جمال عامر
ليس من قبيل التباهي أو استدعاء البطولة بأثر رجعي حين نذكِّر بموقف صحيفة الوسط المساند دائما لحق الجنوبيين، من خلال فتح صفحاتها منذ إصداراتها الأولى في 94 لكل صوت جنوبي عبر عن رفض ظلم أو طالب بحق.
كان ذاك حين لم تكن هناك وسائل إعلامية مستقلة غير الأيام توصل هذه الأصوات مع بواكير رفض كان مازال خجولا لهيمنة سلطة الشمال على الجنوب، ودفعت الصحيفة ثمنا حين سحب ترخيصها وتوقفت لأكثر من شهر بعد توصية من لجنة الأزمات التي كان يرأسها نائب الرئيس، آنذاك، عبد ربه هادي وبتهمة تأجيج الفتنة والدعوة للانفصال.
والتذكير هنا ليس من أحد دواعيه طلب اعتراف أو إزجاء تقدير باعتبار أن ما قامت به الصحيفة حينها وما زالت يعد واجبا أخلاقيا قبل أن يكون فرضا مهنيا باعتبار أن ظلما بينا كان يمارس باستعلاء وعنجهية وصلت حد الإذلال، ولم يكن بمقدور أي صحفي، يحترم نفسه، أن يقف وسطا في منطقة رمادية بين حق وباطل أو أن يمسك العصا من وسطها اتقاء لنوائب السلطة.
ومن المنطلق نفسه نتوجه اليوم لقادة الحراك وناشطيه والمؤثرين من أبناء الجنوب وفي مقدمتهم المشايخ والعلماء بأن لا يكون تعبيرهم عن رفض الظلم بظلم مظلومين مثلهم كل جريرتهم أنهم من المناطق الشمالية دفعهم الظالم نفسه لهجر أسرهم وقراهم للبحث عن لقمة عيش حلال تسد رمق من يعولون وتقيهم ذل الحاجة.
هؤلاء العمال والتجار وأصحاب البقالات والمطاعم والباعة المتجولون، بالتأكيد ليسوا غرماء الجنوبيين لأنهم بينهم وتحت سمعهم وبصرهم يتبادلون معهم المنافع, لم يسطوا على أرض كما لم ينهبوا ثروة أو يقصوا موظفا، مدنيا كان أو عسكريا.
غرماء الجنوب والشمال هناك في قصورهم المشيدة محاطون بحراستهم حيث لا يمكن رؤيتهم إلا حين يقذفون حمم كذبهم ويستعرضون تفاهاتهم من وراء الميكرفونات على شاشات التلفزة أو عبر الصحف الممولة.
تلقت الصحيفة مناشدات عدة وحضر العديد من هؤلاء الذين تم طردهم من مناطق عدة في الجنوب وبالذات من حبيلين الضالع الذي تم إغلاق ما يزيد عن مائتين وخمسين دكانا ومطعما منذ العشرين من شهر ديسمبر الماضي بعد أن خيروا بين الرحيل أو الموت فاختاروا الرحيل لأنه يحمل أملا في طيات علقم مرارته.
والسؤال هنا: ما الذي سيضيف طرد هؤلاء وتعسفهم لعدالة القضية الجنوبية وما هو الضرر الذي سيلحق بالسلطة ونافذيها الذين لم يكفوا بعد عن حلب ضرع الجنوب قبل أن يجف أو يبلى؟.
نداء نكرره لقادة الحراك، وبالذات الدكتور ناصر الخبجي والاستاذ صلاح الشنفرة والأخوين طاهر طماح وشلال شائع وكل من يستطيع أن يزيل ظلما ويصلح اعوجاج، أن يفعل على الأقل لإزالة ما علق بالحراك من تصرفات شاذة قام بها غاضب يائس أو مندس يريد تلطيخ قضية عادلة بحرفها عن مسارها وإظهار الحراك كحركة عنصرية لا تتوافق أبدا مع ما يتم المطالبة به من إزالة حيف وتحقيق عدل إذ ليس للظلم إلا معنى واحد لا يتغير بتغير المكان ولا الحال.
وفي الأخير لا يمكن هنا تجاوز الشخصية المناضلة والحكيمة الذي أعرفه ويعرفني منذ زمن طويل، الدكتور محمد حيدرة مسدوس، لكي يعمل شيئا في قضية كهذه.