عقل البداوة والتعصب بمرجعيته الجهوية والمذهبية لا يسمحان بحضور الحكمة او المنطق في الخطاب العام او الخطاب السياسي .. و إلا .. نظرة واحدة لما يحدث – وحدث سابقا- في المحيط العربي من العراق وسوريا وليبيا وسابقا لبنان ليدرك المرء يقينا عدم جدوى استخدام السلاح في قضايا وطنية وسياسية متعددة بمساراتها، و بخيارات تتطلب توافقات تحفظ وحدة البلد واستقراره .. لكن العقلية المريضة بالتعصب هي قرينة الفخر والغرور بالجهل كمال احدهم (لأجهلن فوق جهل الجاهلينا)) و هو تعصب مبني علي غياب المعرفة بممكنات الواقع وطبيعته الاجتماعية السياسية و بطبيعة المرحلة الزمنية والمخاطر المحدقة بالدولة والمجتمع ..
و لأننا في زمن الديمقراطية، و كانت البدايات قد حاولت ان تتشكل في حوارات وانتخابات .. هنا وجب على الجميع اعتماد نفس الاجراءات المنهجية وفق قواعد محددة بدستور وقوانين لا تجعل من البلد رهينة للتعصب ولا ساحة لصراع الاخرين و لا يفكر طرف بأنه وحده من سيمتلك السلطة والثروة او سيؤول الحكم له وحده بأزعومات وهمية مفارقة للواقع.
اللبنانيون بعد تدمير استمر 15 عام للمجتمع بكلفة بشرية واقتصادية عالية عادوا الى الحوار والعيش المشترك .. فلماذا لا نتعلم من دروس الاخرين ومن التاريخ، مع ان اهم علماء التاريخ العرب يؤكد في مقدمته ان اهمية التاريخ انما تكون للعبر واخذ الدروس والحكم من مسارات سابقة.
لايزال الوقت في صالح اليمن واليمنيين .. ومزيدا من التعصب وانزلاق البلاد نحو حرب واسعة لن تبقي مبرر واحد للحديث عن دولة ومجتمع بل سيكون الحديث عن دول متعدد ومجتمعات متعددة ايضا وهو امر قد يدعمه الخارج الراغب في مزيد من تدمير اليمن وتخريب مجتمعهم وتاريخهم لتغييبهم عن المستقبل.
اليوم يجب ان يكون الحل بعودة الدولة وتفعيل مؤسساتها بنظام جمهوري مدني وان يتفق المتحاورون على عدم تسيس الدين او احتكار الحديث عنه او الخطاب باسمه.
الوطن للجميع والدولة والسياسة للجميع وفق قوانين وممارسات مشروعة بعيدا عن السلاح والتعصب القبلي والمذهبي.
الوطن والدولة مجالات للتعاون السياسي وللصراع ايضا بأدوات ديمقراطية حتى لو نتعلمها من ابجديتها، افضل من ان نفتخر بالقتل والتدمير والتفريط بالسيادة نحو تحالفات لا تخدم الشعب والوطن.
انظروا الى جيران اليمن كيف يعيشون..؟ فهل اليمن اقل قيمة من هؤلاء ام ان نزق النخب السياسية وطمعها بالسلطة وتبعيتها للخارج ينجم عنه مزيدا من التخريب والتدمير بهوس مرضي يتعلق بخيالات الاستملاك للدولة والمجتمع وقهر الاخرين …؟