هل ستنجح فكرة التكتل السياسي للاحزاب في اليمن..؟! ومالذي تسعى السعودية لتحقيقه..؟
وهل سيصمد الانتقالي في وجه المساعي السعودية لتقليم اضافره..؟
يمنات – خاص
أنس القباطي
يبدو التكتل السياسي الذي سيعقد اجتماعه التأسيسي الثلاثاء 5 نوفمبر/تشرين ثان 2024 في مدينة عدن، جنوب اليمن، محاطا بكثير من المخاوف التي تهدد بانهياره.
اهداف التكتل
التكتل بحسب ما يجري تداوله اعلاميا مكون من 21 حزب وتنظيم ومكون سياسي، ويهدف إلى تحقيق عددا من الاهداف، أبرزها استعادة الدولة اليمنية، وتوحيد القوى لمواجهة (التمرد وإنهاء الانقلاب)، وحل القضية الجنوبية في إطار وطني، والحفاظ على النظام الجمهوري، وسيادة الدولة، بحسب ما اورده موقع “عدن الغد”.
غياب الانتقالي
ومن ابرز المخاوف التي تعيق تحقيق اهداف هذا التكتل، اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، عدم مشاركته في الاجتماع التأسيسي.
وفي هذا السياق قال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، سالم ثابت العولقي، ان المجلس الانتقالي يؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل او الانشطة الخاصة به، مبينا ان المجلس سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.
والمجلس الانتقالي هو سلطة واقع في محافظة عدن وعدد من المحافظات المجاورة، وعدم مشاركته تعني ان المجلس لن يسمح للتكتل بممارسة انشطته في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، والمحافظات الواقعة تحت سيطرته.
خلافات
والى جانب ذلك فإن هذا التكتل لن يحقق شيئا من الاهداف التي اعلن عنها، نظرا لان مكوناته الفاعلة، هي ذاتها مكونات (الشرعية) التي تمثل الطرف الذي يقاتل انصار الله” الحوثيين”، فضلا عن الخلافات التي ظهرت الى السطح خلال سنوات الحرب.
ضغوط سعودية
سماح الانتقالي باعتباره سلطة امر واقع بانعقاد هذا الاجتماع في عدن مؤشر على ضغوط سعودية مورست عليه، جعلته يقبل بعقد الاجتماع في عدن عن مضض، غير، انه لن يشارك فيه، وعدم مشاركته تعني اعلان فشله قبل ان يعقد، لأن مخرجاته لن تحد طريقها للتنفيذ.
غير فاعلة على الارض
المكونات المشاركة في الاجتماع معروف عنها قربها من السعودية، واغلبها غير فاعلة على الارض، في حين ان بعضها شاركت في التكتل نزولا عند رغبة السعودية حتى لا تثير غضب الديوان الملكي، او انها ترى في التكتل فرصة مواتية للعمل السياسي لتحقيق اجندات مختلفة تعمل عليها، مستفيدة من الدعم السعودي.
خلاف سعودي اماراتي
وفي الوقت ذاته فإن عدم مشاركة الانتقالي المحسوب على الامارات، يعد مؤشرا على خلافات سعودية اماراتية في اليمن، ما يعد نذيرا بفشل التكتل سلفا، لان القوى المشاركة في التكتل ليست حاضرة على الارض في عدن على الاقل، وليس لها تأثير على التشكيلات العسكرية التي تسيطر على عدن وما جاورها من المحافظات، وبالتالي لا تستطيع توفير الحماية الأمنية لقياداتها ان عادت إلى عدن، كحد ادنى.
المكونات المشاركة
وبحسب “عدن الغد” فإن المكونات المشكلة في التكتل السياسي هي: المؤتمر الشعبي العام، التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، الحراك الجنوبي السلمي المشارك، حزب الرشاد اليمني، حزب العدالة والبناء، الائتلاف الوطني الجنوبي، حركة النهضة للتغيير السلمي، حزب التضامن الوطني، حزب التجمع الوحدوي اليمني، اتحاد القوى الشعبية، مؤتمر حضرموت الجامع، حزب السلم والتنمية، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب البعث العربي القومي، حزب الشعب الديمقراطي “حشد”، مجلس شبوة الوطني العام، الحزب الجمهوري، حزب جبهة التحرير.
