة، ‏في ‏هتك ‏أعراض ‏الناس ‏في ‏الأسواق، ‏والأرياف.

لم يثبت أن أهان أو اعتدى، أو حتى مرافقوه_ باطلاً على أيٍ من رعاياه_ كائنًا من ‏كان‏، أو عرَّض حياتهم ‏للخطر، أو استعبدهم، ‏أو استولى ‏أو ‏صادر، ‏أو ‏اغتصب ‏أملاكهم، ‏أو ‏أجبرهم كرهاً ‏على‏ ‏تخصيص واستقطاع ‏مبالغ ‏مالية لصا‏لحه، ‏من ‏ريع ‏محاصيلهم ‏الزراعية، ‏(‏ريع ‏مزارع ‏القات)، خصوصاً‏.

أو ‏أنه فرض ‏عليهم تقديم ‏رؤوس ‏من ‏ثرواتهم‏ ‏الحيوانية، ‏وماشابه ‏ذلك، أو اشترط ‏عليهم ‏‏سلفاً – دفع ‏مبالغ ‏نقدية – ‏مقابل ‏حل ‏قضاياهم ‏الاجتماعية، ‏والأسرية، ‏ونزاعاتهم ‏المختلفة ‏والمعقدة،‏‏‏‏ ‏منها.

بل‏‏‏‏ ‏كثيراً ‏ما ‏كان ‏سباقاً ‏إلى ‏تقديم ‏غرامات ‏مالية، ‏مستحقة، ‏إذا ‏ما ‏فُرضت ‏على ‏أحد ‏الأطراف، ‏عرفاً ‏وقانوناً، ‏وعجز‏‏ ‏الطرف ‏الآخر ‏عن ‏دفعها‏.

ما ‏مارس الاحتيال، و‏اللصوصية، ‏للحصول ‏على ‏أموال ‏من ‏الدولة، ‏أو ‏من ‏رجال ‏المال ‏والأعمال، ‏داخلياً ‏أو ‏خارجياً،‏ ‏بغية ‏إقامة ‏مشاريع ‏وهمية، وما ابتز تاجراً ‏أو ‏ثرياً، أو جهة ‏خارجية ‏داعمة ‏لمشاريع تنموية، أو خيرية، ولم ‏يُثبت ‏أن ‏قدم ‏كشفاً ‏بأسماء ‏رواتب ‏مجندين وهميين، أو العكس، ‏إلى ‏جهة ‏عسكرية ‏رسمية، ‏للتربّح ‏منها، ‏بصورة ‏أو ‏بأخرى.

وحتى لم يحدث أن عمد إلى لفت ‏أنظار ‏الآخرين، في الاستعراض بمرافقيه، أو بتجاوزه إشارات ‏المرور، ‏كما ‏هو ‏حال ‏بقية ‏المسؤولين.

لم يتورط في ارتكاب‏ ‏انتهاكات ‏بحق ‏أبناء عمومته، ‏‏أو ‏تطاول،‏ ‏أو ‏مرافقيه، على ‏طاعن ‏في ‏السن. لم ولن‏، ‏يثبت – ‏وما ‏سمعنا – ‏حتى ‏‏”إشاعة” ‏أن ‏رجلاً ‏اشتكاه، ‏على ‏خلفية ‏قضية ‏ما، ويكفيه فخراً وشرفاً أنه الشيخ الذي ما تورط يوماً ‏بتخصيص سجون سرية لرعاياه، مخالفة للقانون، أو قام بإذكاء صراع قبلي في منطقته، أو مناطق أخرى.

إنه هذا الشاهق كجبل سامع، الذي انتصر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لكرامة رعاياه. ورغم ما تعرض ‏له ‏سلطان ‏‏(أبو علاء)، ‏نجل ‏الشهيد ‏أحمد ‏عبد ‏الرب ‏السامعي، ‏‏(1981) ‏من ‏ملاحقات ‏ومضايقات سلطوية، ‏رعناء، ‏لم ‏يتنازل ‏عن ‏مبادئه ‏مقابل ‏‏مصالح‏ ‏شخصية‏.

طوداً ‏شامخاً، ‏ظل،‏ ‏وما يزال، ‏يناهض ‏العنف ‏ويبادر ‏إلى ‏تقديم ‏المبادرات ‏السياسية، ‏في ‏كل‏ ‏أزمة ‏لحقت ‏بالوطن، ‏وقوبلت ‏بارتياح ‏وترحيب ‏شبه ‏جمعي، ‏وتجاهلها ‏النظام السابق، مثلها ‏مثل ‏بقية ‏المبادرات ‏السياسية ‏الأخرى، ‏التي ‏قدمتها ‏أحزاب، ‏وشخصيات سياسية ‏عريقة.

