حقوق وحريات ومجتمع مدني

السعودية تذيق أسرة الحودلي ألوانا من العذاب وتجبر المخابرات اليمنية على اعتقالهم

المستقلة خاص ليمنات

سجينة عمرها شهران منعوا عنها الرضاعة وأجبروا والدتها على الوقوف 12 ساعة يومياً حتى تفطر جسدها

بعد ما يقرب من ثمانين عاماً قضاها العشرات من أفراد أسرة “الحودلي” اليمنية، بأجيالهم وأعمارهم المختلفة، في خدمة السعودية أرضاً وشعباً وتنمية ومعرفة، صارت هذه الأسرة العريقة ضحية لسطوة وغضب وتنكيل واضطهاد السلطات الأمنية في المملكة، ليس لشيءٍ عدا انجرار هذه السلطات خلف شبهات ودسائس ووشايات وادعاءات مضللة، بالإضافة إلى تعمد معاقبة هذه الأسرة بسبب أصولها العرقية والمذهبية التي يعود نسبها إلى آل البيت ضمن الأسر المعروفة بـ “السادة”، لا أكثر..

اربعون فرداً من أسرة الحودلي غالبيتهم نساء وأطفال تعرضوا للاعتقال والتعذيب والترويع بعد اقتحام منازلهم وإرهاب عائلاتهم، ومن ثم اقتياد كل من فيها إلى المعتقلات والزنازين التابعة للمباحث العامة دون تفريق بين رجلٍ وامرأة وطفل رضيع أو مسن عاجز، أو صحيح أو مريض، كل ذلك بشبهة لا أساس لها، سوى ترويجات وشائعات ودسائس  تناقلها والتقطها المخبرون تفيد في مجملها بأن أحد أفراد هذه الأسرة وهو “محمد عبده صلاح شيخ حودلي- 39 عاماً” والمعروف بمحمد عبدالله اشتبهت به السلطات بكونه المهدي المنتظر، رغم أنه لم يدع هو  ولا أحد من أفراد أسرته بذلك..

ليتم حينئذ معاقبة الأسرة كلها والتنكيل بها، وترحيل أفرادها المفرج عنهم من السجون إلى اليمن (رغم ارتباطاتهم بأعمالهم وممتلكاتهم هناك)، بينما لا يزال عدد منهم يتعرضون للتعذيب والاضطهاد في سجون وزنازين المملكة وتحت سطوة جلاديها ومحققيها، وفقاً لما نقله صلاح حودلي أحد أشقاء “محمد” والذي كان أحد المعتقلين مع أفراد عائلته وتم ترحيلهم بعد الإفراج عنهم..

مأساة أسرة آل الحودلي، وكما ينقلها لنا أحد أفراد الأسرة (صلاح عبده حودلي) فقد كانت تعيش في مكة المكرمة آمنة مطمئنة، حتى جاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2008، وبفعل مشاهد القتل والدمار التي ألهبت صدور العرب والمسلمين، وخروجهم في مسيرات ومظاهرات منددة بالعدوان، سجل محمد حودلي محاضرة دعا فيها المسلمين إلى مواجهة الصهاينة وتحرير الأقصى، تلك المحاضرة أغضبت النظام السعودي المعتمد على سياسة القمع وتكميم الأفواه، فسعى إلى اعتقال محمد، وعندما شعر محمد بالخطر غادر الأراضي السعودية إلى وطنه اليمن حيث أنه ينتمي إلى قرية كرعة- الحوادل، محافظة ريمة، وبمغادرته اشتعلت نار الغضب والنقمة لدى السلطات السعودية، فأقدمت وفي أوقات متتالية منذ فبراير 2009، على تنفيذ سلسلة اعتقالات تعسفية طالت جميع أفراد أسرته، والكثير من أصدقائه، ومن ضمن المعتقلين طفلته الرضيعة التي لا يتجاوز عمرها شهرين، مع امها التي لم تكن قد تعافت من آلام الولادة، والتي تم ضربها ولطمها وكان التحقيق معها يستمر من الساعة 10 مساء حتى 10 صباحاً وهي واقفة ورافعة يدها إلى الأعلى ومقيدة حتى أغمي عليها، كما أنها حرمت في أوقات كثيرة من إرضاع طفلتها وإجبارها على طلب الطلاق من زوجها محمد، وكما يقول صلاح، فإنه بالإضافة إلى زوجة محمد وطفلته الرضيعة، اعتقلت شقيقته التي لم يمر على زواجها سوى أسبوعين فقط..

