العوامل المحيطة بالملف اليمني لم تعد تسمح باستمرار الحرب
24 مارس، 2016
618 9 دقائق
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
فجأة و دون سابق مؤشرات يكشف عن محادثات بين انصار الله و السعودية افضت الى تهدئة في الحدود، كان الغرض المباشر منها رفع الجثث للطرفين في الحدود، صاحب ذلك تغير في خطاب التحالف و في خطاب حكومة هادي و بدأت تتجه باتجاه تعبيد الطريق لحل سياسي.
تواصلت المشاورات باتجاه التمهيد لجولة مفاوضات قادمة ثالثة و ليعلن ولد الشيخ الليلة عن اتفاق جميع الاطراف على وقف اطلاق نار اعتبارا من العاشر من الشهر القادم يتبعها مفاوضات في دولة الكويت في الثامن عشر منه.
تصريحات ولد الشيخ تدل على ان هذا الاتفاق يمكن اعتباره عالي المستوى لأنه تم بالتباحث مع وزراء خارجية امريكا و روسيا و الكويت والسعودية والامارات و انصارالله .
ماتم الاتفاق عليه بعد وقف اطلاق النار هو التباحث حول الانسحاب من المدن و تسليم السلاح و التدابير الامنية و الحل السياسي و انشاء لجنة لتحرير الاسرى و المعتقلين.
هذه المرة نكون امام مشهد حل كامل شكليا على الاقل، و بالطبع ليس فيه جديد فمحور النقاط التي تم الاتفاق عليها هي ترجمة لمخرجات جنيف2 التي تم المماطلة فيها كثيرا من قبل العدوان و بالتبعية من حكومة هادي.
عوامل كثيرة هي التي اسهمت في حلحلة موقف تحالف العدوان تجاه الملف اليمني و نقلته من حالة الاعاقة المتعمدة لجلوس اليمنيين على طاولة فعالة لحل مشكلتهم الى العكس تماما.
سبق الحديث لأكثر من مرة عن هدنة و عن وقف اطلاق النار و لكن في كل مرة لم يكن ذلك الا للمراوغة و للاحتيال على الضغوطات الدافعة، باتجاه حل للملف اليمني، لكن هذه المرة؛ الأمر مختلف فالموعد اعلن عنه قبل فترة كافية للترتيب لوقف اطلاق النار، و كذلك الترتيب للجنة تراقب الالتزام به على الارض على خلاف المرات السابقة التي كان الحديث عن الهدن و وقف اطلاق النار مجرد حديث اعلامي دون عمل شيء على الارض، بل اعاقة اي توجه باتجاه عمل شيء على الارض.
جدير بالذكر ان هذه المرة تثبت ما كنا نتحدث عنه في كل المرات السابقة من زيف الحديث عن الهدن و وقف اطلاق النار فما سيتم من ترتيبات لوقف اطلاق النار هذه المرة دليل قاطع انه ما من هدنة دون هذه الترتيبات و طالما لم يتم التوجه لها في اي مرة من المرات السابقة، فذلك يعني ان التوجه للهدن و وقف اطلاق النار كان مخادعة في كل المرات السابقة.
تشكيل لجنة للإفراج عن الاسرى و المعتقلين هو الوضع الطبيعي الذي ظلت حكومة هادي تتهرب منه و تتمسك به بشكل معيق للمضي قدما في التفاوض السياسي من خلال تمسكها بالإفراج عن اسماء محددة و رفض الخوض في ملف الأسرى و المعتقلين كوحدة واحدة.
ذات الشيء فيما يتعلق بالانسحاب و تسليم السلاح و الترتيبات الأمنية فهذه هي الآلية التنفيذية لمطلوبات القرار الاممي 2216 التي نتحدث عنها منذ البداية؛ و أنه لا يمكن تنفيذ القرار الا بالتوصل اليها، و لم يكن اسلوب تحالف العدوان و حكومة هادي في الحديث عن تنفيذها دون التوصل الى آلية لهذا التنفيذ الا اسلوب اخر من اساليب الاعاقة للتقدم في الحل السياسي.
هذه المرة هي الاكثر منطقية و واقعية من بين كل المرات السابقة التي تم فيها الحديث عن توجه للحل السياسي للملف اليمني ومع ذلك لا يمكن الجزم كليا بنجاح ذلك.
و كل ما يمكن قوله الآن أن الكثير من العوامل المحيطة بالملف اليمني قد تغيرت بشكل لم يعد يسمح باستمرار الحرب في اليمن، و اصبح الحل السياسي الأكثر حظورا لدى الجميع، ويظل مستقبل الملف اليمني من الآن و حتى العاشر من الشهر القادم مفتوحا على كل الاحتمالات.