‏لم ‏ينحنِ ‏لاستبدادية ‏سلطة ‏النظام ‏السابق، ‏ونافذيها ‏السيئين، ‏أو‏ ‏تهتز له شعرة ‏من ‏رأسه، ‏ولم ‏يلوذ ‏بالخارج لطلب ‏اللجوء السياسي، ‏وفضل ‏أن ‏يناضل ‏سلميا، ‏ويقاوم ‏بالكلمة، ‏من ‏قلب ‏الوطن، كل ‏انتهاك، ‏طال ‏أبناءه، ‏ ومناضليه، ‏ورموزه ‏الوطنية، وما كان جباناً في ‏مواجهة ‏السلطة، ‏ومقارعة ‏سياساتها، ‏الحجة بالحجة،‏ ‏في ‏كثير ‏من ‏المنعطفات ‏الحرجة، ‏والأزمات التي ‏اختلقتها تلك السلطة الغاشمة.

أسس من قلب مدينة تعز، المؤتمر الجماهيري الأول، وفي عام 2010م، قال ‏في ‏حوار ‏صحافي: ‏سنزلزل ‏الأرض ‏في ‏تعز ‏تحت ‏أقدام ‏السلطة ‏الفاسدة. وهناك ‏مقولةّ أخرى، له، ‏لا ‏أدري ‏إن كان ‏قالها ‏لمليونير ‏خديري، ‏أم ‏لا؟: ‏لو ‏كنت ‏أمتلك ‏ربع‏ ‏ثروتك ‏لقلبت ‏خدير ‏‏”تحت ‏فوق”، ‏أي ‏رأساً ‏على ‏عقب.

‏وهو ‏بذلك ‏يقصد ‏أنه‏ ‏بإمكان ‏ذلك ‏المليونير ‏أن ‏يكون ‏رقماً ‏صعباً ‏في ‏المنطقة‏، ‏لا ‏مُهدداً ‏من ‏قبل ‏مراكز ‏النفوذ‏ ‏السلطوي.

خلال تمثيله لأبناء الدائرتين (40، و68) ‏ظل ‏صوته ‏مرتفعاً ‏في ‏كل ‏مناسبة، ‏ومحفل ‏سياسي ‏واجتماعي، ‏في ‏الدفاع ‏عن ‏قضاياهم ومطالبهم ‏العادلة، واستطاع ‏أن ‏يحظى ‏بشعبية ‏واسعة ‏في ‏بقية ‏المحافظات، ‏وخصوصًا، ‏الجنوبية، ‏منها.

من قبة البرلمان، استمر يناضل في تأدية واجبه النيابي مع ‏زملائه ‏الوطنيين، أمثال الراحلين: أحمد ‏الربادي، ‏يوسف ‏الشحاري، ‏وعبد ‏الحبيب ‏سالم، ونواب آخرون، لايزالون على قيد الحياة، ‏صوتاً واحداً، ومرتفعاً ‏في ‏رفض ‏التصويت على الصفقات المشبوهة، ‏والقوانين ‏‏الـ”سيئة ‏الصيت”.

لم يمارس ‏التدليس ‏السياسي، ‏ولم ‏يكن ‏موارباً ‏في ‏مواقفه ‏وتصريحاته، ‏ولم ‏يضلل ‏الرأي ‏العام بإطلاق ‏التصريحات، ‏للاستهلاك ‏‏الاعلامي، أو بهدف البحث عن ‏الشهرة، بل كان ‏واضحاً ‏وصريحًا.

نعتقد أنه من ‏الصعب ‏أن ‏نجمل في ‏هذه المقالة المتواضعة، كل المحطات النضالية ‏لشخصية وطنية ‏بحجم‏ ‏المناضل ‏الكبير، ‏سلطان ‏أحمد ‏عبد ‏الرب ‏السامعي، ‏وصفة ‏‏”المناضل” ‏لاتنطبق ‏إلا ‏على ‏الرجال ‏الشرفاء، ‏فحسب، ولغة واصطلاحًا: ‏هو ‏من ‏يدافع ‏عن الحقوق ا‏لسياسية، ‏والاجتماعية.

يقول الإمام علي ابن أبي طالب: قدر الرجل على قدر همته، ‏وصدقه ‏على ‏قدر ‏مروءته، وشجاعته ‏على قدر أنفته، وعفته ‏على ‏قدر غيرته.