لقد مارست السلطات السعودية كل أشكال الانتهاك والقمع والاضطهاد بحق أسرة الحودلي، شملت مداهمة منازل الأسرة ليلاً ونهاراً، واعتقال أفرادها بما فيهم النساء والأطفال والمسنون والمرضى، بطريقة تعسفية ومعاملتهم بإذلال ومهانة، وحرمانهم من التواصل مع من يهمهم أمرهم خارج السجن، وعدم السماح لهم بتوكيل محامين للدفاع عن أنفسهم، وبالرغم من عدم توجيه تهم واضحة ومحددة لهم، إلا أنهم- وفقاً لما نقله صلاح- تعرضوا لكل أصناف التعذيب والمعاملة القاسية والضرب والسب واللعن والإيذاء اللفظي والجسدي والاعتداءات المختلفة، ومنها القيود في يدي وقدمي عبده الحودلي والد المطلوب محمد، والذي يبلغ من العمر ثمانين عاماً، ورغم مرضه لم تزل عنه القيود حتى في المستشفى، فتدهورت حالته النفسية وحاول الانتحار، وأصيب بمرض خبيث ثم توفي بعد أشهر.. كما أن آمنة والدة محمد 60 عاماً ورغم إصابتها بالربو كان المحقق ينفث الدخان في وجهها داخل الزنزانة والباب مغلق، وهي تستغيث به وتخبره أنها مصابة بالربو وهو يصرخ في وجهها “كذابة”..

يروي صلاح أيضاً أن خوات محمد (فاطمة، عهود، سمر) وزوجة أخيه وأخويه (صلاح، علي) وأطفالهم وعدد من أقربائه، تعرضوا لانتهاكات جسيمة أثناء اعتقالهم في الزنازين، وتعرضوا للضرب المبرح والوقوف لساعات طويلة تصل إلى يومين متتاليين، وتبريد الزنازين إلى درجة برودة شديدة، وتركهم في البرد دون فرش أو لحاف، حتى أصيب غالبيتهم بحالات نفسية وهستيريا وأمراض مزمنة، وكان القائمون على السجن يضعون الصراصير والحشرات والديدان في طعام المساجين من الأسرة وخصوصاً النساء، لقد تورمت وجوه عدد منهم بسبب اللطم، وصعق بعضهم بالكهرباء، وتمزقت ظهورهم بسبب الضرب المبرح، بأسواط في أطرافها قطع حديدية، ورغم الافراج عن النساء والأطفال وعدد من اخوان محمد بعد نحو سنة  من اعتقالهم، فإن معاناتهم ما زالت مستمرة وخصوصاً من تبقى منهم في السجون.. أما الأطفال ذكوراً وإناثاً والكبير منهم عمره أقل من سنة، فقد تعرضوا لحالات نفسية وأضرار صحية كثيرة، ونقل بعضهم إلى المستشفى وظلوا لأشهر في وضع مأساوي، ليتم الإفراج عنهم بآلام ومآس سترافقهم بقية حياتهم..

ويطالب صلاح عبده الحودلي عبر المستقلة بالإفراج عن بقية المعتقلين على ذمة القضية (من الأسرة ومن غير الأسرة).. كما يطالب بتعويض الأسرة عما لحق بها من أضرار فادحة نتيجة الاعتقال والترحيل من السعودية إلى اليمن، متمسكاً بحقهم في العودة إلى منازلهم ومنحهم اقامات نظامية حيث أنهم لم يرتكبوا ما يستحق ابعادهم عنها، مؤكداً أن أسرة حودلي لا يخصها أمر المهدي من قريب أو بعيد، وأن أخاه محمد لم يدع لنفسه ذلك، مطالباً السلطات اليمنية وعلى رأسها الأخ رئيس الجمهورية ووزارات (حقوق الإنسان، والخارجية، والمغتربين) بالوقوف إلى جانب الأسرة من أجل استعادة حقوقها المهدورة ورد الاعتبار لها والعمل من أجل الإفراج عن بقية المعتقلين..

زر الذهاب إلى الأعلى