التحالف والمندوب الاممي يضعان اليمن في فوهة بركان مشتعل لالتهام الجميع
29 مارس، 2016
858 11 دقائق
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
كتب احد الصحفيين وهو المصنف بالصحفي الشاطر في بلاده ان ولد الشيخ يستحق التقدير لأنه قام ببناء مشروع متكامل يتضمن (انسحاب المليشيات ، تسليم الاسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة، التفاهم على ترتيبات امنية مؤقتة، تفعيل مؤسسات الدولة مع حوار عام بين اليمنيين، تشكيل لجنة تحل قضايا المعتقلين والسجناء) .. و للعلم هذه النقاط التعيسة في ترتيبها اعتبرها مشروع متكامل و ليست الا مجرد كلمات ” ثرثرة” تم ترديها من عدة اشهر من مختلف اطراف الصراع خاصة الطرف الموسوم بالشرعية، لكنها لا تتضمن مشروعا. و هذا الاخير له قواعده وحيثياته.
و هنا لا نجد سياسات ولا اجراءات و لا نجد ثوابت محل اجماع تشكل قناعات ينطلق منها الجميع ولم يحدد روزمامة زمنية لمشروعه ولا اليات ضامنة .. اذا نحن ازاء رغبات و تمنيات لا يمكن اعتبارها مشروع ولا خطة اولية.
في سياق مجتمع تنهار فيه مقومات الدولة والمجتمع؛ فالخطوة الاولى لأي مشروع حوار لابد انقاذ الدولة والمجتمع من خلال ايقاف فوري وشامل لكل العمليات العسكرية من الخارج والداخل تأسيسا لإعادة الاعتبار للدولة .. ثم ينطلق المشروع من تنفيذ قرارات مجلس الامن خاصة 2216 او على الاقل الانطلاق في المفاوضات من مقدمة جديدة يتم الاتفاق عليها تتضمن الاقرار بالنظام الجمهوري و مؤسسة الدولة التي تعتبر وحدها حاملة للسلاح مع تمكينها من تفعيل مؤسساتها والياتها القانونية والافراج عن المعتقلين فورا كإجراء لتدعيم الثقة اللازمة للحوار القادم.
اما جعل المعتقلين والسجناء كورقة مساومات فهذا مثير للسخرية لأن المواطنين الابرياء يتحولون الى أوراق سياسية تمنح الاطراف المتصارعة غنيمة، وهي متاجرة علنية بالبشر مثلما سبقها قتلا علنيا لأهلهم واخوانهم في عموم المدن.
و اذا ما تم الاعتراف بالدولة كممثلة للمجتمع فوحدها تحتكر السلاح الذي يجب ان يتم تسليمه ومنع اي تشكيلات مسلحة مستقلة او تابعة لاحزاب وهو تفعيل لنص الدستور والقوانين النافذة.
و مع الاقرار بعودة الدولة ومؤسساتها فلامجال لكل المظاهر المسلحة في المدن وغيرها من التجمعات السكانية، لأن اجهزة الدولة يجب ان تعود وهو امر يأخذ مستويين، الأول توقيف كل من شارك في العمليات العسكرية، و الثاني تمكين من لم يشارك في القتال بان يكون في موقعه داخل المدن و في اقسام الشرطة و الوحدات العسكرية المختلفة، مع الاشارة الى ضرورة اعادة هيكلة مؤسستي الجيش والامن، بل و تأسيس جيش و أمن جديدين وفق عقيدة وطنية خارجة عن الانتماء الحزبي والجهوي والمذهبي.
اما الترتيبات الأمنية المؤقتة فهذا يعني استمرار مظاهر السلاح والجماعات في مربعاتها التي قسمت العاصمة ومختلف المدن الاخرى، و معناه ايضا ان وجودها كجماعات ذات جاهزية قتالية تنطلق لإعادة الفوضى حال اول اختلاف بين المتحاورين وهم في الاصل يتحاورون على حصص ومغانم وليس على مصلحة وطنية.
و هذا التعبير الغامض (ترتيبات امنية) يثير عدم الحديث عن القيادات المشاركة في الاقتتال والتي كانت تصدر اوامرها بقصف المدنيين وهو امر لابد من اثارته كمدخل للعدالة الانتقالية، التي تتطلب اخراج المتسببين في القتل من تولى اعمال ذات شأن عام في جهاز الدولة حتى ينتهي التحقيق الذي يجب ان تتشكل له لجنة في اول جلسات الحوار.
بشكل عام المندوب الاممي لم يأتي بجديد والاجدر به اما دعوة الاطراف للحوار من البداية دون شروط مسبقة تحت مظلة الدولة ودستورها ومشروعيتها او تحت مظلة قرارات مجلس الامن ومخرجات ما تم الاتفاق عليه من حوارات سابقة.
أما ما ورد في كلام الصحفي واعتبره مشروع فهو مجرد كلمات يريد المندوب الاممي تسويقها كمشروع للحوار حتى يحظى بموافقة مجلسه غير الموقر و تسجيل انجاز له في مهمته التي لا تشير الا الى الفشل حتى في البعد الانساني والاغاثي.
و للعلم موافقة اطراف الصراع لا يتضمن سوى كسب الوقت والاحرى بالوسيط الاممي ان يعلن عن جولة حوار قادمة تنطلق من قاعدة انهاء كل المعارك الحربية والاقتتال من الداخل والخارج وتفعيل مؤسسة الدولة التي لها مشروعية تمثيل اليمن و التعبير عنه كمجتمع وامة .. ثم يكون الحوار المتتابع على مختلف قضايا الترتيب السياسي لشكل النظام السياسي ومظاهره وسياساته المختلفة.
لكن دون اجراءات ثقة تظهر في اخلاء سبيل المعتقلين جميعا والتسليم بوحدة الوطن والدولة والاغاثة السريعة لملايين المواطنين؛ فإن التحالف والمندوب الاممي يضعان اليمن في فوهة بركان مشتعل ليلتهم الجميع خاصة وان كل مؤشرات انفجاره معلومة للجميع..؟