قرارات اليوم ليست بريئة و بشخوص المعينين و شخصية المقصي و توقيت التعيين و الاقصاء يمكن الجزم ان هذه القرارات جاءت كخطوة على مسارين، المسار الاول: العملية السياسية المقرر ان تستأنف في الكويت في منتصف الشهر الجاري، و المسار الثاني: المسار السعودي الاماراتي.
وجه هادي الليلة لكمات ثقيلة لأي عملية سياسية ستتم لترميم الشرعية، فمن عينه نائبا له هو شخص معروف بأن له خصومة حادة مع اطراف صنعاء “انصار الله والمؤتمر”، كما ان من عينه رئيس للوزراء هو شخصية منشقة من المؤتمر الشعبي العام اصبحت تحضى بنفور كبير من المؤتمر الشعبي العام، كما ان الظرف الذي تمر به البلد لا تسمح بأن يستكمل الاجراءات الدستورية ليستحق المنصب الذي عين فيه، و التي منها توافق القوى السياسية عليه تبعا لاتفاق السلم و الشراكة، و كذلك نيل ثقة مجلس النواب، و الأهم مما سبق هو اقصاء رئيس الوزراء كان هو الذي يحظى بالصفة الدستورية لشغل المنصب باعتباره وصل الى منصبه بتوافق جميع القوى السياسية في البلد و حظي بثقة مجلس النواب التي تلزم من يشغل منصب رئيس الوزراء ليمارس مهامه.
كان هادي قد اقصى محسن من منصبه كقائد لأحد المناطق العسكرية و قائدا للفرقة الاولى مدرع ضمن ما عرف بهيكلة الجيش وعينه مستشارا عسكريا له وهو ما يجعل تعيينه خطوة تمثل تراجع عن واحدة من اهم خطوات التوافق التي قام بها هادي سابقا تنفيذا لالتزاماته بموجب المبادرة الخليجية.
كان بحاح الورقة الأكثر حظا لتكون مرتكز تقارب في اي حل سياسي قادم و الاطاحة به يعني استباق مفاوضات الكويت بمزيد من التعقيد المترتب على اقصائه، و اذا اضفنا تعيين محسن نائبا و بن دغر رئيسا للوزراء، فيمكن اعتبار ذلك خطوة قد يترتب عليها الاطاحة بالمفاوضات مسبقا، فقد وضعت امام الوصول اليها ثلاث معوقات ليست بالعادية.
في المسار الاخر وهو مسار الدور السعودي الاماراتي في الملف اليمني تمثل هذه القرارات اعلانا لحالة احتقان باتت كبيرة بين السعودية والامارات، و هو الاحتقان الذي بدى واضحا من خلال التسريبات غير الرسمية فيما يتعلق بحادثة اسقاط الطائرة الاماراتية، كما بدأ اكثر وضوحا من خلال اغلاق التفاهمات بين السعودية و انصار الله وعدم اشراك الامارات فيها بل تعمد ان لا تحاط الامارات بأي تفاصيل عنها، و بقرارات اليوم يكون هذا الاحتقان خرج الى العلن بالإطاحة ببحاح الذي كان يعتبر خط الامارات في الملف اليمني و استبداله برجلين محسوبين على الخط السعودي احدهما و اهمهما كشخص و كمنصب وهو محسن ستنظر الامارات تعيينه ضربة لها في الترتيبات للبيت اليمني، التي كانت تعول ان يكون لها دور فيه عن طريق بحاح الذي اصبح بهذه القرارات خارج اللعبة ما يعني ان الامارات باتت هي ايضا خارجها، و هو امر لن تهضمه بالنظر للتضحيات البشرية و العسكرية و المالية و السياسية التي قدمتها في الملف اليمني.