وان كانت اربعة او خمسة من هذه المكونات لديها حضور شعبي في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحاورة، لكنها لا تستطيع تحريكه على الارض، في ظل سيطرة الانتقالي عسكريا على تلك الرقعة الجغرافية.
اجندات سعودية
ومن قائمة المكونات المكونة للتكتل يتضح غياب المكونات التي تدعمها السعودية في محافظة حضرموت مثل مؤتمر حضرموت الجامع، ومجلس حضرموت الوطني، ما يعد مؤشرا على ان السعودية تسعى لانشاء هذا التكتل كمعادل سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، في محافظات عدن ولحج وابين والضالع وشبوة.
وفي ذلك اشارة الى ان السعودية تعمل على اجندة لجعل جنوب اليمن اقليمين منفصلين، تنافس القوى المدعومة منها المجلس الانتقالي في عدن والمحافظات المجاورة، وتستبعد حضوره في محافظتي حضرموت والمهرة، وهو ما يعني ان السعودية تسعى لتوجيه ضربة للانتقالي في جغرافية سيطرته، بعد ان سعت لتحجيمه في باقي المحافظات الجنوبية.
تحجيم عسكري وجماهيري
وفي هذا السياق يقول يقول الكاتب الصحفي المقرب من الانتقالي، صلاح احمد السقلدي ان التحالف العربي، وبالذات السعودية يكثف ضغوطاته على المجلس الانتقالي الجنوبي لتحجيمه عسكريا وجماهيرا وسياسيا اكثر واكثر، وبالذات في حضرموت وعدن، سواءً بشكل مباشر أو عبر وسائل محلية ودولية.
تقرير الخبراء
ويرى السقلدي ان آخر هذه الضغوطات تتمثل فيما أورده تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي الذي دائما ما يكون بنكهة سعودية، والذي صدر (مؤخرا) أمام مجلس الأمن. مبينا ان التقرير مارس ضغوطات وافتراءات على الانتقالي للتخلي عن قواته ،حيث قال التقرير: (.. المجلس الانتقالي الجنوبي لا يزال عازفا عن الانضمام إلى القوات الموحدة تحت قيادة واحدة على نحو ما قرره رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ويفضل أن يظل مستقلا…) انتهى.
ابن دغر
ويعتقد ان احمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الشورى، الذي وصل عدن، مساء الاثنين 4 نوفمبر/تشرين ثان 2024 مع قيادات سياسية سيناط به رئاسة التكتل السياسي، وابن دغر يعد من قيادات الشرعية القريبة من السعودية.
غرق في الظلام
عشية انعقاد الاجتماع التأسيسي للتكتل غرقت محافظة عدن والمحافظات المجاورة في الظلام، نتيجة توقف محطات توليد الكهرباء بسبب نفاد الوقود، وهو مؤشر على ان فشل الحكومة المدعومة سعوديا في توفير وقود لمحطات الكهرباء مؤشر على ان التكتل السياسي المشارك في هذه الحكومية لن يستطيع تحسين قطاع الخدمات التي توشك على الانهيار، فضلا عن الازمة المالية الخانقة التي تعيشها حكومة أحمد بن مبارك، والتي تشهد صراعات بين الاطراف المشاركة فيها، إلى جانب انها اصبحت مجرد حكومة منفى لا وجود فعلي لها على الارض.
انتشار عسكري
ويرى متابعون ان لدى السعودية توجه لتحجيم حضور الانتقالي عسكريا، وان امساكها بعملية التمويل لقوات الانتقالي ستجبره على القبول باعادة هيكلة قواته، وقبول قوات اخرى على الارض ترتبط بمجلس القيادة الرئاسي، غير ان ذلك يبدو صعبا في الواقع الحالي، فالانتقالي نشر قواته مؤخرا في عدن، وحتى مهام الشرطة التابعة لوزارة الداخلية، اوكلها للشرطة العسكرية، والتي يقول اعلام الانتقالي انها ستتولى الضبط المروري وملاحقة مرتكبي الحوادث، وهي من صلب مهام شرطتي المرور والنجدة.