‏علينا ‏أن ‏ننظر ‏في ‏الحسبان، ‏إلى أنه ‏مهما ‏طال ‏أمد ‏الحرب، ‏فلا ‏بد ‏أن ‏تضع ‏أوزارها، ‏ويتوصل‏ ‏الخصوم ‏السياسيون ‏إلى ‏سلام ‏عادل ‏ونهائي، ‏ثم ‏يبدأ ‏اليمنيون ‏المشاركة ‏في‏ ‏رسم ‏خارطة‏‏ ‏مستقبل ‏يمني ‏جديد، ‏بالقبول ‏ببناء ‏دولة ‏المواطنة، ‏والعدالة ‏والتسامح،‏ ‏عبر ‏الإجماع ‏على ‏دستور يحمي ‏حقوق ‏كل ‏يمني، ‏للترشح ‏لمنصب ‏‏(‏رئيس ‏الجمهورية).

فإذا ‏ما ‏تحققت ‏هذه ‏الآمال، ‏فإن ‏قبول ‏الشيخ سلطان السامعي، ‏بتمثيل ‏أبناء الشعب ‏بهذا ‏المنصب، ‏سيكون‏ ‏انتصاراً ‏لهم، ‏وللسواد ‏الأعظم، ‏ولمبادئ‏ ‏كل ‏يمني ‏شريف، ‏يؤمن ‏بوطن ‏خال ‏من ‏الاستبداد، ‏والوصاية ‏السعودية، ‏بالذات.

كما ‏أنه ‏يعد ‏انتصاراً ‏لتعز، ‏التي ‏عانت ‏ويلات ‏الحروب، ‏وتهميش ‏دورها ‏السياسي ‏والنضالي، ‏خلال ‏العقود ‏الماضية، ‏إن ‏لم ‏نقل ‏رد ‏الاعتبار ‏لكل ‏مواطن ‏تعزي، ‏خصوصاً، لكون سلطان، ‏يحظى ‏بقبول ‏شعبي ‏وسياسي، ‏منذ ‏وقت ‏مبكر، ‏يؤهله ‏لخوض ‏المنافسة‏ ‏الشريفة ‏مع ‏بقية ‏المتنافسين ‏الشرفاء، ‏وما ‏أكثرهم.

فمناقبه الكثيرة، وسجله الوطني العريض، لا تضاهيه أي شخصية سياسية، أو عسكرية، أو قبلية، في محافظة ‏تعز، وقد أكون ‏مخطئاً.‏

ما ‏ننشده في سلطان السامعي، ‏بعد نصف قرن من النضال، ‏إذا ‏ما ‏وصل ‏إلى ‏السلطة، ‏عبر ‏انتخابات ‏نزيهة، ‏أن‏ ‏يكون ‏رئيسا ‏مستقبلياً لليمن..

نعم.. ‏إنه ‏ابن ‏تعز، ‏واليمن‏ ‏الكبير، ‏الذي‏ ‏عرفناه ‏مناضلاً ‏جسوراً ‏منذ ‏صباه، ‏ينشد ‏الدولة ‏المدنية، ‏ولا يزال، وهو كذلك ‏في ‏نظر ‏الملايين ‏من ‏شرفاء ‏الوطن، ‏رمزاً ‏وطنياً ‏مخلصاً ‏لكل ‏مبادئه ‏الوطنية، ‏التي‏ ‏نعتز بها، ‏ويعتز ‏هو ‏بها.

ولعلَّ ‏إذا ‏ما ‏أطال ‏الله ‏في عمري، ‏أن ‏أصافحه ‏يوماً ‏في ‏بلاط ‏رئاسة ‏الجمهورية، ‏فنجلي‏‏‏ ‏وضاح، “15عاماً” ‏سيكبر، ‏وسيبارك ‏له، ‏مع ‏إخوته ‏‏”حبيب، ‏وأحمد‏، ونشوان”‏، ‏وسيصافحونه، ‏إذا ‏ما ‏باركت ‏فوزه ‏السماء، ‏بمنصب ‏رئيس ‏الجمهورية، ‏ولسان ‏الحال‏ ‏يقول ‏في ‏الأثناء، ‏باسم ‏جماهيره ‏العريضة: ‏إنا ‏لمشتاقون ‏لهذا ‏اليوم،‏ ‏ياسيادة ‏فخامة ‏رئيسنا ‏المُنتَظَر، بإن الله.‏

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى