أخبار وتقارير

سنارة صعدة.. سحر لا يقاوم ومتعة لا توصف

المستقلة خاص ليمنات

لم تستطع السنوات والعقود التي مضت متسارعة، ومعها مضى جيل بعد جيل، أن تمحو من ربوع السعيدة سحر الأماكن التي كان لها ألف شأن وشأن، في غابر الأحقاب ومن هذه الأماكن التي مازالت شاخصة للعيان “القلاع” التي تميزت بها عدد من المحافظات اليمنية، وكان لها من الأهمية والقيمة الكثير.. وتعتبر صعدة من المحافظات التي حفلت بالقلاع وتزينت بها، وإحدى هذه القلاع الشهيرة في المحافظة قلعة “السنارة” التي تمثل شاهداً تاريخياً، ومعلماً عمرانياً مهماً، وتقع القلعة في الجهة الشمالية الشرقية فوق إحدى القمم المطلة على مدينة صعدة، ويناظرها من الجهة اليمنى قلعة “العبلي” ومن اليسرى قلعة “الصمع”..

دقة وضخامة

زائر القلعة يجد نفسه في مكان متميز وفريد، وأول ما يجده هناك السور الذي يحيط بالسنارة والذي يضم من الأربع الجهات أبراجاً للمراقبة والحراسة (نوبة)، تم بناؤها للجنود المكلفين بحراسة القلعة وحمايتها من أي خطر داهم، وعند عبور البوابة تفتح القلعة حضنها للزائر وتستقبله بملامحها ومكوناتها الجذابة، ومآثرها التي لا توجد في غيرها، وتضم القلعة عدة أقسام وبها أكثر من 360 غرفة..

قيود الحرية

عند دخول القلعة يرى الزائر إلى جهته اليسرى “سجن القلعة” وبالقرب منه الحجر المستطيل المستخدم لتقييد السجناء إليه، بحيث لا يستطيع المعتقل المشي خصوصاً إذا كان القيد كبيراً، ويوصد على المساجين باب خشبي كبير شديد الإحكام..

نقوش وزخارف

تضم القلعة تفاصيل كثيرة تلفت النظر، ومن ذلك، النقش على الحجر الموجود في إحدى واجهات جامع القلعة، ويوضح النقش من قام ببناء الجامع وتاريخ بنائه، مع استهلالة بسيطة، ويوجد نقش على قطعة خشبية تعلو بوابة إحدى الغرف إلا أن حروف هذا النقش غير واضحة تماماً مما يجعل معرفة ماتشير إليه غير متاحة، ويعبر النقش عن مستوى المهارة التي تمتع بها العمارون اليمنيون في الماضي.

ناظرة القلعة

تحتوي القلعة على مبنى رئيسي يطلق عليه “الناظرة” وهو مخصص للحاكم أو القائم بمهام الدولة، يمارس فيه مسؤوليته وأعماله اليومية، مثل الفصل بين الناس المتخاصمين، ويتكون المبنى من أربعة طوابق، وطيرمانة للراحة أعلى المبنى، وهي تشبه تاجاً على رأس عروس في ليلة زفافها..

عند الصعود إلى سطح القلعة، يمكن مشاهدة مدينة صعدة في منظر رائع يتبادل معه الزائر مشاعره وانطباعاته، ويسترجع صفحات ناصعة من تاريخ الوطن الذي تميز بالمآثر التاريخية والشواهد الحضارية، تلك المآثر التي تعاني اليوم مخاطر الزوال والاندثار بسبب الإهمال الرسمي والتجاهل المستمر..

سوق تاريخي

تتعدد أقسام القلعة وتتنوع، فبالقرب من السجن يقع دكان الجزار الذي يمارس كسب عيشه من هذا المحل، وللخيل مكان آخر (اصطبل) مخصص لرعايته وسياسته والاهتمام به، وفي القلعة طاحون بدائي قديم يعود إلى ما قبل عدة قرون، وهناك طاحون آخر أحدث منه يعود إلى العهد العثماني، ويقوم المزارعون بطحن حبوبهم فيه، وبجوار الطاحون هناك سلسلة دكاكين صغيرة لبائعي الخضروات، حيث تمثل صعدة سلة غذاء اليمن، وتغطي بمنتجاتها الزراعية أكثر من 38% من احتياجات السوق اليمنية.

خزانات مائية

تتميز قلعة السنارة باحتوائها على مصادر داخلية للماء، حيث يوجد خزان رئيسي يستخدم لحفظ الماء إلى الاوقات الحرجة مثل الحصار أو الأزمات الأخرى، ويتميز ماء الخزان بدرجة عالية من الصفاء وهو متوسط البرودة، كما توجد في القلعة (برك) أخرى للماء تابعة للمسجد الملحق بالقلعة.. وما أن يحين موعد مغادرة القلعة حتى يكون الزائر قد حظي بوقت ممتع ونال قسطاً من المعرفة التاريخية، لواحدٍ من أبرز المعالم الحضارية في المحافظة..

زر الذهاب إلى الأعلى