احتواء
يقول صلاح السقلدي ان السعودية تسعى لاحتواء القوات الجنوبية ضمن وزارة الدفاع والداخلية، مشيرا إلى ان ذلك ما يشي به تقرير الخبراء، الذي وصفه بالمريب.
حيلة خبيثة
وبين السقلدي ان هذا الاحتواء سيكون من بوابة تسوية الرواتب والكشوفات العددية.والاصلاحات المالية للوحدات التي نعتها النقرير بالجماعات. معتبرا ان ذلك حيلة خبيثة.
مازق الانتقالي
ويبدو ان السعودية بدات باستغلال المازق الذي وقع فيه المجلس الانتقالي، والذي اثر على حضوره الشعبي، والمتمثل بانه اوجد فوارق طبقية بين قياداته وباقي الموظفين في جغرافية سيطرته، حسب توصيف الدبلوماسي عدنان علي سالم البيض، حيث تعيش قيادات المجلس وقياداته العسكرية والامنية حالة مادية جيدة، لانها تتسلم مستحقاتها بالعملة الصعبة، فضلا عن ما يعود عليها من انوال الفساد الممارس في المرافق التي تديرها، وهو ما اثر، سلبا على القاعدة الشعبية للمجلس، خاصة من الطبقة الوسطى، التي تتسلم مرتباتها بالعملة الوطنية، التي تشهد انهيارا غير مسبوق في قيمتها.
مسؤولية الانتقالي
وهو ما يعترف به السقلدي، الذي قال: مع اقرارنا بوجود فوضى مالية وفساد ومحسوبية مريعة داخل القوات الجنوبية لا يمكن انكارها، ويتحمل الانتقالي مسئولية تصحيحها حتى لا تتحول الى حصان طروادة للغير وتودي به لحتفه.
مصلحة الحوثيين
ضعف حضور المكونات السياسية المرتبطة بالسعودية على الارض، وصراعاتها البينية على السلطة، وتفشي الفساد في الحكومة المشاركة فيها، يضعف حضور السعودية، ويصب في صالح الحوثيين المسيطرين على مناطقهم، وبالتالي يؤدي ذلك الى تقليل مفاعيل الضغوط السعودية على الحوثيين. ويبدو ان السعودية تحاول توحيد المكونات المحسوبة عليها وجعلها كتلة واحدة كي تضغط بها على الحوثيين.
قوة وازنة
لكن غياب الانتقالي الذي يعد قوة فاعلة على الارض في عدن والمحافظات الجنوبية عن التكتل الذي تسعى السعودية لشد ازره سيؤدي الى اضعاف هذا التكتل، او جعله مخرجات اجتماعه التأسيسي مجرد حبر على ورق، فكيف يمكن لتكتل سياسي لا يملك حضور عسكري ان يوجه طرف “الحوثيين” الذي صار قوة وازنة ليس في اليمن وانما في المنطقة، واصبح يملك قوة عسكرية تطورت من 30 الف مقاتل في 2015 إلى اكثر من 200 الف في 2022، لتصبح اليوم اكثر 300 ألف حاليا، بحسب تقرير الخبراء الاممين الاخير.
مقبرة الموتى
ويعتقد السقلدي ان تخلى الانتقالي عن ورقته العسكرية ورضوخه للضغوطات السعودية والأميركية والاممية ستجعله يلتقي بالاشتراكي في مقبرة الموتى السياسيين، حيث سيكون قد صوب في رأسه رصاصة الانتحار، فيما الشعب سيكون الضحية.
الكنس تحت السجاد
ولفت السقلدي ان مرور هكذا سيناريو سيضر بالشمال ايضا، معتبرا ان الحلول الترقيعية والانغماس في حلول المؤامرات لا يحل القضايا، بل يكدسها ويضخمها الى حين، مبينا ان سياسة (الكنس تحت السجاد) اثبتت فشلها وكارثيتها على الكل. متسائلا: هل يصمد الانتقالي أمام العصا ام ينهار أمام الجُزرة.؟!!.
أداة ضغط
ولم يوضح السقلدي كيف سيضر تمرير السيناريو الذي تحدث عنه بالمحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيين، وربما يقصد بذلك ان اضعاف السعودية للانتقالي سيؤدي إلى تشكيل قوات موحدة الى حد ما، تنفذ توجيهات الرياض، وبالتالي تمثل أداة ضغط سعودية ضد الحوثيين.
تحجيم الامارات
لكن لن يتحقق ذلك الا في حال نجحت السعودية في تحجيم الامارات الداعمة للمجلس الانتقالي، الذي يعد القوة العسكرية الاقوى في معسكر الشرعية على الاقل في عدن والمحافظات المجاورة لها، ما يجعله القوة الاقوى عسكريا وتنظيميا بعد الحوثيين.
معركة الحديدة
ومع حالة الوهن التي تعيشها مكونات (الشرعية) فإن الحديث المتداول اعلاميا عن معركة باتجاه الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها الحوثيين، ليست اكثر من فقاعات اعلامية، فكيف يمكن اطلاق معركة في ظل الانقسامات والصراعات التي يعيشها الطرف المناوئ للحوثيين، والذي في الواقع لم يعد طرفا، وانما اطراف متعددة الاجندات.
رؤية اقتصادية
وفي الوقت الذي تسعى فيه السعودية للخروج من حرب اليمن، حتى تتفرغ لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية، والتحول من قوة مصدرة للايدلوجيا الوهابية إلى قوة اقتصادية، فإن دعمها لاي معركة ضد خصومها الحوثيين، سيؤدي إلى انتهاء الهدنة التي صمدت لاكثر عامين رغم هشاشتها، وبالتالي عودة الضربات الصاروخية وهجمات الدرون ضد المنشآت الاقتصادية السعودية.
اهداف وضغوط
وربما يكون الترويج الاعلامي لمعركة الحديدة لهدف تشكيل ضغوط على الحوثيين، بعد ان وصلت مفاوضات السعودية معهم الى طريق مسدود، وهي مفاوضات يمكن وصفها بالشاقة، وان كانت قد اثمرت في الوصول الى تفاهمات مبدئية في بعض الجوانب، إلا انها تعثرت في جوانب ينظر لها الطرفين بانها تمثل لب الاتفاق النهائي.
مستفيدون
وفي المجمل فإن توحيد مكونات المعسكر المناوئ للحوثيين خلف السعودية في غياب الانتقالي يبدو امرا غير مجدي للسعودية، لأن عدم حضور هذه المكونات على الارض في عدن باعتبارها العاصمة المؤقتة، سيعيق حضور الحكومة المعترف بها دوليا ومن خلفها مجلس القيادة الرئاسي، وبالتالي فإن السعودية تبدو مراهنة على تقليم مخالب الانتقالي، وتبقى هذه العملية محفوفة بمخاطر عدة ابرزها فتح باب جديد للصراع بين الانتقالي والتكتل السياسي للاحزاب، ما سيؤدي الى طرد الحكومة المعترف بها دوليا من دوليا، كما حصل اكثر من مرة، وهو ما سيخلق صراع مباشر بين السعودية والانتقالي، لن يكون المستفيد منه سوى الحوثيين، والامارات الحليف الذي صار خصما للسعودية.
ثمن الاخطاء
وعليه فإن الواقع الذي خلفته الحرب على مستوى اليمن بشكل عام والمحافظات التي تديرها الحكومة المعترف بها دوليا يكشف عن حجم الاخطاء الفادحة التي ارتبكها التحالف السعودي، والذي حول الجغرافيا اليمنية الواحدة الى كنتونات تحكمها سلطات واقع متصارعة، صارت اليوم تشكل متاعب امنية واقتصادية للسعودية بدرجة اساسية، باعتبارها الجار الاقرب الذي يتأثر بالواقع السياسي والامني في جارتها الجنوبية، والتي يرتبط استقرارها باستقرار السعودية.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا